استضافت جمعية نقاد السينما المصريين المخرج الكبير د. محمد كامل القليوبي وعرضت أحدث أفلامه الوثائقية "اسمي مصطفي خميس" والذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان دبي السينمائي الأخير. الفيلم مدته 110 دقائق ويتناول بالتفصيل وقائع اتهام ومحاكمة وإعدام اثنين من عمال النسيج بكفر الدوار هما: مصطفي خميس ومحمد حسن البقري بعد شهر ونصف من قيام ثورة يوليو 1952. وهي أول محاكمة عسكرية للمدنيين في تاريخ مصر. وجاء الإعدام صدمة للجميع أوقف الاحتجاجات العمالية طوال 16 عاماً منذ 1952 وحتي .1968 تحدث في الفيلم مجموعة من المؤرخين الذين تابعوا الحدث الكبير. مثل د. رفعت السعيد والكاتب الصحفي صلاح عيسي إلي جانب شهادات محمد خميس شقيق مصطفي والعديد من قيادات الحركة العمالية الذين عاصروا تلك الفترة مثل شحاتة عبدالحليم وفتح الله محروس وبعض السينمائيين مثل المونتير أحمد متولي والفنان التشكيلي عادل السيوي. ثم أقيمت ندوة بعد عرض الفيلم أدارها الناقد محسن ويفي رئيس الجمعية وحضرها المخرج د. محمد كامل القليوبي وتحدث فيها العديد من السينمائيين. أشار الفيلم إلي اللقاء الذي تم بين الرئيس محمد نجيب والعامل مصطفي خميس قبل اعدامه وكيف حاول محمد نجيب أن يساعدة ودفعه لالقاء التهمة علي غيره مثل ابن حافظ عفيفي أحد باشوات العصر الملكي ولكن العامل النبيل رفض اتهام شخص برئ. وكان من المفترض ان يوافق علي الاعدام كل أعضاء مجلس قيادة الثورة. لكن الثابت ان خالد محيي الدين ويوسف صديق وجمال عبدالناصر رفضوا الاعلام بينما وافق الباقين "9 أعضاء" وتم تنفيذ الحكم يوم 7 سبتمبر 1952. بعدها بيومين صدر قانون الاصلاح الزراعي وأشار رفعت السعيد إلي أن ذلك جاء كمحاولة لتخفيف الصدمة علي الشعب المصري خاصة العمال والفلاحين. كما أشار الفيلم بوضوح إلي دور الإخوان المسلمين إلي تشجيع الاعدام لتخويف اليسار المصري النشيط في تلك الفترة. خاصة أن مصطفي خميس كان عضوا في تنظيم "النجمة الحمراء" وكتب سيد قطب في الصحافة مؤيداً للاعلام وقد حدث معه بعد 14 سنة نفس الموقف وتم اعدامه عام 1966. وأشار الفيلم إلي ندم الرئيس محمد نجيب علي التصديق علي حكم الإعدام. واستعان الفيلم بما قاله نجيب محفوظ في ذكرياته مع رجاء النقاش وكيف أن ذلك الحكم باعدام خميس والبقري من أجل إرهاب العمال حتي لا يفكروا مرة أخري في الاحتجاج أو المطالبة بحقوق اضافية. وأقيمت بعد العرض ندوة تحدث خلالها د. محمد كامل القليوبي وقال ان هدفه من أفلامه هو اظهار الحقائق التاريخية التي بغيرها لن نستطيع التقدم في حياتنا. وقد اهتم بالأثر الكبير الذي تركه هذا الحادث علي المصريين. وذكر الصعوبات التي واجهته أثناء تحضير المادة الوثائقية للفيلم وقد أختفت ملفات كاملة وصور نادرة لهذا الحادث بالاضافة إلي موت غالبية شهوده. وقال الناقد ضياء حسني إن كثيراً من الوقائع التاريخية لمصر غامضة ودور السينما دائما هو كشف هذه الوقائع وتقديمها كحقيقة للتاريخ ولايهم الرأي المطروح مع أو ضد الثورة. المهم تقديم الحقيقة من كل النواحي وشهادة من هم علي قيد الحياة أثناء الحدث. وطالبت الناقدة د. سهام عبدالسلام بضرورة عرض الفيلم في دور السينما وفي وسائل الإعلام حتي يتعرف الشباب علي صفحة مطوية من تاريخ مصر. وأكدت الكاتبة الروائية سلوي بكر علي أهمية الفيلم وتذكر المخرج الكبير د. علي الغزولي ان الاذاعة المصرية في ذلك الوقت كانت تذيع وقائع المحاكمة علي الهواء وكان من الضروري الرجوع إلي تسجيلات الاذاعة التي كانت ستعطي المزيد من المصداقية إلي الفيلم. وقال د. محمد كامل القليوبي هناك معلومات تاريخية سمع عنها لأول مرة أثناء تصوير الفيلم مثل ما يسمي ب "انتفاضة المطاعم" و"ثورة ادكو" والناس تتذكر هذه الوقائع بينما التاريخ الرسمي تجاهلها حتي اليوم. وأكدت الناقدة صفاء الليثي أن الفيلم يدفع مشاهده إلي التفكير في الأحداث التي نمر بها الآن بعد 25 يناير و30 يونيه وقد قامت باعادة قراءة أحداث عاشتها في ضوء الرؤية التي قدمها الفيلم. وأشار الناقد والمخرج الكبير سيد سعيد إلي ان الكثير من المخرجين فكروا في صنع فيلم عن حادث إعدام خميس والبقري لكن القليوبي نجح أخيرا في تحقيق هذا الحلم واعتبر الفيلم يتمتع بايقاع وقوام متماسك والفيلم كوثيقة طبيعي ان يكون منحازا وكل الشهادات التاريخية منحازة ولكن المهم كيف نقدم الوثيقة وليس فقط ماذا تقول الوثيقة. وأشاد المخرج الكبير هاشم النحاس بجاذبية الفيلم وقدرته علي جذب انتباه المشاهد ما يقرب من ساعتين بالاضافة الي الجو العام الذي قدمه الفيلم عن فترة حادث خميس والبقري.