وزير التعليم العالي يبحث مع نائب رئيس جامعة لندن تعزيز التعاون المشترك    نقيب أطباء الأسنان يدلي بصوته في انتخابات التجديد النصفي بلجان الإسكندرية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بشمال سيناء    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    الطماطم ب5 جنيهات .. أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 26 إبريل    أستاذ تخطيط: تعمير سيناء شمل تطوير عشوائيات وتوفير خدمات    إنفوجراف| ارتفاع أسعار الذهب مع بداية تعاملات اليوم الجمعة 26 أبريل    بعد ساعات من تطبيقه.. لماذا لجأت الدولة لعودة العمل ب التوقيت الصيفي؟    دراسة مشروع واعد لتحويل قناة السويس إلى مركز إقليمي لتوزيع قطع الغيار    إزالة 30 حالة تعد ضمن المرحلة الثالثة للموجة ال22 بالبحيرة    كاتب صحفي: الدولة المصرية غيرت شكل الحياة في سيناء بالكامل    رئيس الصين لوزير الخارجية الأمريكي : يجب على البلدين الالتزام بكلمتهما    شهيد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي النار عليه جنوب قطاع غزة    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    خبير: الاحتلال وغياب أفق التسوية وراء تصاعد المواجهات الدم وية في غزة    دوري أبطال أفريقيا.. أحمد حسن يكشف عن تشكيل الأهلي المتوقع لمباراة مازيمبي    حسام المندوه : الزمالك جاهز لموقعة العودة أمام دريمز .. وهناك تركيز شديد من الجميع    تواجد مصطفى محمد| تشكيل نانت المتوقع أمام مونبلييه في الدوري الفرنسي    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يكشف تفاصيل إصابة بنزيما وموقفه من مباراة الشباب    أرسنال يختبر قوته أمام توتنهام.. ومواجهة محفوفة بالمخاطر لمانشستر سيتي    خلال 24 ساعة.. تحرير 489 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    بلطجية يقتحمون الشقق فى الإسكندرية .. الأمن يكشف حقيقة المنشور المثير    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي في الاسكندرية    مأساة في حريق شقة «التجمع الأول».. النيران تلتهم طفلين وتصيب الثالثة (تفاصيل)    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    أفكر في الزواج للمرة الثانية، أبرز تصريحات صابرين بعد خلعها الحجاب    توقعات علم الفلك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    الصحة: إجراء فحص طبي ل 1.688 مليون شاب وفتاة مقبلين على الزواج    تنظيم قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في بسيون بالغربية    طريقة عمل هريسة الشطة بمكونات بسيطة.. مش هتشتريها تاني    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي رسميًّا    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب
email: [email protected]
نشر في الجمهورية يوم 23 - 12 - 2014

الانتحار أكثر من مجرد خبر بدأنا نقرؤه ونتداوله علي شبكات التواصل الاجتماعي. هو حياة تتوقف أحيانا بإرادة صاحبها يأسا وأحيانا رغم إرادته. وحكايات الشباب الذين اتخذوا هذا القرار نستحق التوقف عندها والنظر لها بشكل مختلف. فهناك زينب - 22 سنة - الناشطة الشابة التي تراكمت عليها الاحباطات فشنقت نفسها في غرفتها. كما شنق نفسه أشرف العامل بأحد المصانع الذي بسبب ضائقة مادية. وعندما تدلي جسده من النافذة أعاد للأذهان مشهد فرج السائق علي طريق الاسماعيلية الصحراوي. أما هند - 18 سنة- فكان وراء انتحارها محاولة لاجبارها علي الزواج. ومنذ أسبوع ألقت فتاة نفسها في النيل هربا من متحرش حسب رواية الشهود أو من أزمة نفسية كما قالت صديقاتها. كل هذه الحكايات تدفعنا لفتح ملف الانتحار في شباب ¢الجمهورية ¢ باحثين عن أسباب اعتراض الشباب علي أوضاع كثيرة. وإبداء هذا الاعتراض بالانسحاب من الحياة.
ماتت مرتين.. وعادت للحياة
سهر: اكتشفت بعد التجربة أن الناس "فيهم أمل"
مراكز التأهيل النفسي "فشنك"
آخر إحصاء رسمي للظاهرة في 2009 ب 5 آلاف حالة
أماني صالح
سهر المصري - 24 سنة - فتاة جميلة.. والأهم من ذلك أنها قوية وشجاعة عندما تحدثت عن تجربتها مع الاكتئاب المزمن ومحاولة الانتحار أكثر من مرة. وكأن كلامها دروس ورسائل لمن لا يريد أن يفهم ألم الاخرين ويكتفي بالحكم من الخارج. بدأت كلامها ب ¢لست مضطرة لإخفاء مشاعري لأبدو قوية أمام الاخرين. لو أكملت في حالة الانكار لن استطيع الخروج من الأزمة التي أمر بها¢
بدأت مشكلة سهر بتربية ومعاملة والدها المتشددة التي كان دافعها الحب والخوف الشديدان علي ابنته لتنتقل العدوي إلي الفتاة الصغيرة التي أصبحت تخاف من العالم الخارجي. وشعرت بهلع عندما بدأت الاحتكاك بالناس بشكل كبير في المرحلة الجامعية واكتشفت أنها لا تجيد التعامل مع الآخرين وتعرضت لعدة صدمات نتيجة عدم قدرتها علي معرفة شخصيات الناس. فكانت النتيجة أنها فقدت الثقة بالآخرين وبدأت مرحلة العزلة وعدم الرغبة في الكلام.
تصف سهر مشاعرها في هذه الفترة قائلة: كنت أشعر أن مخي يقف أمام أي مشكلة أقابلها. ولا أملك سوي الصراخ وتكسير الأشياء وكنت أحيانا لا أشعر بما أفعله. حتي بدأت التفكير في الذهاب إلي طبيب نفسي الذي شخَّص حالتي بالاكتئاب المزمن. وبدأت رحلة العلاج بالأدوية والفضفضة. واستمر العلاج 6 شهور وشعرت بعدها بالتحسن وظننت أني شفيت وتوقفت عن العلاج. وهنا تدهورت نفسيتي من جديد. وفقدت رغبتي في العمل. شعرت أن طاقتي مستهلكة. كنت أرفض الكلام وإذا حاولت أتكلم يكون كلامي ¢تهتهة¢.
تصمت سهر قليلا قبل أن تصل لأصعب مرحلة في أزمتها عندما حاولت الانتحار. فتقول انها حاولت إنهاء حياتها مرتين وليست مرة واحدة. وتناولت شريطاً كاملاً من الأقراص المهدئة. كانت وقتها تشعر بحسد شديد لمن يموت لأنه يرتاح من الدنيا وهمومها وناسها وكلامهم. ولكن التفكير في عقاب الله كان يمنعها وكانت تقول لنفسها ¢أهرب من عذاب الدنيا إلي عذاب الاخرة. لا لازم أقاوم. ولكن في لحظة ما انهارت هذه المقاومة".
تقول ¢مفيش حد بيحس باللي جوه مريض لاكتئاب. لو حكيت لحد همومك حيقولك مفيش حد خالي من الهموم وحيزايد عليك. بس احساس صعب أنك ممكن تصحي الصبح سعيد وفجأة الدنيا تقلب ضلمة. كلمة تقلب يومه وطاقته بتخلص بسرعة علي طول نايم وهربان¢
وبعد أزمة الانتحار عادت سهر للعلاج مرة أخري. وتشكلت بداخلها قناعة بأن الله ¢عاوزني أعيش¢ لتحقق شيئا ما قد يكون لنفسها أو لغيرها. وكانت نصيحة الطبيب هي ¢عبري عن نفسك¢. فشجعها علي أن تكتب وتتجاوز مرحلة مظلمة تعلمت منها ألا تترك نفسها للسقوط. بل لابد أن تنهض من جديد.
وعن الدعم الأسري في هذه الأزمة تقول سهر إن أمها كانت أول من صارحتها بمشاعرها واكتئابها. ووجدتها تشجعها علي الذهاب للطبيب وفهمت منه كيف تتعامل معها. أما شقيقها يحاول دوما الحفاظ عليها وحمايتها من أي مضايقة. تفهم الأم وحماية الأخ قوة كبيرة لمواجهة العالم الذي لا تجد فيه مثل هذه المشاعر الإيجابية. فالأصدقاء لا يتفهمون الأمر كثيراً ولا مجال للإثقال عليهم بالشكوي.
تغيرت سهر وتحاول الآن التمسك بالأمل. فتضحك للناس و¢تصبّح¢ عليهم بصوت عالي. تأخذ الطاقة الإيجابية من الآخرين. تفعل ما تريده ولا تحرم نفسها. وفوق كل ذلك تسامح وتحب نفسها. ففي الماضي كانت تعاقب نفسها لو أخطأ أحد في حقها. وتعيش في دوامة من لوم النفس. ولكن الآن وصلت لمرحلة مساعدة الآخرين والاستماع لمشاكلهم وإبداء رأيها. لتكتشف بداخلها طاقة كبيرة من الحب بدأت تمنحها للناس الذين مازالوا يشعرون ويحترمون الناس. وبدأت تضع لنفسها أهدافا في المستقبل. فبدأت كتابة خواطرها ومشاعرها علي الفيسبوك وتتدرب لتصبح مذيعة وتحول ضعفها إلي قوة وموهبتها إلي عطاء.
يعتبر المركز القومي للسموم بقصر العيني المحطة الأولي التي يمر عليها المنتحر فور اكتشاف الواقعة. فيتم انقاذ الحالات التي يتم اكتشافها مبكرا. وتغادر الطواريء بعد ساعات أو تضطر للبقاء أيام لتلقي العلاج. ويتعامل المركز مع حوالي 10 آلاف حالة سنويا بين انتحار أو تسمم غير مقصود. وتؤكد د. أمل الصفطي رئيس قسم الطب المهني والبيئي ومدير المركز القومي للسموم بكلية الطب جامعة القاهرة أن الانتحار لم يتحول إلي ظاهرة. ولكن هناك مؤشرات واضحة تؤهله لذلك. فمن اللافت للنظر أن يشهد شهر سبتمبر 12 حالة انتحار منها طفلة في الثالثة عشرة من عمرها في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم محاربة الانتحار. مشيرة إلي أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء توقف عن إصدار بيانات حول حالات الانتحار منذ عام 2009 الذي شهد 100 ألف حالة نجح منها 5 آلاف في التخلص من حياتهم.
واضافت أن هناك مواسم للانتحار مثل دخول المدارس وفترة الامتحانات وعقب إعلان نتائج الإمتحانات. وبعض حالات الانتحار لا تكون بهدف التخلص من الحياة بقدر ما يكون للفت الانظار لأسباب سياسية أو عاطفية. ويظهر في الطريقة والجرعة. وهو ما نسميه انتحار فشنك. وبعد انقاذ الحالات تجري محاضر رسمية.
وتضيف أن كثيرين يأتون للمركز بين الحياة والموت. ونفاجأ بأنه ليس منطقيا أن يقدم شخص علي مستوي عال اجتماعيا أو علميا أو دراسيا علي الانتحار. فأحد طلاب الطب اصطدم بضغوط الكلية فقطع شرايين يده. ونجح زملاؤه في إنقاذه. وبعد التوجه للطبيب النفسي تعلم أن يحول هذه الضغوط إلي حافز للنجاح. وأصبح طبيبا ناجحا. أما طالب الهندسة العشريني كان يتمني أن يكون مخترعا. ولكن لديه شعور بأن الناس تحاربه. فتناول جرعة زائدة من الأقراص المنومة ليهرب منهم. وهناك كاتبة ناجحة في الثلاثينات من العمر تشعر بالوحدة بسبب سفر زوجها للخارج طوال العام. فاصيبت باكتئاب وتناولت جرعة زائدة من المسكنات. وكاد الأمر يتطور. ولكن دخول العلاج النفسي علي الخط أثر كثيرا علي حياتها.
وحول التعامل الطبي مع الحالات تقول د. أمل أن البداية تكون بالسؤال عن الأدوية أو المبيدات بالمنزل. ويجري فحص الضغط وحرارة لجسم. ثم تقدم الاسعافات الأولية وإجراء غسيل معدة عند تناول الحبوب أو الجرعات الزائدة من الأدوية أو السموم أو المبيدات. وفي الغالب ننجح في إنقاذ حالات الانتحار بالعقاقير أو السم عند وصول الحالة خلال 2-4 ساعات. وتعالج 70% منها في الاستقبال. أما الحالات المتأخرة قد تستغرق من يومين إلي 10 أيام.
وتنصح الأسر بمراقبة الأبناء بوعي واهتمام والانتباه إلي علامات الخطر سواء تراجع الدرجات الدراسية او الادمان أو نوعية الأصحاب مع ملاحظة إذا كان يعاني الشخص من مرض نفسي والتأكيد أن المرض النفسي ليس علاجه الفضفضة فقط قد يتطلب العقاقير التي يصفها الطبيب المتخصص. كما أن الأسرة عليها التعامل مع الأبناء في فترة المراهقة بحكمة وعدم تخويفهم من الثانوية العامة والقضاء علي هوس كليات القمة الذي يودي بأعصاب وربما حياة الطلاب.
يري د.أحمد الهلباوي الطبيب النفسي أن الانتحار نوعان. الأول مقصود وإرادي والثاني بالخطأ أو دون وعي مثل تناول السموم. ويقع النوع الأول نتيجة خلل ووصول الانسان إلي اليأس لأسباب مختلفة. فانتحار الفقراء أسبابه مادية وأحيانا أخلاقية. أما انتحار الأغنياء غالبا لأسباب عاطفية مثل فقدان عزيز أو مادية مثلا الخسائر الكبيرة او الافلاس. وهنا أمراض نفسية كالاكتئاب والشيزوفرانيا تدفع المريض لمحاولة الانتحار.
ولأن ليس كل الانتحار يعد موتا. وهناك أشخاص يعيشون في حالة انتحار مؤجل. تقول د.سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. فتقول إن الانتحار العادي معروف. ولكن الانتحار المعنوي فهو خروج عن نطاق النشاط وتحقيق الطموحات والأمل وصولا إلي ذروة اليأس والتحول إلي العزلة. وهي خطوة قد تسبق خطوة الانتحار الحقيقي. والانتحار المعنوي له صور متعددة مثل الادمان والتطرف والارهاب لان الشخص يشعر أن حياته لا قيمة لها. ووصول الفرد لهذه الحالة يتوقف علي الشخصية وقوته الداخلية والمرجعية التعليمية والثقافية التي تخلق بدائل عند وقوع المشكلة. ليكون قادرا علي التكيف ورسم حياة جديدة. ويلعب التدين دورا مهما في حماية الشخص من الانزلاق للانتحار بأي صورة.
الشباب: الحياة صعبة.. لكن الانتحار أصعب
اتهم الشباب الفقر والبطالة وضعف الشخصية وعدم القدرة علي مواجهة ضغوط الحياة بالوقوف وراء حالات الانتحار الأخيرة. مؤكدين أن الأزمة ليست نفسية بقدر ما هي أزمة مجتمع يعاني منذ سنوات طويلة من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة. ولذلك لجأ البعض للانتحار هروبا من هذه الضغوط وفي نفس الوقت لإثارة شفقة المجتمع تجاه مشاكلهم.
حيث قال محمد ناصر "مهندس" ان معظم من يلجأون إلي الانتحار هم ضحايا ظروف اجتماعية قاسية وسط ضغوط الحياة. فإقدام 15 شخصا علي الانتحار في أسبوع واحد لا يعني أن الانتحار أصبح ظاهرة. مشيرا إلي أن مصر من أقل دول العالم في معدلات الانتحار. ومتهما وسائل الإعلام بتضخيم الأمر.
أكد حامد محمد - محاسب - أن قضايا مثل العنف المنزلي والزواج المبكر والبطالة والتربية الخاطئة وعدم القدرة علي تحمل المسؤولية تسهم في انتشار ظاهرة الانتحار. فأصحاب محاولات الانتحار مرضي نفسيون أهملت الأسرة والمجتمع رعايتهم. فيجب أن تراقب العائلات تصرفات وسلوك الأبناء والبنات ومعرفة مدي استجابتهم لمتغيرات الحياة. إضافة إلي دور المدرسة والجامعة التي يجب أن تضم مرشدين نفسيين حقيقيين.
ويضيف حسام مصطفي أنه لا أحد سوف يحاول إنهاء حياته بيديه إلا إذا فقد الأمل تماما في أن يعيش حياة آدمية. فتراكم أوضاع سيئة وصعبة لسنوات طويلة أنتجت نفسيات ضعيفة لدي البعض خاصة في غياب الأسرة أو انشغالها عن ابنائها الذين يتعرضون للحياة ولا يستطيعون التعامل معها أو احتمالها. أما الذين ينتحرون بسبب مشكلة مع خطيبته أو أمه فهذه تعد نزوات غضب ولكن لنفس الأسباب يحاولون الهروب منها بالانتحار.
وتضيف غادة سعيد - طالبة بكلية آداب - أن الفشل في الارتباط أو الزواج لا يمكن أن يكون سببا في الانتحار. فكلنا نمر بأزمات نفسية وعاطفية ونتعرض لضغوط كبيرة. ولكن أمام فكرة الانتحار تظهر قيمة الأمل في الحياة التي تلعب دورا كبيرا في مقاومة كل هذه الضغوط والأزمات الصعبة. فإذا مات الأمل ووصلنا لدرجة اليأس عندها تبدأ مشكلة التفكير في الانتحار.
تري هدير إبراهيم - طالبة بكلية طب - أن علينا تفهم مشاعر الذين حاولوا الانتحار. فهم لم ينجحوا في التأقلم مع الحياة ولم يجدوا من يساعدهم علي ذلك. ولو كانت ظروفنا المجتمعية والاقتصادية أفضل ووجد هؤلاء نفسهم وسط الناس ما أقدموا علي فكرة التخلص من حياتهم. ومع الانتحار ليس الحل الأمثل لمواجهة مشاكلنا.
وتختلف معهم إيمان أحمد التي تري أن الانتحار لا علاقة له بالأوضاع الاقتصادية. فلو نظرنا لخارج مصر سوف نجد أن السويد أعلي الدول في معدلات الانتحار رغم أنها بلد أوروبي لا يعاني أهله من أي مشاكل اقتصادية أو اجتماعية. وفي نفس الوقت الدول الأفريقية الفقيرة والتي تعاني من اضطرابات سياسية خطيرة لا تحدث فيها حالات انتحار إلا نادراً. فالمشكلة نفسية وترتبط بالشخصية نفسها ومدي إيمانها بالله.
ويتفق معها حامد انور في أن نقص الإيمان سبب رئيسي قد يدفع شابا في مقتبل العمر أو رجلا متزوجا وله أسرة لإنهاء حياته لمجرد أنه يمر بأزمة مالية حتي لو كادت أن تدفع به إلي السجن الذي سوف يكون أكرم للإنسان من أن ¢يموت كافرا¢. فالفقر لا يمكن أن يكون ¢شماعة¢ كل مشاكلنا.
"هنلونها".. بلدنا بالألوان الطبيعية
أحمد متولي
بعد تحول لون القاهرة إلي اللون الرمادي بسبب عوادم السيارات والأتربة قرر مجموعة من طلبة كلية الفنون الجميلة تغيير ذلك اللون الذي ينعكس علي وجوه الناس. وتلوين القاهرة بالفرحة والبهجة. حيث ان الفن والثقافة أساس تغيير الشعوب. إنهم شباب حملة ¢ هنلونها¢.
تقول كريستين ظريف منسقة الحملة إن الفكرة بدأت منذ حوالي 3 أشهر عندما أرادوا في الكلية تغيير اللون الرمادي الكئيب الي الوان مبهجة لبث روح الأمل والتفاؤل بين الناس. والتأكيد علي أن كل فرد يجب أن يقوم بدوره. وبالنسبة لطلبة الفنون الجميلة دورهم نحو بلدهم هو تجميلها وتلوينها.
تضيف: في البداية فكرنا أن نقوم بتلوين أكثر مكان حيوي بالقاهرة فوقع الاختيارعلي ميدان عبد المنعم رياض. فحصلنا علي تصريح من عميد الكلية وذهبنا الي رئيس حي غرب للحصول علي تصريح لتلوين سلالم كوبري أكتوبر بميدان عبدالمنعم رياض. وبالفعل رحب بالفكرة وعرض علينا المساعدة. وأرسل عمال النظافة لتحضير المكان ووفر سلالم للمجموعة التي لونت أكثر من مكان في الحي. ثم توجهنا الي حي المعادي واثناء التلوين فوجئنا برئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب يقف بيننا ويشجعنا علي مجهودنا.
وعن مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي تقول كريستين إن مجموعة ¢هنلونها¢ حضرت لقاء الرئيس ضمن شباب ¢المبادرات المجتمعية¢ وكان اللقاء مثمرا استغرق 4 ساعات. وعرضنا خلال اللقاء مبادرة لتطوير 50 قرية في الصعيد صحيا وتعليميا وثقافيا وفنيا وفي جميع المجالات. وكان المخطط أن نقوم بالانتهاء من تطوير تلك القري خلال عام. ولكن الرئيس طلب إنهاء ذلك خلال 6 أشهر وسوف يقدم الدعم اللازم لذلك.
وتضيف أن من أهداف الحملة أيضا تذكير الشارع بأن هناك ألوانا آخري يمكن استخدامها بدلا من الألوان الباهتة الكئيبة التي نستخدمها في الملابس وديكورات المنازل وحني ألوان السيارات. فهناك ألوان مبهجة تبعث التفاؤل والأمل. ودورنا أن نجعل الناس يلمسون هذا الجمال والارتقاء بالحس الجمالي لديهم. كما نخطط للاتجاه إلي الأماكن السياحية حتي نشعر السائح أن البلد لايزال بها شباب يقدر قيمة الفن.
وعن الأماكن التي تم تلوينها حتي الآن تقول آية علي أحد أعضاء الحملة إنهم قاموا بتلوين منازل كوبري اكتوبر من التحرير ومسبيرو والأعمدة تحت الكوبري وشارع الجزيرة وشارع 9 بالمعادي ومسرح البالون. وتعتمد الحملة علي الجهود الذاتية لأعضاء الفريق المكون من 40 عضو. وفي البداية ساهمت إحدي شركات الدهانات ببعض الخامات ثم اعتذرت عن الاستمرار لنعتمد علي أنفسنا في هذه المسألة.
ونظرة الناس لفتاة تقوم بالتلوين في الشارع تختلف من شخص لآخر. فتقول أية: اقوم بشيء ايجابي حتي تصبح الأماكن أجمل من أجل الناس. ومهما كانت التعليقات التي أواجهها أرد بابتسامة. فمنهم من يقول ¢انتي بتشتغلي نقاشة وآخر يقول ¢يعني هو السلم ده الي هيغير الدنيا¢ و¢هي كده كده يومين وهتبوظ تاني¢. ولكن في المقابل هناك من يشجعنا ويعرض علينا المساعدة. ويكفينا دعاء سيدة أو رجل كبير. وبعد المجهود الشاق الذي نبذله عندما نري سعادة الناس في المكان بعد تغيره كليا يزول كل التعب والإرهاق.
يقول محمد نعمة الله أحد أعضاء الحملة هنلونها إن المحطة القادمة للحملة سوف تكون في اتجاه مستشفي 57357 حتي نضفي بهجة علي المكان مما يخفف من آلام الأطفال. ونسعي لأن يشاركونا في الرسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.