يعد الحق في الحصول علي المعلومات من الحقوق الأساسية التي أولتها المواثيق الدولية أهمية قصوي لما للمعلومات من أهمية في تمكين المواطن ومكافحة الفساد وتحسين الأداء الحكومي وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وأيضاً تحسين مناخ الاستثمار. هذا ما كتبه الدكتور ماجد عثمان مدير المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" في مقدمة التقرير الأول من نوعه الذي يصدر في مصر بعنوان حالة المعلومات في مصر نحو تفعيل الحق الدستوري ونوقش التقرير في مؤتمر عقد بالقاهرة منذ أيام تحت عنوان "نحو اتاحة المعلومات للجميع" بالتعاون مع مبادرة الاصلاح العربي ومديرتها الدكتورة بسمة قضماني. وسوف نتناول جزءاً مما كتبته في تقديمها للتقرير في الجزء الثاني من المقال. قيمة التقرير تكمن في أنه استند الي استطلاع لرأي النخبة في مصر حول حرية تداول المعلومات وفوائدها ثم استند الي بحث وتقييم لمدي اتاحة المعلومات في 7 وزارات خدمية من خلال مواقعها الاليكترونية. وتكمن أيضاً أهمية التقرير في أنه صدر في توقيت مناسب كاستجابة من ناحية لنص المادة 68 من الدستور التي اعتبرت المعلومات ملكا للشعب وكفلت حق كافة المواطنين في الحصول عليها دون تمييز ومن الناحية الأخري قبيل بدء أعمال مجلس النواب المسئول عن تحويل مواد الدستور الي واقع عملي من خلال صياغة التشريعات والقوانين. رصد التقرير حرية تداول المعلومات في مصر قبل أن يترجم مجلس النواب نص المادة 68 من الدستور الي قوانين تنظيم عملية الحصول علي المعلومات وضوابطها. كان النقاش في المؤتمر ثرياً وتفاعلياً بين المسئولين من الحكومة وإدارة المؤتمر والحضور من مهتمين بالشأن العام ومن فنيين كما قدم مشاركون من فلسطين ولبنان وتونس والأردن تجارب بلدانهم في حرية تداول المعلومات وكانت تونس الأفضل بشهادة الحضور. بعض الحضور أبدي نوعاً من القلق خوفاً من أن تضيع المكاسب التي حققتها المادة 68 من الدستور عند صياغة القوانين التي تنظم وتضمن حرية تداول والحصول علي معلومات كما يحدث دائماً عندما يقيد القانون واللوائح التنفيذية نصوصاً رائعة في الدستور ويتم تفريغها من مضمونها. كشفت المناقشات أن القصور ليس فقط في اتاحة المعلومات للمواطنين ولكن هناك مشكلة في تبادل المعلومات بين الوزارات وبعضها البعض في نفس الحكومة. فقد تطلب وزارة معلومات وبيانات لتبني عليها سياساتها من وزارة أخري ولا تحصل عليها. أكد المؤتمر علي احترام حق الدولة في حجب المعلومات التي تضر بأمنها القومي لكن الجميع طالب بضرورة وضع تعريف واضح ومحدد لمفهوم الأمن القومي حتي لا يتم استخدام الأمن القومي كشماعة لمنع تداول أي معلومات حتي التي لا تضر بأي شيء. كشفت المناقشات أيضاً أن هناك 102 دولة في العالم لديها حرية تداول المعلومات وأن الدول العربية تحتل مراتب متأخرة جداً في هذا المجال رغم توقيع أغلبها علي مواثيق دولية في هذا المجال. الواقع يثبت أن الثقافة السائدة في عالمنا العربي تلعب دوراً إضافياً في الحد من حرية الحصول علي المعلومات وليس نظرة الجهات الحكومية فقط والتي تنظر للمعلومات علي أنها مصدر قوة يجب الاحتفاظ به وعدم اتاحته للجميع حتي لا يستخدم ضدها ويكشف قصورها. كانت الخلاصة في هذه المسألة هي أن الذي يحمي الأمن القومي لأي بلد هو توفير المعلومات واتاحتها لأكبر قدر ممكن من المواطنين وليس منعها عنهم.. فمنع المنع تكثر الاشاعات ويسود عدم اليقين بين الناس وتنهار ثقتهم في حكوماتهم. والحل الناجح أمام الحكومات هو اتاحة المعلومات وفي وقت سريع وسهل حتي لا يضطرون للبحث عنها لدي مصادر أخري عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات التي أصبحت ميسورة أمام الجميع وقد تكون هذه المصادر معادية للدولة. والي الجزء الثاني