تصادف احتفالات مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حلول رأس السنة الميلادية «الكريسماس»، لتخرج بعض الأصوات السلفية المتشددة معلنة حرمة إحياء الذكرى النبوية العطرة، وأخرى وسطية متمثلة في الأزهر ودار الإفتاء، ترى مشروعية الأمر، ومنابر مسيحية ترفض الاحتفال بالكريسماس؛ كونه من أفعال الجاهلية. رأت الدعوة السلفية التي يترأسها محمد عبد الفتاح أبو إدريس، عدم جواز الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ بزعم أنه لم يرد في القرآن الكريم، ولم يفعله الصحابة الكرام. وقال عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي للدعوة، إن الاحتفال بميلاد النبي محمد، يكون بصيام يوم الاثنين من كل أسبوع، لا بشراء الحلوى والعرايس. ورغم كل الحجج التي تطرحها الدعوة السلفية لإقناع الغير بأن الاحتفال بالعام الجديد ومولد المسيح حرام شرعًا، لا يمكن نسيان أن نادر بكار، المتحدث الرسمي لحزب النور الذراع السياسي للدعوة، هنأ المصريين مسلمين وأقباط ببداية العام الماضي، قائلًا في تدوينة عبر حسابه الرسمي بموقع «تويتر»: «أدعو الله أن يجعل العام الجديد عام خير لكل المصريين؛ وأن يحفظ بلادنا من كل سوء وفتنة». ومن جانبه، قال الشيخ ابن عثيمين، أحد كبار مشايخ السعودية، إن تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، ولا يجوز أن نقول لهم «عيد مبارك عليك»، مؤكدا أن تهنئتهم من الكفر والمحرمات، وأشد مقتًا من شرب الخمر وقتل النفس. وفي السياق، لم تحرم جماعة الإخوان، تهنئة الأقباط بأعيادهم، فتقدمت بالتهنئة للمسيحيين بمناسبة مولد المسيح عليه السلام، وأكدت الجماعة في بيان لها يوم 28 ديسمبر 2011، أنها قررت تشكيل لجان شعبية من الإخوان المسلمين للمشاركة في حماية الأقباط أثناء احتفالاتهم. وقالت الجماعة في بيانها: «قرَّر الإخوان المسلمون إيفاد وفد رفيع المستوى، برئاسة الدكتور محمود عزت، نائب فضيلة المرشد العام؛ للقيام بواجب التهنئة في هذه المناسبة الجليلة، وقد أمرنا رب العزة أن نبرَّهم ونقسط إليهم». ومن جانبها، أكدت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، بألفاظ لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، قائلة: «التهنئة تندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق». وأوضحت الفتوى أن الإهداء وقبول الهدية من غير المسلم جائز أيضًا، مؤكدة أن النبى، كان يقبل الهدايا من غير المسلمين، فورد عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال «أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل، وأهدت له الملوك فقبل منها». وزادت الفتوى أن علماء الإسلام فهموا من الأحاديث النبوية أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مشروعة أو مستحبة، لأنها من باب الإحسان، وإنما لأنها سنة النبى صلى الله عليه وسلم، كما أجازت دار الافتاء، الاحتفال بالمولد النبوي، بل وأحلت ما يفعله المسلمون من شراء الحلوى والتهادي بها، ورأت أن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، ويهدف إلى إدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم. وفي مطلع العام الجاري، قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إنه يستبشر بهذا العام خيرًا؛ لتوافق ذكرى المولدين «سيدنا عيسى عليه السلام، ونبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم»، موضحا أن هذه الأعياد دلالة على الأمن والخير والبركة المنتظرة لمصر والعالم. في كلمة نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، انتقد البابا فرانسيس بابا الفاتيكان الاحتفال بعيد الميلاد، واصفا إياه ب«الجاهلية»، وأنه صورة زائفة تصور حكاية خرافية مائعة، لا وجود لها في الإنجيل، على حد تعبيره.