لاقت تصريحات رئيس الجمهورية بضرورة وضع خارطة طريق لمكافحة الفساد قبولا واسعا في الشارع المصري حيث أكد المواطنون ان ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص أهم خطوة لعلاج الفساد بينما اعترض آخرون علي منح حق الضبطية القضائية لبعض الأفراد داخل العمل الواحد حيث ستتدخل الاهواء الشخصية مما يزيد مشكلة الفساد تعقيدًا. علي الجانب الآخر أكد خبراء القانون ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية والنصوص القانونية وفرض عقوبات رادعة علي المخالف أيا كانت مكانته الوظيفية بينما طالب خبراد التنمية البشرية بالاعتماد علي الكفاءات واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وان يتكاتف الجميع كفريق عمل واحد مع رئيس الجمهورية للوصول للنتائج المرجوة. وجدي محمد إبراهيم - وكيل وزارة سابق يقول: يكمن الفساد حيث الوساطة والمحسوبية في التعيينات الحكومية لأبناء العاملين من ذوي النفوذ تحتاج لصحوة ضمير من جميع المسئولين بالوزارات والهيئات ولابد ان يتكاتف الجميع وأن يبدأ كل مواطن باصلاح نفسه لكنه يري أنه من الصعب منح بعض الأفراد حق الضبطية القضائية لمراقبة الفساد حيث ستتدخل الأهواء الشخصية فيها مما يزيد المشكلة تعقيدًا. يشاركه الرأي يحيي عبد الشافي - أعمال حرة - قائلاً نعاني من أوجه الفساد المختلفة والمتواجدة بكثرة في المصالح الحكومية ولابد من توعية الشباب بالعمل لصالح الوطن وتصحيح الأخلاقيات.. والفساد أساسه سوء النشأة واختفاء القيم الأصيلة التي اعتادها الشعب المصري ويجب أن يبدأ كل مواطن بنفسه ومن يري فسادًا عليه الإبلاغ فورًا. ويضيف أمين محمد سعد - ليسانس حقوق - تخرجت في الجامعة بتقدير جيد جدًا منذ عدة سنوات وحتي الآن لم التحق بأي وظيفة نظرًا للتعيينات بالوساطة ففئة الشباب أكثر معاناة من الفساد.. وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وفرض عقوبة رادعة للمخالفين والخارجين علي القانون الحل. ويشير يوحنا فوزي - موظف بالسياحة: للأسف القوانين الحالية لا تنفذ علي أرض الواقع مما يجعل المخالف بلا رقيب يردعه والقضاء عليه تفعيل الرقابة في جميع الجهات الحكومية التي تنتشر بها الرشاوي والمحسوبية. ويلتقط أحمد حسن حمزاوي - محام - طرف الحديث قائلا: من الصعب محاربة الفساد في لحظة فالفساد متواجد علي مدي 30 عاماً ولن يتم القضاء عليه إلا بالصبر وبتكاتف الشعب مع الرئيس لتحقيق العدالة المرجوة. والضبطية القضائية قد توجد طريقا للقضاء علي الفساد. إقالة رموز الفساد ويوضح محمد السيد - مدير عام - بقايا النظام السابق متواجد والحل الوحيد للقضاء عليه هو إقالة جميع رموز الفساد من مناصبها وتعيين الشباب ذوي الكفاءة والخبرات التي تعطي الأمل في تطهير الهيئات الحكومية من المحسوبيات مضيفا ان الإبلاغ عن أوجه الفساد لابد أن يكون مدعما بالمستندات التي تثبت فساد صاحبها. ممدوح محمد - موظف - يرفض الضبطية القضائية لانها ستزيد من ظاهرة التسلط وتحقيق الأهواء الشخصية لاشخاص بأعينهم والأفضل تكاتفنا جميعا ومراعاة الضمير بعيدًا عن أصحاب النفوذ والمصالح الشخصية. ويضيف علي محمد - مدرس - مواجهة الفساد تأتي بدوران عجلة التنمية والإنتاج بعيدًا عن أصحاب النفوذ ومعدومي الضمير فالرئيس لا يملك عصا سحرية لتحقيق أحلام الشعب والقضاء علي فساد المحسوبية والرشاوي.. و علي كل مواطن ان يتقي الله في عمله. دكتور أحمد سمير - استاذ القانون بجامعة فاروق بالإسكندرية - يري أن الفساد نتيجة طبيعية لغياب مبدأ تكافؤ الفرص مما يؤثر سلباً علي شعور المواطن بالانتماء تجاه الدولة وهذا ما شهدنان في الفترة السابقة من فئة الشباب الذين ضاعت آمالهم في الحصول علي فرصة عمل حصل عليها آخرون اقل كفاءة لكنهم يملكون الواسطة ومن الأمثلة الدالة علي احباط هؤلاء الشباب حادثة انتحار لشاب تقدم لوظيفة قضائية ورفض رغم حصوله علي أعلي الدرجات العلمية بسبب ان والده لم يحصل علي مؤهل عال. ويضيف بعد ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص يجب تفعيل دور الأجهزة الرقابية والقوانين وتغليظ العقوبة لأي شخص يستغل وظيفته في الحصول علي رشوة أو عطية فالردع مهما كان المسئول سيحد من تفشي الفساد في كل المصالح الحكومية. تتفق معه دكتورة سعاد الشرقاوي الفقيه الدستوري رغم ما نملكه من ترسانة قوانين إلا إننا نفتقد للارادة القوية في تطبيقها والضرب بيد من حديد للتغلب علي منظومة الفساد بالدولة بل علي العكس تتم مكافأة المخطئ في ذات الوقت الذي يعاقب فيه من أبلغ عن الخطأ وكشف الفساد. - بينما تشير دكتورة هناء كريم - أستاذ قانون العمل - إلي أن الفساد والظلم وجهان لعملة واحدة ويظهر في الدولة عندما يغيب التنسيق بين الحقوق والواجبات داخل منظومة العمل وعند التفكير في علاج المنظومة يجب النظر في جذور المشكلة وأري أن حسن اختيار صاحب القرار والمسئول عن أي جهة هو الأهم فبصلاح الراعي تصلح الرعية مع وضع معايير موضوعية للرقابة والمتابعة والمحاسبة. جبل الجليد ويوضح أسامة عشم - أستاذ الموارد البشرية والخبير العالمي في التدريب - أن منظومة الفساد في مصر كجبل الجليد 20% من ارتفاع فوق السطح بينما الجزء الأكبر غير ظاهر وعند محاولة التصحيح دائماً ما نتوقف عند القمة علي الرغم من تفشي الفساد بقاعدة الهرم مصرين علي التعامل مع المشكلة بنفس الطريقة ولا نلتفت إلي مقولة العالم اينيشتاين الدفع للأشياء بنفس الطريقة وتوقع نتائج مختلفة هذا هو الغباء. وأضاف عشم أن الفساد ليس بمنظومة العمل فقط وإهدار الوقت ولكنه يمتد والاهتمام بالكم علي حساب الكيف والاستعانة بقوة بشرية تخطت سن العطاء والإبداع في التفكير بحلول خارج الصندوق بل والاستعانة بأهل الثقة حتي وان كانوا فاقدي الكفاءة فظهرت شبكة من العلاقات العائلية في بعض المصالح الحيوية. ويؤكد عشم أن رئيس الجمهورية بمفرده لن يستطيع تحقيق خارطة طريق لمكافحة الفساد حيث يحتاج أن يعمل الجميع كفريق عمل متكامل وأن يشعر كل مواطن بانتمائه للبلد ويغير من فكره وأدائه مؤمناً بدوره الفعال في منظومة التغيير كما يجب أن يكون هناك نموذج للاصلاح يطبق في إحدي المصالح ويعمم إذا اثبت نجاحه فالتغيير لن يتم دفعة واحدة فاتباع سياسة الاحلال بالتدريج ضرورة. من ناحية أخري عند التخطيط للقضاء علي الفساد في المستقبل يجب بالتوازي مع الاصلاح الاهتمام بالنشأة الصحيحة للأطفال والاهتمام بالتعليم وغرس قيم الاعتماد علي النفس واتقان العمل وتقوية العلاقة الثلاثية بين "الله وأنا والآخر" ليسمو الضمير في شخصية متصالحة مع الذات تخشي ربها قبل العباد.