بعد الحرب العالمية الثانية طفت ظاهرة الإرهاب علي السطح في الكثير من بقاع الأرض. ولكنها في الغالب تتمدد في البلدان الغنية أو الاستراتيجية. وتتقلص في أضيق الحدود ببلدان أخري. وكأنه إرهاب انتقائي. واللافت للنظر أن التعامل مع مفرداته من الكبار والمنظمات الدولية يتأرجح ما بين الترك أو الاجهاد أو الكبت أو المواءمة طبقاً للارتباط بالمصالح. وأهمية البلد المعتدي عليه. وتثبت الوقائع الدامغة أن الإرهاب يحقق أغراضاً جزئية لداعميه. إلا أن النهايات في الغالب ما تكون قاتمة. وفي معظم الأحيان ينقلب السحر علي الساحر وتفلت الأمور خاصة عندما تتعارض المصالح وتختلف الرؤي. وكثيراً ما حاولت البلاد التي اكتوت بنار الإرهاب أن تضع تعريفاً عالمياً له. بل وتجريمه. ومحاسبة من يتورط في دعمه. إلا أن التوافق علي تسميته وتوحيد مفهومه. لم يتم التوافق عليه دولياً إلي الآن. وكأن هناك قوي خفية تدعم وجوده خلف الستار. ليظهر في أوقات محددة ويتواري في أوقات أخري. لخدمة مصالح معينة ويبقي السؤال الصريح. إلي أي مدي تظل مقدرات بعض البلاد عرضة للاغتصاب والنهب والسلب دون رادع أو ضمير حي؟! وإذا كانت الإجابات كلها تبدو مبهمة عن صناعة الإرهاب. وصانعيه ومموليه وداعميه. فضلاً عن تعريفه. تظل هناك وسائل كفيلة بالحصول علي بعض الإجابات عن هذه الأسئلة التي تتعلق بمقدرات الشعوب ومصائرها. فالإرهابيون ولا شك يحاربون بأسلحة تم تصنيعها في دولة ما. ومن ثم تشير هذه الأسلحة إلي الدول المصدرة للأسلحة الإرهابية. ولكي يستخدم الإرهابيون هذه الأسلحة فإنهم يحتاجون إلي تدريب عليها. ومن ثم فهناك خبراء ومدربون من مكان ما قاموا بتدريب الإرهابيين علي الأسلحة. وقبل الأسلحة لابد من تمويل كبير يسمح بامتلاك أسلحة وقدرات تخابرية. وتجنيد أفراد وغير ذلك من إمكانات لا يمكن لشخص واحد أو مجموعة صغيرة من الأشخاص امتلاكها. وإذا تأملنا الدول التي وقع الإرهاب علي أراضيها. وجدناها دولاً كبري مثل أمريكا وفرنسا. مثلاً أو دولاً أوروبية كبلجيكا. وكلها دول تمتلك أجهزة مخابرات كبيرة وقادرة علي تتبع مصادر الإرهاب وجذوره ومصادر تمويله وتسليحه. لكنها لا تعلن لنا إلا القليل. وخير دليل علي ذلك هو إبقاء المخابرات الأمريكية علي أجزاء من تحقيقات أحداث 11 سبتمبر طي الكتمان حتي الآن فلماذا؟ ولكي نصل أو نقترب من الحقيقة علينا أن نؤكد أن القضاء علي الإرهاب لا ينجح إلا بالقضاء علي مصادره. ومن هنا علينا أن ندرك أن الأفكار هي المصدر الأول والأساسي للإرهاب. تلك الأفكار التي تصنف باعتبارها مناهضة لسياسات تكيل بمكيالين. أو ذات طبيعة دينية متطرفة. أو تناهض الحكومات عن حق أو عن باطل. وبالتالي فإن القضاء عليه يتطلب في المقام الأول الالتفات إلي أسبابه. كوسيلة استباقية قبل أن يزداد انتشاراً.