ينظر فقهاء الشريعة الإسلامية لمرحلة الشيخوخة أو كبر السن بمنظارين. المنظار الأول: عام. باعتبار أن المسنين من البشر. فلهم حق المساواة مع سائر البشر. المنظار الثاني: خاص باعتبار أن المسنين من أهل الضعف والوهن. فلهم حق الحماية والرعاية. وتبين ذلك فيما يلي: "1" النظرة العامة لمرحلة الشيخوخة: إن المتتبع لنصوص القرآن والسنة. بشأن نسيج المجتمع. يجد التأكيد علي فكرة البنيان الواحد. والنظام المتماسك. والمؤسسات المتعاونة. والأسر المترابطة. والأفراد المتراحمين المتساوين في الحقوق والواجبات. حيث تمقت تلك النصوص التمييز العنصري بالجنس أو باللون أو باللغة أو بالسن. بل إن اختلاف الدين في المجتمع المسلم لا يسمح بأي ظلم أو عدوان بين المسلمين وبين غيرهم. وحسبنا في ذلك قوله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي" "المائدة: 8". وقوله تعالي: "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان" "المائدة: 2" فلا يجوز أن يقتل الشباب الشيوخ والعجائز. كما لا يحل أن يقتل المسلمون غير المسلمين. لأن الجميع يتساوون في حق العصمة والحياة. "2" النظرة الخاصة لمرحلة الشيخوخة: إن المتتبع لنصوص القرآن والسنة بشأن التوصية بالرفق والمزيد منه يجد أن الشريعة الإسلامية تستزيد من رعاية الضعفاء ونصرتهم إن وقع عليهم ظلم. ولذلك قال أبوبكر الصديق يوم أن تولي الخلافة بعد النبي. صلي الله عليه وسلم: "الضعيف فيكم قوي عندي حتي آخذ الحق له". وإذا كان الضعيف شيخاً كبيراً في السن استحق التكريم والعرفان فوق حمايته ونصرته. وحسبنا قول الله تعالي بشأن الأبوين غير المسلمين: "ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" "العنكبوت : 8" وقال جل شأنه: "وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" "لقمان: 15". مما يؤكد أن اختلاف الدين لا يقلل من توفير وإكرام كبير السن. فقد أخرج الترمذي بسند فيه مقال عن أنس بن مالك: أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله من يكرمه عند سنه". ونظراً لأن النفس البشرية ضعيفة. وقد يتقاعس المسلم عن واجب العدل والإحسان للوالدين وكبار السن. فقد وجدنا التحصينات الشرعية لحماية المسنين من نوائب الدهر بثلاثة أمور. الأمر الأول: دعوتهم إلي الإنتاج والتكسب ما استطاعوا إلي ذلك سبيلاً. حتي آخر لحظة في الحياة. الأمر الثاني: تكليف من كانوا في كنفهم من الأبناء. حتي اشتد عودهم برد الصنيع عن طريق الإنفاق عليهم. الأمر الثالث: تحميل المجتمع الذي ساهم في بنائه أمانة تكريمهم حتي يقضوا نحبهم. من باب التواصل بين الأجيال. ووفاء الخلف للسلف. قال تعالي: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" "الرحمن : 60".