شهدت الجامعات حالة من الجدال بين أعضاء هيئات التدريس بسبب تصريحات الدكتور وائل الدجوي وزير التعليم العالي عن الاتجاه انتخاب رءوساء الجامعات والكليات والعودة إلي نظام التعيين بالتعاون مع مجالس الأمناء. "الجمهورية" رصدت آراء بعض الأساتذة الجامعيين الذين انقسموا حول القرار حيث أشار المؤيدون إلي أن تجربة انتخابات روءساء الجامعات افرزت أسوأ ما في الجامعات وحولت المجتمع الجامعي إلي شلل متناحرة وأجبرت القيادات المنتخبة علي تسديد فواتير نجاحهم إلي من أيدوهم ومجاملتهم بدون وجه حق بينما أعرب الأساتذة عن رفضهم للعودة إلي نظام التعيين.. محذرين أنه يفتح الباب لعودة المحسوبية واسطة في اختيار القيادات كما كان يحدث في مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير التي أدت إلي تهجير العديد من الكفاءات العملية إلي خارج مصر.. وأشار البعض إلي استغرابه لفكرة وزير التعليم العالي وهو شخصياً جاء بالانتخاب لعمادة كلية الهندسة بجامعة القاهرة قبل اختياره وزيراً. المؤيدون أيد الدكتور مصطفي الجزيري استاذ الإعلام بجامعة جنوب الوادي الفكرة مشيراً إلي أن انتخابات القيادات الجامعية علي مستوي الكليات والعمداء أدي إلي افراز نوع من الشللية والتكتلات داخل المجتمع الجامعي بداية من الاقسام المختلفة.. وجعلت المنتخبين ينفذون نوعاً من المحابة إلي أنصارهم كنوع من تسديد فواتير انتخابهم التي تظهر أكثر ما يكون في الجامعات الاقليمية.. بينما نظام التعيين يقضي علي تلك المساوئ والسلبيات. أكد د. صلاح الطحاوي استاذ القانون الدولي أن التوجه الذي انتهي إليه وزير التعليم العالي يصب في مصلحة المنظومة التعليمية من خلال كيفية اختيار روؤساء وعمداء الكليات وهذا لا يفهم منه التعيين دون اتخاذ إجراءات وآليات صحيحة لهذا التعيين مشيراً إلي أن الواضح من القرار أن هذه الآليات تتجه نحو اللامركزية في اختيار هذه القيادات من خلال الترشيحات التي تقوم بها لجان الكليات وصولا للاختيار الأفضل والصحيح لقياداتها وهي ما نحتاج إليه في الوضع الراهن من خلال الآليات القانونية الصحيحة بعد أن انتشرت عيوب المركزية في اتخاذ القرارات. أوضح أن هذا لا يخل بحق من لم يرشح من مجلس الجامعة أو الكلية لكي يتولي منصب العميد أو رئيس الجامعة أو الكلية لأن هذا الترشح أن لم يكن له ركائز قانونية وواقعية صحيحة يجوز لمن لم يقع عليه الاختيار في الترشح أن يطعن علي هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بعد أن يضع من الأسباب القانونية والواقعية التي دعت مجلس الجامعة أو الكلية لعدم ترشحه لهذا المنصب وبالتالي لا يفهم من القرار العودة إلي التعيين دون الانتخاب بمساوئه السابقة والتي كانت تخضع لاعتبارات أمنية في اختيار العميد ورئيس الجامعة دون الاعتبارات التي نص عليها قانون تنظيم الجامعات وهي الكفاءة والقدرة علي الإدارة وسير العملية التعليمية. قال د. حسن شحاتة استاذ المناهج بتربية عين شمس إن نظام الانتخابات لرؤساء وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام قرار ليس معمولاً به علي مستوي العالم ولكنه وليد النظام السابق بهدف تقديم بعض الوجوه في إطار تجميع بعض التيارات حولهم مشيراً إلي أن قانون 49 لعام 1971 ينص علي أن رئيس القسم يكون من خلال تعيين أحد أقدم ثلاثة في القسم وعميد الكلية عن طريق التعيين ورئيس الجامعة يتم اختياره من بين الاساتذة الذين أمضوا 5 سنوات علي الأقل في الاستاذية وكذلك نائب رئيس الجامعة. أكد ضرورة وضع شروط وضوابط في تعيين العمداء ورؤساء الجامعات بأن يكون قد مر علي العميد أو رئيس الجامعة أقدمية 5 سنوات فأكثر وأن يكون خبرة ناجحة في مجال العمل الإداري وأن يكون من بين اساتذة الكلية العاملين وأن يكون حسن السير والسلوك وأن يكون لديه انتاج علمي يؤهله لكي يكون استاذاً متميزاً ويفضل أن يكون حاصلاً علي جوائز داخل مصر وخارجها تشهد له بالكفاءة. أوضح أن الهدف من كل ذلك أن يكون ولاء عميد أو رئيس الجامعة للدولة وليس لبعض الأساتذة الذين لهم اتجاهات سياسية معينة والذين يفرضون رأيهم علي القيادات الجامعية ويعيثون فساداً في الجامعة فالعميد أو القيادة لن تستطيع أن تحاسب استاذا أعطيته صوتاً مشيراً إلي ضرورة العودة إلي التعيين. رفض ومن جانبها أكدت حركة "جامعة المستقلة" رفضها التام لهذا الاتجاه مشيرة إلي أن تلك الفكرة تعود بمصر إلي ما قبل القرن الماضي.. موضحاً أن الجامعات هي منابر فكرية ووسط يتمتع بالحرية وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل العودة لنظام التعيين. قال الدكتور حسان عبدالله المدرس بكلية تربية دمياط عضو الحركة أن نظام الانتخابات الجامعية أجبرت جميع القيادات علي فتح قنوات اتصال مع أعضاء الهيئة العلمية وكذلك العمداء وهو ما لم يكن موجودا قبل 25 يناير.. موضحاً أنه بالرغم من كل السلبيات فالانتخابات كانت بداية لتغيير شبكة العلاقات الجامعية والاتجاه نحو بناء جامعات مصرية حضارية مستقلة ووطنية. أشار إلي أنه بالرغم من السلبيات التي رافقت التجربة الديمقراطية بالجامعات إلا أنها أفرزت في نفس الوقت العديد من الإيجابيات إلا أنها أنهت السطوة الأمنية.. وجعلت معيار الكفاءات هو الأساس في التخطيط لأي خطة استراتيجية بالجامعات.. مضيفاً أن تجربة اختيار القيادات بالجامعات الأوروبية علي سبيل المثال تتم بناء علي إعلان رسمي ولجان علمية متخصصة تختار من بين المتقدمين وفقاً لمعايير معلنة.. محذراً أن هذا الاتجاه سوف يؤدي إلي التأثير بالسلب علي الحريات الأكاديمية والتعيينات والترقيات. قالت الدكتورة ليلي حسين السيد رئيس قسم الإعلام بحلوان أن نظام التعيين أثبت فشله.. لأنه سيؤسس لسلطة ويكون ولاء المعينين للسلطة التي قامت بتعيينهم.. مشيرة إلي أن الأفضل هو نظام الانتخاب ومن الممكن وضع معايير جديدة لعلاج السلبيات التي ظهرت في النظام الانتخابي الحالي منها ألا تقل مدة الأقدمية عن 10 سنوات بدلا من 5 الموجودة حالياً وأن يكون المرشح قد شغل منصباً إدارياً كرئيس قسم حتي يكون لديه الخبرة الكافية لإدارة الكلية أو القسم أو الجامعة ويمكن أيضاً أن يتم ترشيح 5 أشخاص يتم الانتخاب فيما بينهم بالإضافة إلي أنه يجب ألا يكون المتقدم للترشيح عائداً من اعارة مباشرة ومتقدم للترشيح علي الأقل أن يكون متواجداً لمدة 5 سنوات بعد الاعارة حتي يحصل علي حق الترشح. أوضح الدكتور صالح توفيق عميد كلية دار العلوم أنه يعارض نظام التعيين لأن الأساتذة لديهم من الذكاء والخبرة لاختيار الأفضل الذي يمثلهم بينما العودة للنظام القديم لا يتفق مع المعايير الجامعية العالمية. أكد الدكتور ماجد نجم نائب رئيس جامعة حلوان لشئون البيئة وخدمة المجتمع أن نظامين لهما سلبيات وإيجابيات موضحاً أن انتخاب القيادات الجامعية جاء عن طريق تشريع ولا يلغي التشريع سوي تشريع آخر. أشار إلي أن أهم مميزات نظام الانتخابات هو فوز بعض القيادات الجيدة التي لها انجازات وتستحق عن جدارة هذه المناصب مؤكداً أن نظام التعيين أفضل ولكن يجب وضع آليات وضوابط معينة يتم علي أساسها تعيين القيادات بالمناصب بعيداً عن الأهواء الشخصية انما يتم بناء علي انجازاته والدورات العلمية التي حصل عليها بالإضافة إلي وجود ضمانات لهذا التعيين من جانب القيادات التي تختار روءساء الجامعات والعمداء ورءساء الأقسام. قال الدكتور أحمد علق عميد كلية الخدمة الاجتماعية أنه من أشد الرافضين لنظام الانتخابات لأنها ساهمت في تقسيم الجامعات وشق صف أعضاء هيئة التدريس مشيراً إلي أن التجربة الانتخابية أكدت هذا الكلام وأن العملية الانتخابية تدار بنظام الشللية والطرف المهزوم يقوم بتصفية حساباته مع الطرف الآخر. أكد أنه يؤيد عودة نظام تعيين القيادات الجامعية ولكن بوجود ضوابط وآليات معروفة للجميع وأن يتم اجماع أعضاء هيئة التدريس علي استاذ معين ويتم تعيينه في منصب رئيس الجامعة أو العميد ولو كانت هناك انتخابات تكون قاصرة علي الاساتذة فقط وعدم مشاركة المعيدين في العملية الانتخابية. اتفق معه في الرأي د. ماهر حلمي.. وكيل كلية العلوم للدراسات العليا والبحوث مؤكداً أن انتخابات روءساء الجامعات لا تأتي بالاصلح لأنها لا تتم بصورة دقيقة انما بطريق التربيطات بين أعضاء هيئة التدريس داخل كل كلية مؤيداً العودة إلي نظام التعيين انما عن طريق ضوابط معينة لأنه النظام الأصلح والأشمل ويتم عن طريقه تعيين من تتوافر فيهم سمات القيادة والتفوق العلمي والامكانيات الإدارية أيضاً.