إذا قلنا إن تارك الصلاة كسلاً حتي الموت يعامل معاملة غير المسلمين. عملاً بظاهر ما أخرجه مسلم عن جابر بن عبدالله. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" كما هو مذهب الحنابلة في المشهور وابن حزم الظاهري لم يجز للابن أو لغيره أن يحج عنه. لأن الحج من التكاليف الشرعية التي لا تصح إلا من المسلمين. أما إذا قلنا إن تارك الصلاة كسلاً حتي الموت يعامل معاملة المسلمين. لعموم قوله تعالي: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" "النساء:48". وتأويل حديث كفر تارك الصلاة بأنه خاص بتركها عمداً واستحلالاً وإنكاراً لوجوبها كما هو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية للحنابلة فالحكم يختلف باختلاف حالين. "1" الحالة الأولي: أن يكون هذا الأب فقيراً في حياته حتي الموت. فهذا لا يجب عليه الحج بالإجماع. لأن شرط وجوب الحج الاستطاعة. ولا يجب علي أولاده أن يحجوا عنه بعد موته. فإن فعلوا فهو خير وفضل يقبله الله تعالي بحسن نيتهم وبرهم بأبيهم. لما أخرجه الشيخان من حديث عمر بن الخطاب. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات". وهل يقبله الله تعالي نافلة وتطوعاً. أو يقبله سبحانه بدلاً عن الفريضة الواجبة علي الميت قبل موته؟ يري جمهور الفقهاء: إنه يحسب عن الفريضة. بناء علي قولهم بأن الواصل إلي الميت هو ثواب العمل الصالح الذي قام به الحي عن الميت. واشترط الحنفية وأكثر المالكية أن يكون الميت قد أوصي قبل موته بالحج عنه أو كان يرضي بذلك حتي تتحقق النية التي هي شرط لصحة أداء الفرض. ويري أكثر الشافعية: إنه يحسب نافلة. بناء علي قولهم بأن الواصل إلي الميت هو مثل ثواب العمل الصالح الذي قام به الحي ولا يصل الثواب ذاته. "2" الحالة الثانية: أن يكون هذا الأب المتوفي غنياً في حياته. قادراً علي الحج ولم يحج إهمالاً حتي مات. فهذا من العصاة بالإجماع. وأنه مؤاخذ يوم القيامة عن ترك هذا الفرض. وهل يجب علي أولاده أن يحجوا عنه من تركته؟ مذهبان للفقهاء. المذهب الأول: يري أنه يجب علي ورثة هؤلاء العصاة أن يحج أحدهم عنه من تركته. وهو مذهب الشافعية والحنابلة. وحجتهم: القياس علي سائر الديون. ولما أخرجه البخاري عن ابن عباس. أن امرأة من جهينة جاءت إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتي ماتت. أفأحج عنها؟ فقال صلي الله عليه وسلم : "نعم. حجي عنها. أرأيت لو كان علي أمك دين أكنت قاضيته. اقضوا حق الله. فالله أحق بالوفاء". المذهب الثاني: يري أنه لا يجوز لأحد من الورثة أن يحج عن العصاة بترك الحج حتي ماتوا إلا إذا أوصوا بالحج عنهم قبل موتهم. وهو مذهب الحنفية والمالكية. وحجتهم: أن الحج يحتاج إلي نية. والوصية بالحج في حكم النية. أما الذين لم يتركوا وصية بالحج عنهم فلا ينفعهم هذا الحج. لأنهم لم يقصدوا إليه. وقد أخرج الشيخان من حديث عمر بن الخطاب. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات".