لم تكن واقعة انتحار أحد الشباب معلقا نفسه على "حبل مشنقة " ليتدلى به من أعلى كوبري قصر النيل بعد فشله في الارتباط بحبيتته الأولى من نوعها لكنها قطعا كانت الأشد وقعا على نفوس المصريين. وبقدر الدهشة من قرار شاب بالتخلص من حياته على هذا النحو المأساوي بقدر الأسئلة التى تركها خلفها حول أسباب تزايد حالات الانتحار في مصر خلال السنوات القليلة الماضية خاصة بين الشباب والفتيات صغار السن. يأتي ذلك في الوقت الذي أرجع فيه الدكتور خليل فاضل أستاذ الطب النفسي تزايد معدلات محاولات الانتحار بين المراهقين والشباب الى وجود مشاكل عاطفية وفشلهم في الزواج او عدم قدرتهم على تحقيق طموحاتهم في العمل، بينمايظهر الانتحار لدى الكبار نتيجة المشاكل الاسرية او صدامات مالية كخسائر البورصة . وأخذت حوادث الانتحار في مصر خلال السنوات القليلة الماضية أشكالا مختلفة، مثل الشنق وهذا ما يميل إليه الرجال، أو القفز تحت عجلات المترو، أو من أعلى أسطح المنازل، أو في النيل، أو قطع شرايين اليد، وهذا ما تميل إليه النساء. وتقول أرقام بحثية إن مصر تشهد سنويا نحو 3 آلاف حالة انتحار لمن هم أقل من 40 عاما، فيما تقول تقارير أخرى إن خمسة أشخاص من بين كل ألف شخص يحاولون الانتحار بهدف التخلص من مشكلاتهم. وقد شهد عام 2009 وحده محاولات للانتحار في مصر بلغت 104 آلاف حالة، تمكن 5 آلاف منهم في التخلص من حياتهم. وتقول الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن جريمة الانتحار في مصر، أصبحت ظاهرة خطيرة تتصاعد يوما بعد يوم وتبين الإحصائيات أنه في عام 2005 شهدت مصر 1160 حالة انتحار، وعام 2006 وقعت 2355 حالة، وعام 2007 شهد وقوع 3700 حالة، أما عام 2008 فقد وقعت 4 آلاف حالة انتحار، في حين كانت هناك 50 ألف محاولة أخرى. يأتى ذلك في الوقت الذي كشفت فيه إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم في القاهرة عن أن 2700 فتاة مصرية أقدمن على الانتحار خلال عام واحد بسبب العنوسة. كما أشارت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية أن نسبة غير المتزوجين من الشباب من الجنسين بلغت بشكل عام حوالي 30%، وبالتحديد 7. 29% للذكور و4. 28% للإناث. وقال دكتور خليل فاضل في حواره لموقع "أخبار مصر"www.egynews.net أنه لا يوجد سجل أو حصر حكومي محدد وعدم وجود ارقام دقيقة للانتحار لان كثير من حالات الانتحار لا يبلغ عنها أنها انتحار .، وإنما تبلغ عنها كحوادث . واضاف استاذ الطب النفسى ان الانتحار لا يستثنى عمرا ، ولكنه يزيد فى منتصف العشرينات وكذلك بين الفتيات أكثر من الأولاد فى الرغبة السريعة من التخلص من الحياة ، أن حالات الانتحار المتحققة تزيد في منتصف الثلاثينات حتى أوائل الخمسينات. واكد الدكتور خليل فاضل أن الانتحار المكتمل " ينهى حياة الانسان " تزيد نسبته للذين يتعرضوا لضغوط حياتية شديدة، ويريدوا ان يتخلصوا من الحياة مثل من يفقد عزيز ، او تتعرص اسرته لانهيار ،او تنتقل حياة بشكل مفاجىء من شكل لاخر ، اقل شأنا نتيجة كارثة أو زلزال أو مصيبة، طلاق، اغتصاب، او تعرض لعنف منزلي، كلها عوامل تؤثر سلبا علي حالة المراهق ودرجة اكتئابه وتكون دافعاً قوياً للتخلص من الحياة موتا. ونبه استاذ الطب النفسى انه من الضرورى مراعاة المريض بالاكتئاب إذا ذهب المراهق المكتئب إلي معالج نفسي، فيجب أن يتم ذلك بشكل حضاري وبأسلوب راق ، لان الكشف عن المشكلة وعلاجها بشكل علمي هو السبيل الوحيد لخروج المريض من حالته لاحساسه بالمرض كما ان الطبيب النفسي يحترم المراهق ويعامله بشكل خاص ويحافظ علي أسراره.