علي عكس أنهار العالم كلها يقاوم نهر النيل الموت في كل زمان. انه يسير من الجنوب للشمال غير أنهار العالم يفيض حينما تجف الأنهار جميعها وقيل إن الله يغذي بالنيل جميع الأنهار. وذلك عند فيضانه إلي أن تنتهي الزيادة منتهاها ثم يرجع إلي ما كان عليه.. وعمر بن الخطاب قال عنه انه سيد الأنهار وقديما كانت تحفه الحدائق والبساتين من كل جانب من أوله إلي آخره وكانت الأشجار متصلة لا تنقطع. ومشكلة سد النهضة ليست مخيفة بالقدر المفزع الذي نراه من البعض لأن الله تعالي قال: "وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون" والماء ينزل بمقدار معلوم لا يزيد عليه ولا ينقص منه والله يسكن الماء ويثبته في الأرض وفي الأنهار الأربعة النيل والفرات وسيحان وجيجان كما ذكرت كتب التفاسير والله وحده قادر علي ذهابه وهو من يسوقه إلي الأرض الجرز وهي الأرض اليابسة الرملية التي لا تُمطر إلا مطراً لا يغني عنها شيئاً وتنتظر ما يأتيها من السيول من ماء أحمر من قلب الجبال به الطمي الذي يخصب أرض مصر. والمصريون القدماء قبل الإسلام كانوا يلقون بفتاة كالعروس مزينة بالملابس والذهب قربانا ل "النيل" والذي كانوا يعتبرونه اله النماء والخير حتي يجري بعد جفافه في شهر بؤونة من من كل عام.. لكن عمرو بن العاص بعد فتح مصر رفض وقال: ان الإسلام يهدم ما قبله وأرسل لعمر بن الخطاب حينما جف النيل وكاد الناس يرحلون فرد عليه الفاروق برسالة نصها: "من عبدالله بن عمر أمير المؤمنين إلي نيل أهل مصر أما بعد فإنك إن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر. وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك" فألقي بن العاص بالرسالة في النهر فأصبحوا وقد أجري الله النيل ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة. وقطع الله تلك العادة عن أهل مصر إلي يومنا هذا. ويقول المفسرون ان هلاك مصر وخرابها في أمرين الأول انقطاع النيل والثاني اختلاف الجيوش فيها لذا فإن شغل هؤلاء الشاغل تدمير مصر من خلال اللعب بورقة نهر النيل بعد ما فشلوا في جر الجيش للسياسة.