بعد أن نجحت مصر في تجاوز الآثار السلبية لمحاولات الجماعة الإرهابية هز صورتها أمام العالم. آن الأوان لها أن تنتقل من مرحلة الدفاع إلي مرحلة الهجوم في السياسة الخارجية. وأمام المحافل الإقليمية والدولية. علي مصر أن تخرج من زاوية وضعتها فيها بعض الدول الحليفة للإخوان. لكي تستمر في موقف المدافع عن مشروعية عزل مرسي. وشرعية ما جري من إجراءات بعد ثورة 30 يونيه. عليها أن تعتبر ما حدث من مواقف معادية أو مناهضة أو متحفظة جزءاً من الماضي بعد أن نجحت في إقرار الدستور وانتخاب الرئيس وإنهاء نفوذ الجماعة الإرهابية. ومحاصرة الميليشيات الإجرامية التابعة لها. وعودة عجلة الحياة والعمل والإنتاج والاستثمار والسياحة للدوران والانطلاق إلي الأمام. لا توجد "بطحة" علي رأس مصر. لكي تستمر في موقف المدافع. يجب أن تنتهي هذه المرحلة بأقصي سرعة. وأن تبدأ مرحلة الاختراق والهجوم والمشاركة بقوة وبإيجابية في صنع القرار الإقليمي والدولي ومصر تمتلك الذخيرة التاريخية والمقومات الجغرافية والنفوذ السياسي والقوي الناعمة والخبرة الدبلوماسية. بأيدينا نستطيع بدء مرحلة جديدة للتواجد القوي علي كافة الساحات العربية والإقليمية والدولية دون انتظار أن يتغير غيرنا أو يتوقف من يتربص بنا. فلن يحدث أي تغيير إلا إذا فرضنا نحن هذا التغيير علي غيرنا. مصر لا تكون ضعيفة إلا إذا كنا نحن ضعفاء أو لا نستطيع توظيف ما تمتلكه من مقومات القوة أو لا نقوم بما يجب عمله حتي تظل مصر عظيمة. لا يجب أن ننتظر إذناً أو رضي من أحد. ولا يجب أن تؤخرنا مصاعب اقتصادية عن التواجد بقوة في قلب كل محاولات ومبادرات إعادة ترتيب الأوراق بالمنطقة علي ضوء التطورات في تبريد الصراعات المستعرة في أكثر من بقعة لم تعد القوي الدولية الكبري تتحمل تداعياتها. ما حدث بعد ثورة 30 يونيه أكثر منه بعد ثورة 23 يوليو. عندما تآمرت القوي الرجعية بالداخل مع القوي الرجعية بالمنطقة والاستعمار بالخارج وشنت علي مصر عدواناً ثلاثياً خرجت منه مصر منتصرة. رغم أنها كانت تعاني أزمات وصعوبات اجتماعية وحصاراً اقتصادياً. وهو ما تحاول نفس القوي بمسميات وغطاءات أخري أن تفعله مع مصر. وسوف تخرج منه منتصرة إذا استطعنا أن نصطف وطنياً. ونحتشد جماهيرياً. ونتوحد إعلامياً وننجح في استثمار إمكاناتها. لابد لمصر أن تعيد ترتيب أوراقها وتطوير مواقفها كي تكون مستعدة للمشاركة في إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة وأن تخرج من شرنقة الماضي. وأن تنفض عن كاهلها أعبائه. وألا تظل أسيرة أخطائه. وأن تتحرر من قيوده. وأن تنفتح علي فضاءات أخري أراد لها آخرون أن تظل مغلقة أمامها. القوي الأخري إقليمية أو دولية ستكون مرغمة علي التسليم بما تفعله. وما تقوم به مصر. لأنها الأكثر احتياجاً إلي مصر من احتياج مصر إليهم. فمصر هي رمانة ميزان الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة إذا أرادت تلك القوي أن تكون مصالحها بمنأي عن التهديد. بعض الشواهد تشير إلي بزوغ نقطة ضوء نراه هناك علي الطريق الصحيح. لكنها تحتاج إلي بلورة في مشروع وطني قومي وعمل. وجهد أكثر. وجرأة في الانطلاق وفق حسابات المصالح العليا. والأمن القومي. وليس مصالح وحسابات الآخرين الضيقة.