رغم عنف الشوارع وحظر التجول وساعات الرعب التي عاشها المصريون علي مدي الأيام الماضية إلا أنهم تفوقوا علي أنفسهم في حب الحياة.. أمس عاش المصريون يوماً عادياً من أيام حياتهم.. المقاهي فتحت أبوابها منذ الساعات الأولي.. الزحام شديد وسط البلد وحركة البيع والشراء في الأسواق مستمرة بالتوفيقية والعتبة حيث قرر أصحاب هذه المحلات بدء العمل في السابعة صباحاً والعاشرة لمحلات الملابس والأحذية بينما بدأ الباعة الجائلون العمل من الحادية عشرة صباحاً بدلاً من الثالثة ورغم حظر التجوال التزمت المحلات في مناطق الصدام والميادين الكبري بمواعيد الحظر بينما استمرت الحياة بالأحياء الشعبية والشوارع الجانبية بلا أي تغيير يذكر ومع توقف حركة قطارات السكة الحديد بين الوجهين القبلي والبحري والقاهرة ارتبكت الحركة في مواقف سيارات الأجرة بعبود وأحمد حلمي وامتنع سكان الأقاليم الذين يعملون في القاهرة عند السفر خوفاً من قطع الطرق والاعتداء علي السيارات وشكا سائقو الميكروباص من ضعف الحركة علي خطوط الأقاليم واضطرارهم للانتظار ساعات طويلة لتحميل دور واحد كما شهدت شوارع القاهرة أمس حركة ازدحام مروري في أول يوم عمل بعد الاجازة حيث عادت نسبة كبيرة من الموظفين لأعمالهم. محمد عبده محمد صاحب محل مصنوعات جلدية الأيام الماضية من أصعب الأيام التي مرت علي الشعب المصري وخاصة سكان وسط البلد بعد الأحداث الدامية بمحيط مسجد الفتح أول أمس مما جعل هناك حالة من الركود نظراً لعدم وجود زبائن خاصة بعد فرض حظر التجول ولكننا فضلنا النزول لأماكن عملنا عن البقاء بمنازلنا لنثبت للجميع ان الشعب المصري لا يخشي أحد مع التزامنا بمواعيد الحظر ونفتح المحل من العاشرة صباحاً حتي الثالثة ظهراً ولكن حالة الركود في الأيام السابقة أثرت علي العمالة اليومية حيث استغني أصحاب المحلات عن بعض العمالة لتخفيض التكاليف واليوم فقط بدأت الحالة تهدأ والأوضاع تستقر. يشاركه الرأي سامح أحمد صاحب كشك قائلاً: الموظفون التزموا بالتواجد في أوقات العمل الرسمية خاصة ان اليوم بداية الاسبوع مما أدي إلي حدوث حالة من الرواج بالشارع المصري ولكن حركة البيع والشراء مازالت ضعيفة فهناك حالة من القلق والترقب ولكن الشعب المصري بطبعه مؤمن إيمان شديد بأن الأعمار بيد الله وكل شخص يتوكل علي الله أولاً ويتجه للمكان الذي يريده مؤمناً ان لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا. الحياة عادت ويضيف أخيه محمود أحمد ان ما حدث في الشهور الأخيرة من أحداث عنف علي يد جماعة الاخوان أدي إلي وقف حال الجميع خاصة بعد فرض حظر التجول فقد كنا نعمل 24 ساعة والآن نفتح الكشك من 7 صباحاً حتي 6 مساءاً فقط وبعد صلاة العصر لا نجد أحد يسير بالشارع خاصة أمس وأول أمس لم يكن هناك فرد واحد يسير في محيط وسط البلد واليوم بدأت الحياة تعود للشارع المصري لأن المصريين نفسهم طويل ولا تؤثر فيهم هذه التصرفات الشيطانية. الشارع زمان تؤكد سامية علي ربة منزل ان أحداث العنف سوف تهدأ قريباً جداً لأن مصر في حماية المولي عز وجل وتقول لا أخشي النزول إلي الشارع لشراء متطلبات الأسرة بصحبة ابنتي وبالفعل كما توقعت الشارع هاديء ولا توجد أي أحداث شغب. الزبائن أما صبحي أنور- مدير محل أحذية فيشكو من توقف حركة البيع والشراء تماماً منذ تم فض اعتصام رابعة والنهضة ويقول نفتح المحل من 12 ظهراً إلي 4 عصراً لتغطية مصروفات المحل وخاصة العمالة ولكن الزبائن اختفت تماماً من الشارع في الأيام الماضية واليوم بدأت الحياة تعود من جديد فلاحظنا وجود زبائن بالشارع ونأمل ان يكون الوضع أحسن في المستقبل القريب. الأسواق شهدت اليوم حالة من الرواج وعاد الزبائن التي كانت قد اختفت في الأيام السابقة كما يقول أبوحمزة صاحب محل سوبر ماركت بسوق التوفيقية كنا نعمل 24 ساعة ولكن بعد حظر التجول قلت حركة البيع والشراء وأصبح الزبون يشتري طلبات يومه فقط ولكن لا نستطيع القول ان الناس تخشي النزول بشراء متطلباتها خاصة المتعلقة بالغذاء كما ان السوق يرتبط بالمنطقة المحيطة به فطالما هناك أشخاص بالمنطقة توجد حركة بيع. مصر بخير حسنين عبدالوهاب محمد تاجر اكسسوار يقول البلد بخير ولا يوجد أي شيء يدعو للقلق وأحب أن أقول للشعب المصري "اللي يخاف يمشي ويسيبها" فمصر تحتاج الرجال في الفترة القادمة لتنفيذ خارطة الطريق الديموقراطية والحرية الحقيقية ومن يحب مصر عليه ان يعمل ويترك العمل في السياسة وكل فرد يراعي ضميره في عمله وان يجعل ساعات العمل بمجهود مضاعف حتي تتقدم أما تركيا التي تظن أننا في عصر الولاية العثمانية وأمريكا التي تعمل لمصلحتها الشخصية فلا نشغل بالنا بهما. ونحن نتمني من الدول العربية أن تتحالف مع مصر ولا تخف من أحد لأن مصر لو ضاعت- وهذا لن يحدث باذن الله- ضاع الشرق الأوسط والشرق الأقصي بأكمله. ويضيف الجيش لا يسبب أي مضايقات للشعب في وقت الحظر فنحن نتوجه للمستشفيات لمساعدة الضحايا.. تؤكد مني صابر موظفة باحد المجمعات الاستهلاكية حالة الركود التي أصابت الأسواق كان سببها الخوف ولكن الشعب المصري العظيم بدأ يتغلب علي خوفه ويعود لحياته الطبيعية والفارق الوحيد هو أننا جميعاً التزمنا بساعات حظر التجول فبعد أن كانت مواعيد المجمع من 9 صباحاً إلي 9 مساء نعمل الان حتي الخامسة مساء فقط. مواقف الأقاليم تشكو لأول مرة يشكو سائقو موقف أحمد حلمي من هدوء الحركة وقلة الزبائن كما يقول محمد فتحي سائق خط الاسكندرية مؤكداً انالحياة عادت لطبيعتها نسبياً في أول يوم بعد الأحداث الدامية حيث نستعد لظروف حظر التجوال من السادسة مساء. يضيف يسري فريد- سائق خط المحلة الكبري بعد أن كنا نقوم بتحميل السيارة ثلاث مرات يومياً ننتظر ساعتين لتحميل دور واحد ونمشي في الطريق ونخاف خروج المظاهرات المفاجئة. ويوضح محمد البنا- سائق ان المواطنين يحاولون بقدر الامكان التأقلم مع الأحداث لكن أغلبهم يخشي السفر. رضا سعيد سائق علي خط 6 أكتوبر يشكو حاله قائلاً أول يوم عمل له بعد اجازة العيد والدنيا واقفة وتكاليف السيارة كثيرة يعمل عليها علي مدار اليوم الواحد مطالباً المسئولين بتقليل ساعات حظر التجوال. محمد حجازي سائق نسبة الناس علي المقاهي وأمام المحلات قليلة وهذا سبب رئيسي لوقف حال السائقين أيضاً. والمقاهي مستمرة أما بخصوص المقاهي فيقول اسماعيل أحمد صاحب مقهي بموقف أحمد حلمي ان المقهي يعتبر مصدر رزقه الوحيد ولدي حوالي 13 عاملاً أقل عامل منهم يحصل علي 50 جنيها يوميا فمن أين نأتي بكل هذه المصاريف طول الفترة السابقة خصوصاً بعد ان تعدي المتظاهرون عليها علاوة علي كسر خط الغاز بالمقهي مما اضطررنا لاستعمال أنبوبة غاز عادية حتي نستطيع الاستمرار في العمل كما ذي قبل من خوف المترددين عليها حتي لا يتعرضوا لأي أذي أو الاعتداء عليهم لابد من اصلاح خط الغاز فورا ونناشد قيادة الجيش والشرطة والحكومة بتقليل عدد ساعات الحظر حتي تستطيع المحلات ممارسة عملها. يضيف ياسر الخضري صاحب مقهي أن لديه 5 عمال يحصلون علي 250 جنيها يومياً والمحلات تتعرض للسرقة طول ساعات الحظر من قبل اللصوص لذلك نطالب بحماية هذه المحلات وقت الحظر حتي يكون من الساعة العاشرة مساء. علماء الاجتماع أكدوا ان الشعب المصري محب للحياة ولا يخشي الموت وهو شعب قادر علي صنع الفرحة والبهجة ولن تؤثر فيه هذه المحنة. تشير لذلك انشاد عزالدين- أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة المنوفية وتضيف الشعب المصري بطبعه فضولي لذا نجده يتجمع في الأماكن التي بها مشاكل للمشاهدة والمساعدة وان كان ذلك غير مطلوب خاصة في هذا الوقت الحرج الذي تمر به البلاد حيث يجب علي الجميع الالتزام حتي لايتعرضوا للخطر. ويري الدكتور نبيل السمالوطي- أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الانسانية جامعة الأزهر والعميد الاسبق لها ان التفسير لهذه الظاهرة هو اننا خلال تاريخ مصر منذ العصر الفرعوني وحتي العصر القبطي والاسلامي والمصري يشعر بالأمن والأمان رغم وجود المتغيرات العديدة التي تمر بها البلاد. فنحن شعب يعشق الحرية ولا يؤمن بالأحكام العرفية أو ثقافة حظر تجوال. مصر مجتمع آمان يصون الأنفس والاعراض والاموال والأديان والعقول وهي ما تسمي في الاسلام بالكليات الخمسة التي يسميها الغرب الان حقوق الانسان كما ان المسلم والمسيحي يشعر بالأمن والأمان وبالرغم من اننا نعيش ظروفاً استثنائية لم نر مثلها من قبل. ويؤكد السمالوطي ان ثقافة حظر التجوال ثقافة غريبة عن ثقافة المصريين فالاطفال في القري والنجوع والمراكز والمدن تلعب في الشوارع لاحساسهم بالأمان رغم كل الظروف حتي مفهوم تطبيق الأحكام العرفية لا يعرفه الا المثقفون وليس المتعلمين وكذلك الثقافة السياسية والقانونية والدينية.