إصلاح نظام المعاشات الحالي له الأولوية الأولي في التشريع لأن هناك تراكمات من المظالم علي مدار سنوات طويلة. وتحولت المعاشات إلي مبالغ هزيلة أشبه بالتسول ومن أسف أن يتسول صاحب الحق. في كل بلاد العالم هناك استثمارات مضمونة لأموال المعاشات بعيدا عن اللعب فيها في دواوين وزارة المالية كما يحدث عندنا. وليس مقبولا أن يأتي الرد أن الدولة تضمن حقوق أصحاب المعاشات.. يقصدون المبالغ الهزيلة التي تصرف حاليًا. وينسي هؤلاء أن هذه المبالغ مملوكة لأصحاب المعاشات وأن الحكومة ووزارة المالية هي المدينة وعليها ديون متراكمة لصناديق المعاشات فالضمان ليس مسئولية والتزامات إلا عن حقوق لدي الحكومة ووزارة المالية.. وسيطرة علي أموال المعاشات. وعندما يأتي اليوم الذي تكون فيه صناديق المعاشات تدار بواسطة إدارة محترفة ومستقلة لن تحتاج المعاشات إلي هبات واعتمادات من الدولة. الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الحكومات علي مدار أكثر من خمسين عاما هو سوء استخدام واستثمار أموال المعاشات. والإدارة الحكومية لأموال المعاشات هي السبب الرئيسي في انخفاض قيمة المعاش.. وفي الحالة المؤلمة التي تجعل صاحب المعاش ينتظر زيادة في دخله السنوي من المعاش وتكون المفاجأة 20 جنيها.. أو ربما تزيد قليلا. ومن أسف أن الإدارة الحكومية عندما تدخل في أي مجال فإن النتائج تكون معروفة مسبقا وهي رصيد من الفشل. لقد انتظر أصحاب المعاشات منذ عام 2007 لصرف فروق العلاوة والتي لم تعرف إلا بعد الدخول إلي ساحات المحاكم وصدور أحكام قضائية.. وعندما بدأ صرفها أو صدر الحكم النهائي ظهرت مماطلات وتأجيلات.. وكأن وزارة المالية أو الحكومة تمنح هبة أو إكرامية وتنسي وزارة المالية انها ترد الحقوق لأصحابها وهو أمر يجب أن يستمر. والمطلوب الآن من الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي أن تعلن للرأي العام ما هي الأموال المملوكة للمعاشات والتي لا تزال في ذمة الحكومة ولم تسدد.. وما هو حجم أموال المعاشات بصفة عامة.. وما هي الضمانات التي تكفل حسن إدارة هذه الأموال بعيدا عن التهام وزارة المالية الجزء الأكبر لسد عجز الموازنة العامة. وما هو سعر الفائدة علي أموال المعاشات وصناديق المعاشات التي تتم حتي الآن.. ومن يحدد السعر. وهل يجوز أن يحدد المقترض سعر الفائدة علي المبالغ التي يحصل عليها كما تقدم وزارة المالية في أموال المعاشات. وما هي الضمانات التي تكفل رد المديونية من أموال المعاشات للصناديق وتشكيل مجالس إدارات لصناديق المعاشات التأمين به بالقطاعين العام والخاص.. أو قطاع الأعمال العام بما يكفل حسن إدارة الأموال. وعدم اللجوء مرة أخري إلي المضاربة في البورصة بأموال العجزة والأرامل واليتامي وهو قرار تم اتخاذه دون موافقة أصحاب المصلحة الحقيقية وتشكيل مجالس مستقلة لإدارة المعاشات أصبح ضرورة علي أن يتم تمثيل أصحاب المصلحة الحقيقية في ذلك.. وأن تدار الصناديق من خلال خبراء محترفين في إدارة الصناديق سواء كانت خبرة محلية أو أجنبية. المهم أن يتم الفصل التام بين أموال التأمينات وعمليات وزارة المالية للاقتراض منها وسد العجز بالموازنة ولا يجوز أن يتحمل أصحاب المعاشات البؤساء تكلفة عجز الموازنة واقراض وزارة المالية من أموال المعاشات أو سوء الإدارة لهذه الأموال وحصول وزارة المالية عليها بما يشبه الاستيلاء وفرض شروط الاذعان بفائدة منخفضة جدا.. فلماذا يدفع أصحاب المعاشات هذه التكلفة الباهظة وحدهم لعجز الموازنة والفشل الإداري. حان الوقت لمصارحة الرأي العام بموقف أموال المعاشات.. أين هي؟!.. وأين تستثمر؟! وما هو سعر الفائدة عليها؟!.. ومن يدير هذه الأموال؟!.. وما هو حجم المديونيات التي في ذمة الحكومة لصناديق المعاشات؟!.. يجب أن نضع حدا للبؤس والقهر والظلم الذي يعاني منه قطاع عريض يدفع ثمنا غاليا للارتباك المالي وعجز الموازنة.. وعندما تزيد الأجور يظل الحوار مفتوحا حول نسبة زيادة المعاشات وكأنهم غير مدرجين في جدول الأولويات. مراجعة الموقف المالي والاستثماري لأموال المعاشات أصبح مطلبا شعبيا حتي يتم الاستثمار بكفاءة وقدرة بما يحقق عائداً جيداً يعود لأصحاب المعاشات ويكفل زيادتها وزيادة نسبة العلاوات دون الحاجة إلي أموال تقدمها الدولة وتقول إنها دعم للمعاشات وزيادتها والعلاوات.. وهي في الواقع أموال تم إقراضها بفائدة منخفضة من المعاشات ولهذا يجب أن تعلن الحقائق دون لبس أو غموض حتي تعود الحقوق لأصحابها.