رعايةسنة نبينا الكريم سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه سواء بالحفظ أو الكتابة أو التفسير أو التبليغ أمر لا يمنح إلا لمن يستحقه. ولا يعطي لمن أراد أن يكتب فقط وإنما يعطي لمن اختارتهم العناية الإلهية لذلك. كما انها لا تتاح لمن قرر ان يقدم عليها. وإنما للمتواضعين أمام الجانب النبوي صلوات الله وسلامه عليه. العارفين لقدره. المبتهلين الي الله سبحانه وتعالي لأن يكونوا من خدمة سنة رسوله فيتكرم المولي سبحانه وتعالي عليهم بهذه المنة مصدقاً لقوله تعالي: "اقرأ وربك الأكرم" فالمولي سبحانه وتعالي- كما يقول السادة العلماء.. من هنا وجدنا أصحاب العطاءات الربانية بين فترة وأخري نطلق عليهم أحياناً المجددين ونطلق عليهم العارفين ونطلق عليهم العباقرة أياً كان فهم يأتون كشمس في زمانهم تظهر من كل مكان وتبدو لكل ناظر كذلك الذين اتجهوا إلي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بالمدح وتناول فضله من الشعراء ليقترن اسمهم في مديحه باسمه وليقفوا في صفوف محبيه علهم ينالوا شفاعته. لم يستطع شاعر أن يمدحه إلا بعد ان منحه الله هذه المنحة. ولا يصل إلي هذه المنحة إلا المتواضعون تواضعاً خاصاً يتراجع أمامه فخر الشعراء بإبداعهم وتطاول القوالين ببيانهم.. نذكر في ذلك ما كان من أمير الشعراء أحمد شوقي شاعر العربي الأكبر علي رأي بعض النقاد والباحثين الذين يرون فضله فوق المتنبي.. حيث قرر أمير الشعراء وهو يتيه بملكته الشعرية. وقدرته اللغوية ان يكتب عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. مؤكداً انه سيأتي بقصيدة لم يأت بها من سبقه. بل رأي أنها ستكون أفضل من قصيدة البوصيري تحديداً ثم جلس يكتب ففشل فشلاً ذريعاً. لم يقبله في أول الأمر ولم يعترف به لكنه الفشل تكرر مرات ومرات كلما حاول أن يكتب وفي نفسه ما فيها من الأنا العليا ونرجسية الشعراء الممسكين بزمام اللغة وموسيقي الشعر. هنا أدرك أمير الشعراء انه في مأزق حقيقي فاتجه الي بعض العلماء الذين يري فيها اخلاصاً يسألهم عن سر عجزه هذا. وهو من هو في مجاله فقال له: انك قد تستطيع ان تكتب عمن تشاء بعضلاتك الشعرية وقدرتك البلاغية فإذا أربت ان تنال شرف الكتابة عن رسول الله فعليك بتواضع العارفين بقدر من تكتب عنه لا بنرجسية الشعراء. وبانكسار الضعفاء الراجين ربهم ان يمنحهم هذه المكانة لا بعنجهية القادرين علي زمام الشعراء المالكين لعروضه.