لم اتجاوز حين قلت ان أعظم شاعر مدح الرسول عليه الصلاة والسلام هو أمير الشعراء احمد شوقي.. ست قصائد كتبها شوقي في الرسول تبدأ بنهج البردة ثم ولد الهدي. ثم إلي عرفات الله وسلو قلبي.. لقد اكتسبت قصيدة البردة للإمام البوصيري أهمية كبري عند الصوفية وهم يتبركون بها ولهذا فإنها لا تحسب فقط كقصيدة شعر ولكنها إحدي نفحات الإمام البوصيري رضوان الله عليه خاصة انها كانت سببا في شفائه من الشلل حين رأي الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وهو يلقي عليه بردته الشريفة وقد مضي الآن ثمانون عاما علي رحيل احمد شوقي ورغم ظهور مئات الشعراء في هذه الفترة إلا ان شوقي ظل متربعا علي قمة الشعر العربي وبجانبه المتنبي. والغريب ان هناك مساحة من الزمن بين المتنبي وشوقي تزيد علي ألف سنة وبقيت القامتان هما الأعلي في مسيرة الشعر العربي.. كان البعض يقارن عادة بين شوقي وحافظ وكان الأول أمير الشعراء بمبايعة عربية شاملة وكان الثاني شاعر النيل وكانت المنافسة بينهما شديدة وإن كنت اعتقد ان فارق الثقافة والمسرح الشعري وحجم الموهبة وضع شوقي في الصدارة.. حاول حافظ إبراهيم ان يناطح شوقي في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام ولم ينجح فكتب رائعته الخالدة العمرية يتحدث فيها بصدق شديد عن عدالة سيدنا عمر رضي الله عنه كنموذج إنساني رفيع ويزيد عدد ابياتها عن 200 بيت كانت قمة في الصدق والتناول واللغة الشعرية.. ان البعض يفضل وطنيات حافظ عن شوقي بينما تقف قصائد شوقي عن الوطن خاصة في سنوات نفيه للأندلس شهادة عشق وانتماء. المهم ان ذكري شوقي وهي تطل علينا هذه الأيام كان ينبغي ان تكون مناسبة للحفاوة والتكريم بأمير الشعراء ولكن السياسة أفسدت علينا كل شيء ويكفي ما تفعله الفضائيات بنا كل مساء حيث انتشرت فيروسات التخلف الفكري والعقلي مع البرامج واللقاءات التافهة ونسيت جميع الفضائيات ان تحتفي بشوقي في ذكراه و لا أدري متي يتخلص الإعلام المصري من عشوائية الفكر وغياب الذاكرة. * نقلا عن صحيفة الاهرام