لاشك أن لكل عيد أو احتفال مغزي ومعني. وفي عيد العمال تتداعي معان ومضامين متعددة. من أهمها: 1 تكريم الإسلام للعمل والأيدي العاملة. فعندما أمسك "صلي الله عليه وسلم" بيد أحد أصحابه فوجدها خشنة من أثر العمل. قال: "هذه يد يحبها الله ورسوله". وقال "صلي الله عليه وسلم": "خيركم من يأكل من عمل يده. وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده". وقال "صلي الله عليه وسلم": "من أمسي كالا من عمل يديه أمسي مغفوراً له". وكان "صلي الله عليه وسلم" يقول: "لأن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه" "صحيح البخاري". ولما جاء أحد الناس يسأله قال له "صلي الله عليه وسلم": "أما عندك شيء؟ قال: ما عندي. قال: فأذهب فأت بما عندك من شيء. فرجع الأنصاري فلم يجد إلا حلسا وقدحا. فأتي بهما النبي "صلي الله عليه وسلم" فقال: "هذا الحلس والقدح كل شيء كان عندنا. أما الحلس: فكانوا يفترشون طائفة منه ويلبسون طائفة. وأما القدح: فيشربون به. فقال النبي "صلي الله عليه وسلم": من يشتري مني هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: آخذهما بدرهم قال النبي "صلي الله عليه وسلم": من يزيد علي درهم؟ فقال رجل: أنا آخذهما باثنين. قال: هما لك فأعطاهما فقال: اذهب فاشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إليهم. واشتر بأحدهما فأسا ثم ائتني به. ففعل ذلك فأخذها نبي الله "صلي الله عليه وسلم" بيده. فقال: هل عندك نصاب أثبتها؟ قال: لا. والله ما هو عندي. فقال بعض القوم: بأبي وأمي عندي نصاب عسي أن يوافقه. فقال: إئت بها إن شئت. فأتي بها. فأخذ نبي الله "صلي الله علي وسلم" الفأس فأثبتها في النصاب. ثم دفعها إلي الأنصاري. فقال له رسول الله "صلي الله عليه وسلم": أذهب بهذا الفأس فحطب ما وجدت من شوك. أو حطب. ثم احتزم حزمتك. فأت بها السوق فبعها بما قضي الله لك. ثم لا تأتني ولا أراك خمس عشرة ليلة. فجعل الرجل كل يوم يغدو فيحطب. ثم يجيء بحطبه إلي السوق فيبيعه بثلثي درهم. حتي أتت عليه خمس عشرة ليلة. فأصاب فيها عشرة دراهم. ثم أتي نبي الله "صلي الله عليه وسلم" فقال: يا نبي الله قد جعل الله في الذي أمرتني به بركة. قد أصبت في خمس عشرة ليلة عشرة دراهم. فابتعت بخمسة دراهم للعيال طعاماً. وابتعت لهم كسوة بخمسة دراهم. فقال رسول الله "صلي الله عليه وسلم": هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي دم موجع. أو غرم مفظع. أو فقر مدقع". ويقول الحق سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" "الجمعة: 109". ويقول سبحانه: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" "الملك: 15". ويقول سبحانه: "وقل أعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" "التوبة: 105". والعمل هنا شامل لكل ما هو من عمل الدنيا أو عمل الآخرة. ولم يطلب الإسلام مجرد العمل. بل أكد علي إتقانه. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إن الله "عز وجل" يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" "رواه الطبراني". 2 عيد العمال الحقيقي في توفير فرص عمل وفرص استثمار تتيح فرص العمل. وهو ما تسعي الدولة جاهدة إليه وتعمل علي تحقيقه من خلال المشروعات القومية الكبري التي توفر فرص العمل الجاد لأبناء الوطن الجادين. وهو ما يتطلب الحرص علي الأمن والاستقرار. والوقوف بالمرصاد في وجه دعاة الفوضي. ومن يعملون علي تعطيل مسيرة الوطن. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فقال رجل: يا رسول الله. أنصره إذا كان مظلوماً. أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال "صلي الله عليه وسلم": "تحجزه. أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره" "صحيح البخاري". 3 العيد الحقيقي هو أن نعمل علي أن تصبح منتجات عمالنا علامة فارقة مميزة في مجال الصناعات في الداخل والخارج. بحيث يري العامل ثمرة عمله. فيعتز بها. ويقطف ثمارها. ويعتز الوطن به ويجني معه ما يعود بالنفع والخير والرقي علي أبناء الوطن جميعاً.