قال قائل - منهم ذات يوم: تضيع سيناء ولا تضيع عقيدتنا!! وعلي المنوال نفسه وفي مناسبة ذات صلة بمناسبة القول السابق قال أيضا واحد منهم: انه صلي ركعتين شكرا لله بمناسبة الهزيمة في سيناء 1967. في المقابل وعلي النقيض قال الزعيم المصري العربي الخالد جمال عبدالناصر بعد احتلال شبه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 6% من مساحة مصر. قال: سنحررها شبرا شبرا ولو تركنا علي كل شبر شهيدا.. وقال السادات عن المستوطنات الإسرائيلية التي كانت في سيناء فليحرقوها وحين أثاروا ضجة تراجع وقال: فليحرثوها!! أما الرئيس عبدالفتاح السيسي فقال منذ ايام وبعد عدوان العريش في يوم الخميس الماضي: نموت وتبقي سيناء مصرية وفي صياغة أخري قال ايضا: لن نترك سيناء لأحد إما ان تبقي للمصريين أو نموت واقواله العديدة في الايام الأخيرة وبالذات منذ الخميس الأسود جديرة بالتسجيل والقراءة والاستعادة بما فيها اقوال تستحق من موقع الوطنية الخالصة ان تراجع بمودة وان يجري "بضم الياء وفتح الراء" حولها نقاش علي بساط من المحبة الوطنية والمودة المصرية واليوم علينا ان نؤجل مثل هذا الحوار دون ان ننساه وذلك من موقف حدده كاتب وشاعر فلسطيني هو خالد أبوخالد بقوله: المثقف الحقيقي هو الذي لا يضيع بوصلته ولا يغرق في التفاصيل عندما يكون الوطن مستهدفا علينا الاصطفاف تحت سقفه لكي نقاتل وكل يقاتل بأدواته. في مثل هذه الحالة يجب ان يحمل كل سلاحه وان يشرعه بقوة ودون لحظة من تردد ولعلنا هنا نستعيد أيامنا المجيدة في أكتوبر ونوفمبر 1956 وفي 9 و10 يونيو 1967 ومن السادس إلي 24 أكتوبر 1973 و25 يناير 2011 و30 يونيو و3 يوليو 2013 تلك ايام تاريخية مجيدة وفاصلة وحاسمة وتستحق ان تكون أمامنا اليوم بدروسها وبطولاتها وانجازاتها ومن موقع الايمان بأن ما حققناه أمس لن نعجز عن تكراره اليوم فمهما تكن المواجهة صعبة وشرسة وطويلة كما وصفها الرئيس السيسي لكننا سننتصر والنصر هنا صبر ساعة قد نعدها بالأيام أو بالأسابيع أو بالأشهر ربما تكون بضع سنوات لا أكثر وليست اطول مما بين عدوان يونيو 1967 وهزيمته المرة وحرب 1973 ونصرها المجيد. التسوية والإرهاب ولعل ما سبق ذكره من احداث محددة منذ 1956 إلي اليوم يضع حربنا ضد الإرهاب باسم الدين في اطار أوسع ويضع "حرب سيناء الحالية" في اطارها العسكري الحقيقي من حيث كونها جزءا أصيلا من الصراع العربي - الصهيوني ولعل الرئيس السيسي قد أراد ان يبعث برسالة ذات مغزي إلي كل من يعنيه الأمر حين كرر في ايام قلائل القول بأن تسوية عادلة لقضية فلسطين تكون نهاية للإرهاب في المنطقة وهنا علينا ان نعود إلي ما قبل 1956 والعدوان الثلاثي وحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن جوريون أمام الكنيست عن تحرير أرض الآباء الغربية.. يعني سيناء قبلئذ وفي جولة 1948 وصلت قوات العدو إلي العريش وعبر تاريخ طويل تحدث صهاينة كثيرون عن سيناء كجزء من إسرائيل الكبري ومن أسف اننا نكاد نهمل ذلك وننساه ونقف اليوم فقط ضد الاخوان الارهابيين وما يرتكبونه من جرائم باسم الدين وكأنه لا توجد رابطة تجمع هذا مع ذاك علما بأن هناك وقائع محددة ومسجلة حول هذه الروابط والعلاقات ولا يجادل أحد في علاقة الشيخ شكري مصطفي مؤسس جماعة المسلمين المعروفة اعلاميا باسم جماعة التكفير والهجرة مع جماعة الاخوان المسلمين وانه خرج من عباءتهم وتربي علي ايديهم وفي كتابه "ذكرياتي مع جماعة المسلمين" ذكر عبدالرحمن ابوالخير ان الشيخ شكري طرح فكرة سماها "العمل من خلال خطة العدو" والتي تصل إلي حد انه إذا وجد اليهود لهم مصلحة في اقامة الخلافة الاسلامية فإنهم يقيمونها!! ويورد أبوالخير في كتابه "الصادر عن دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع بالكويت في 1980" تفصيلات أخري ويكفي ان نشير إلي أن الوقائع المعروفة توص بأن العمل من خلال خطة العدو فكرة متداولة بين جماعات الاسلام السياسي وتشير اعترافات قيادات اخوانية خرجت عن الجماعة إلي أن الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها الأول عرض علي دبلوماسي أمريكي بالقاهرة التعاون ضد الشيوعيين وانه كان يرسل اخبارا عن الشيوعيين يجمها محررون في صحيفة اخواننا إلي جهة بوزارة الداخلية المصرية وهناك دراسة وثائقية عن اتصالات الجماعة في ظل المرشد الثاني حسن الهضيبي بالسفارة البريطانية والعمل ضد جمال عبدالناصر. في خدمة أهداف العدو ويمكن أن نقفز بعد هذا قفزة طويلة لنقول ان من يعمل ضد مصر ضد جيشها وشعبها وشرطتها وضد أرضها وأمنها فانه يعمل لمصلحة الصهيونية وإسرائيل حتي لو صلي وصام الدهر وحج إلي بيت الله سبع مرات ونعود إلي شكري مصطفي وخطف واغتيال الشيخ محمد حسن الذهبي ثم حادث الفنية العسكرية وتشكيل تنظيمي الجهاد والجماعة الاسلامية وعملياته الارهابية وصولا إلي اغتيال الرئيس السادات نفسه الذي كان قد أعاد جماعة الاخوان المسلمين إلي الحياة في صفقة بات من عقدوها معروفين وبعضهم في يرزق بعد ذلك تزامن مع دخول السوفييت افغانستان وما أدي إليه ذلك منذ اقدام أمريكا علي ما يسميه البعض استدعاء الدين لأسباب سياسية منذ خمسينيات القرن الماضي والحرب الشعواء ضد الزعيم جمال عبدالناصر وهي حرب لاتزال مستمرة ضد انجازاته علي الرغم من رحيله منذ 1970 والقصة هنا طويلة ومتعددة الفصول والمراحل والأدوار مما قد يجعل من المشروع التساؤل: ماذا كان يمكن ان يحدث عربيا واقليميا ودوليا لو ان النصر الذي تحقق في اكتوبر 1973 تم انجازه علي يدي جمال عبدالناصر؟ والشيء بالشيء يذكر كما يقولون لماذا انتزع هنري كيسنجر من يدي وليام روجرز ملف الشرق الأوسط عشية رحيل عبدالناصر؟ تلك سنوات لاتزال حبلي بخفايا كثيرة منها التخطيط الاسرائيلي لمستقبل سيناء وبتعبير أكثر دقة اعادة التخطيط الذي كان قد بدأ في دوائر أمريكية - إسرائيلية غداة استقرار قوات إسرائيل في شبه الجزيرة المصرية هذه الدوائر بعض نتائج أعمالها معلنة وبعضها لم يعلن إلي الآن ويغلب علي التوقع ان الإسرائيليين منذ عودتهم إلي احتلال سيناء مرة أخري في 1967 وهم يعكفون علي البحث في كيفية انتزاع جزء أو آخر من أراضيها ليس لتوسيع رقعة إسرائيل فقط بل ولابعاد الوجود المصري المباشر لأبعد مدي ممكن وقد جاء المعمق الأمني لمعاهدة مارس 1979 تعبيرا عن ذلك من حيث تجزئة سيناء إلي 3 مناطق "أ. ب. ج" إلي جانب وجود قوات مراقبة بها وكانت هذه التجزئة من وجهة النظر الإسرائيلية خطوة مرحلية فقط ويبدو ان هذه المرحلة استنفدت اغراضها ومن ثم سعت تل أبيب وتسعي إلي خطوة أخري بالنسبة لسيناء ولم يكن من الصعب بالنسبة لك ان تجد في تيارات دينية حليا مساعدا وقد كانت سنوات حكم الرئيس المخلوع فرصة مناسبة لذلك وبالذات في السنوات التي تلت غزو العراق واحتلاله حيث برز تنظيم القاعدة وانتشر الإرهاب باسم الدين في البلاد العربية كما لم ينتشر من قبل ولم يكن غريبا ان يصل إلي سيناء بدعوي اتخاذها قاعدة لضرب إسرائيل التي لم تضرب إلا في عمليات معدودة ومحدودة التأثير بينما تركز نشاط الارهاب باسم الدين في سيناء ضد الشعب المصري وجيشه وشرطته وثرواته وامتد إلي الداخل المصري واتسعت دائرة الإرهابيين وعملياتهم بعد ان عزل الشعب وجيشه حكم الاخوان المسلمين في 2013 عندئذ يتولي رفع ستائر عديدة عن اتصالات عديدة وما لم يكشف إلي الآن أكثر وأكثر ولعل هذا ما يفضحه اللقاء الأخير بين وفد الجماعة ودبلوماسيين ومسئولين في الادارة الأمريكية وفي مقر وزارة الخارجية والذي تزامن مع عدوان العريش. هذا اللقاء علق عليه مسئول في حزب الحرية والعدالة الاخواني المحلول بقوله ان المسئولين الأمريكيين وعدوا بالسعي للبحث عن حل للأزمة السياسية في مصر نقلا عن الموقع الالكتروني لصحيفة العربي الجديد القطرية التي تصدر في لندن في 31 يناير الماضي بعد ايام معدودة من هذا تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن طلب اعتماد 9 مليارات دولار لمكافحة الإرهاب.. تري عن أي إرهاب يتحدث؟ وماذا عما يجري في سيناء؟ *** إذن ما العمل؟ أحاديث الرئيس السيسي خاصة في زيارته لدولة الإمارات الشقيقة وأمام وفي مؤتمر دافوس ثم في لقائه يوم الأحد الماضي مع ممثلي الشعب والجيش والشرطة تضمنت بنود جدول العمل الوطني لمواجهة الارهاب سواء باسم الدين أو بلافتة أخري في سيناء وهذه البنود هي: الأمن والتنمية والتعمير وهذا يحتاج إلي تفصيلات أخري واسلمي يا مصر.