باغوص هو ابن نوبار باشا أول رئيس وزراء لمصر من أصل أرمني وكان من الشخصيات الرأسمالية التي ساهمت في النشاط الاقتصادي والعمراني في مصر وقد عاش في قصره بغمرة الذي أنشأه في القرن التاسع عشر أمام كوبري سمي باسمه ويعتبر قصر باغوص تحفة معمارية امتدت لها كغيرها يد الاهمال فتحول إلي مرتع للحشرات والثعابين التي تهدد من يدخل القصر بينما تبادل مسئولو الآثار والتنسيق الحضاري الاتهامات ليهربوا من المسئولية. مريم عبدالملاك تعيش بحي الشرابية منذ 45 عاماً وتمر كثيراً أمام هذا القصر الذي يقع داخل أسوار مدرسة الظاهر الاعدادية بنات ولكنها لم تفكر أن تسأل عن تاريخ القصر وأضافت أن مصر مليئة بمثل هذه القصور الأثرية التي للأسف لا نسعي لمجرد السؤال عنها. وتشير م.ع والدة إحدي الطالبات بالمدرسة أن نجلتها تحكي لها أن مدرسي المدرسة يمنعون الطالبات من الاقتراب منه حيث تملأه الحشرات والثعابين مما يشكل خطورة عليهن وتسأل لماذا لا يتم ترميمه أو هدمه بدلاً من سقوطه فجأة علي الطالبات. تشاركها الرأي مني سليمان والدة طالبة بالمدرسة يجب علي الجهات المسئولة ترميم القصر والاستفادة منه كمبني إداري للمدرسة أو مزار سياحي يدر عائداً مادياً بدلاً من تركه جدراناً هشة يمكن أن تسقط في أي لحظة خاصة أنه علي هذا الحال منذ أكثر من 21 عاماً. سمير عبدالله من سكان المنطقة يبلغ من العمر 60 عاما ولكنه لا يعرف عن القصر أو صاحبه سوي أن اسمه مرتبط باسم كوبري ونفق وحارة بحي الشرابية. تحفة معمارية أما فرج سيد مستجاب من سكان المنطقة فيقول أعيش بحي الشرابية منذ 65 عاماً وأسمع أن هذا القصر بناه باغوص ابن نوبار باشا في عهد محمد علي عام 1885 وأهداه الملك فؤاد لأسرة تدعي عائلة غالي لتقيم به ثم تحول بعد ثورة 1952 إلي منفعة عامة واستغل كمبني ملحق بمباني مدرسة الظاهر الاعدادية بنات التي أقيمت علي جزء من مساحة الأرض وبعدها مدرسة الظاهر الثانوية بنين والتي أقيمت علي المساحة المخصصة لاسطبل الخيول والأرض الملحقة به. ويضيف فرج أن القصر كان يحتوي علي العديد من التحف والأواني الفضية تم سرقتها حيث انها غير مسجلة لدي أي جهة حكومية وبه عدد 2 دفاية من الرخام المنحوت كقطعة واحدة وهما تحفتان معماريتان بالنسبة لهذا العصر كما يحتوي علي مكان مخصص للفرق الفنية "تخت" التي كانت تحي حفلات القصر بالإضافة إلي نموذج كامل للكنيسة بحجرة أسفل القصر تحتوي علي المذبح والمقاعد اللازمة لتلقي درس الأحد مما يشير إلي تدين هذه الأسرة وكذلك الحوائط مكسوة بالورق الملون وبه مصعد خشبي يستخدمه الخدم لتوصيل الطعام للأدوار العلوية كما سمعت. مرتع للحشرات والأشباح ويستطرد فرج قائلاً: هذا القصر مهجور تسكنه الأشباح منذ زلزال 92 حيث تهدمت السلالم والأرضيات وأصبح مرتعاً الأن للحشرات والثعابين والمسئولون اكتفوا بوضع سور حديدي حوله لمنع اقتراب طالبات المدرسة منه حتي لا يتعرضن للأذي والمبني يحتضر في انتظار الانتحار أو رصاصة الرحمة. إدارة المدرسة رفضت الإدلاء بأي تصريح حول القصر إلا أنها أكدت عدم وجود خطورة علي حياة الطالبات فالسور الموجود يحميهن في حالة سقوط المبني الذي لن يسقط بميل. الحي غير مسئول وبمواجهة اللواء هشام خشبة رئيس حي الشرابية قال إن المبني خارج نطاق مسئولية الحي وقد تم إنشاء السور الحديدي بمعرفة الإدارة التعليمية والمحافظة والاثار ويقتصر دورنا علي محاولة التنسيق مع وزارة الثقافة لإحياء هذا التراث وتعريف سكان المنطقة به وحث الشباب علي البحث في تاريخهم وتخليده. مصدر مسئول بالتربية والتعليم أكد أن المبني يتبع هيئة الآثار وقد تم إبلاغهم بتصدع المبني بعد زلزال 92 وقاموا بوضح سياج حديدي حول القصر حتي لا يتعرض احد للأذي في حال سقوطه ومنذ تلك اللحظة لم يتم التعامل عليه سواء بالترميم أو الهدم. بينما نفت سلوي حيرم مدير عام منطقة آثار وسط القاهرة أن يكون هذا المبني تابعاً لهيئة الآثار حيث أنه غير مسجل كأثر ولم يتم وضع السور الحديدي بمعرفتهم وأشارت إلي أنه كثيراً ما يختلط الأمر علي العامة فلا يستطيعون التفرقة بين الأثر والتراث حيث أن الأخير يسجل كمبني ذات طابع معماري مميز يسجل ضمن لجان الحصر بالمحافظة التابع لها وتكون هي المسئولة عنه. دكتور أحمد رفعت بالمركز القومي للتنسيق الحضاري أكد أن قصر باغوص غير مدرج ضمن قوائم الحصر للاسف ولا توجد في مصر جهة واحدة مسئولة عن التراث والمباني العامة ذات الطابع المعماري المتميز التي استغلت كمدارس أو مستشفيات أو هيئات حكومية حيث تفرق دمها بين المؤسسات المالكة لها فامتدت اليها يد الاهمال لأن هذه الجهات تتعامل معها كمجرد مبان صماء ولا تهتم بتاريخها وما تمثله من قيمة كما أنه علي سبيل المثال لا توجد جهه تستطيع تحديد أول عشرة مبان تاريخية من حيث الأهمية. يقول عبدالمعطي بيومي أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر هناك فرق بين المباني ذات الطابع التاريخي والأثري والتراثي والغالبية منها تعامل بصورة سيئة من المواطنين المقيمين بجوارها لعدم وعيهم بأهميتها بالاضافة إلي غياب الرقابة المؤسسية كما لا تأخذ حظها في الاهتمام كالآثار الفرعونية علي الرغم من أن قيمة هذه المباني التراثية تعبر عن قيمة المجتمع في هذا العصر. يضيف عبدالمعطي أن الحفاظ علي هذه المباني واجب وطني تتحمل الدولة جزءاً منه بدافع مسئوليتها كما يجب أن تساهم الجمعيات الأهلية العاشقة للتاريخ والتي تهدف للحفاظ عليه أن تشارك بالجانب المادي لتدعم الدولة في هذا المجال وترميم هذه المباني والانتفاع بها كمزارات سياحية حتي لو مقابل نصيب من العائد. كما يناشد عبدالمعطي مسئولي وزارة السياحة بالتعاون مع أساتذة التاريخ والآثار في الجامعات المصرية ورجال الأعمال لإصدار كتاب يحصر آثار مصر وتراثها علي مدي العصور التاريخية التي مرت بها الدولة ويتوافر بالمكتبات العامة ليقترب من يد المواطن ويقلص من حالة القطعية المعرفية التي يعاني منها المصريون الذين اكتفوا بالتفاخر بأنهم أحفاد الفراعنة دون معرفة تاريخهم أو محاولة لصناعة حاضر ومستقبل أفضل.