البرشامة التقليدية.. راحت عليها.. لم يعد الطالب.. أي طالب.. في حاجة لقضاء ساعات طويلة لنقل المقررات علي أوراق رفيعة صغيرة قد يستعين في إعدادها بأصدقائه وأقاربه ليدخل بها الامتحان محاولاً الغش.. وقد يكتشف أمره فيضيع وقته وجهده علي الفاضي!! ظهرت وسائل الغش الحديثة المتطورة التي لا تحتاج من الطالب أي مجهود سواء لإعدادها أو استخدامها.. فقط يحتاج منه ذكاء بسيطاً لخداع الملاحظين والمراقبين. الأسواق الآن مكتظة بوسائل الغش استعداداً للثانوية العامة والدبلومات الفنية. التجار بدأوا عرض منتجاتهم الحديثة بالصوت والصورة علي المواقع الالكترونية المخصصة لهذا الغرض.. يعرضون شرحاً تفصيلياً لتلك الوسائل المستحدثة وطرق استخدامها.. وما علي الطالب إلا الاتصال بالأرقام المعلنة أمامه لتصل إليه البضاعة في الزمن والمكان المحدد بأرخص الأسعار. الإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم رصدت كافة المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي المخصصة لعرض تلك الوسائل وأبلغت عنها الجهات المختصة بوزارتي الداخلية والتموين.. وقررت البدء فوراً في تنظيم دورات تدريبية للملاحظين والمراقبين ورؤساء اللجان لتعريفهم بتلك الوسائل وكيفية اكتشافها بسهولة في داخل لجان الامتحان. آخر ما تم اكتشافه وضبط مروجيه وتجاره.. القلم السحري الذي يكتب به الطالب في ورقة الإجابة ويملأها من الجلدة للجلدة كتابة.. أي كلام في أي مجال غيره ثم يسلمها للملاحظ في نهاية وقت الامتحان وبعدها بحوالي ساعتين فقط يكون كل ما دونه بهذا القلم قد طار مع الريح.. لتظهر كراسة الإجابة "فاضية" بيضاء لم يكتب فيها شيئاً.. وبعدما يتم تصحيحها علي أنها ورقة بيضاء.. يعترض الطالب رسمياً ويدعي أن هذه الورقة لا تخصه وأنه كتب كل الإجابة المطلوبة.. ويحصل علي الدرجة النهائية بعد أن "يلبسها" الملاحظ ومسئول الكنترول الذي لم يكتشف أن الطالب سلم الورقة خالية من الإجابة ولم يحرر محضراً ضده بذلك قبل استلام الورقة منه!!! داهمت حملة موسعة من التموين والداخلية أحد المحلات التي أعلنت عن توافر هذا القلم بمحافظة الغربية وضبطت كميات كبيرة منه كانت معدة للتوزيع!! قال محمود ندا مدير عام إدارة الامتحانات ونائب رئيس عام امتحانات الثانوية العامة إنه منذ انتهاء امتحانات الثانوية العامة العام الماضي تم تشكيل لجنة من عدد من موظفي الإدارة ذوي الخبرة بالتعامل مع الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة وتكليفها بمتابعة كل ما يتم التوصل إليه من وسائل للغش والاستعداد لمواجهة الغشاشين بأسلوب أذكي من الذكاء الذي يستخدمونه في الغش!! أضاف محمود ندا أن اللجنة اكتشفت وجود عدد من المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر وغيرهما تروج لوسائل غش لا تخطر علي بال أحد من المهتمين بالعملية الامتحانية والمسئولين بالوزارة.. ومنها إحدي الشركات التي تروج لما يسمي بالذراع الثالث.. وهو عبارة عن نصف ذراع بالكف يركبه الطالب الغشاش في يده اليمني ويغطيه بالقميص أو البلوفر الذي يرتديه ويظهره علي ترابيزة المقعد الذي يجلس عليه داخل اللجنة وكأنه يمسك بالقلم ويكتب في الورقة.. ولكنه في نفس الوقت يستخدم ذراعه الحقيقي من تحت الترابيزة للاتصال بالمحمول أو تصفح كارت "ميموري" ذاكرة للغش منه. وهناك ساعة اليد الكبيرة التي يرتديها الطالب في يده وهي في الأصل عبارة عن شاشة مرتبطة بكارت "ميموري" سعته تصل إلي 8 جيجا مسجلاً عليه المنهج بالكامل ومبوباً تبويباً يسهل علي مستخدم الساعة تصفحها في ثوان باستخدام أزرار جانبية. أما النظارة الالكترونية فحكايتها حكاية.. فهي في الظاهر نظارة عادية لكنها في الباطن عبارة عن كاميرا لالتقاط صورة كاملة لورقة الأسئلة من خلال الضغط علي ذر صغير غير مرئي بجوار العدسة الزجاجية.. ومن الناحية الأخري ذر آخر مرتبط ببلوتوث يمكن من خلاله إرسال الصورة الملتقطة إلي خارج اللجنة ليقوم شخص آخر بالإجابة وإعادة إرسالها إلي الطالب الغشاش!!! هناك كذلك الآلة الحاسبة الخادعة التي تظهر وكأنها بالفعل آلة حاسبة عادية جداً لكنها في الأصل عبارة عن تليفون محمول حيث تستبدل فيها لوحة الأرقام بلوحة أرقام التليفون المحمول ويركب فيها الشريحة التليفونية ويرسل منها الطالب الغشاش صورة ورقة الإجابة التي يلتقطها باستخدام كاميرا الآلة الحاسبة المزعومة ثم يستقبل الإجابة مرة أخري ويتصفحها علي شاشة الآلة الحاسبة!! أما القلم الكاميرا فهو قلم يظهر علي أنه جاف عادي لكنه في الأصل عبارة عن تسجيل صوتي لكافة أجزاء المنهج وبه مفاتيح صغيرة لسماع ما يرغب من أجزاء تسعفه للإجابة علي ما يطلب منه!! كاميرات مراقبة!! لكن ماذا ستفعل وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارة الامتحانات؟! يقول محمود ندا نائب رئيس عام امتحانات الثانوية العامة إن اللجنة الالكترونية ستواصل عملها حتي انتهاء الامتحانات وسنقوم بالتواصل مع كافة الجهات المعنية لمحاربة هذه التجارة الرائجة. أضاف: لكننا في نفس الوقت سوف نسعي لتركيب كاميرات مراقبة فيديو بالصوت والصورة داخل لجان سير الامتحان علي مستوي الجمهورية بحيث يستطيع رئيس كل لجنة متابعة ما يحدث داخل جميع حجرات الامتحان بدقة ولحظة بلحظة وهو داخل مكتبه.. وفي حالة اكتشافه أي محاولات للغش أو الإخلال بقدسية العملية الامتحانية أو نشوب مشادة بين طالب والملاحظ يتوجه علي الفور لضبط الأمور والسيطرة علي الموقف!! أكد أن الأمر لن يقف عند ذلك بل سوف نستعين أيضاً بوسائل التفتيش الحديثة عن طريق اليد المعدنية للكشف بالليزر عما يحمله الطالب من أدوات أثناء دخوله من البوابة الرئيسية للجنة!! أشار إلي أنه سيتم أيضاً تنظيم دورات تدريبية لرؤساء ووكلاء اللجان والمراقبين الأول لتعريفهم بالصوت والصورة علي كافة الوسائل الالكترونية الحديثة للغش وكيفية استخدامها.. ليسهل اكتشافها وضبطها واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية اللازمة ضد الطالب التي يحملها داخل اللجنة سواء استخدامها أو اكتفي بحملها!!! أكد أن الإدارة العامة للامتحانات اتخذت عدة إجراءات أخري للحد من ظاهرة الغش.. أهمها تفعيل دور المرشد النفسي والتربوي لمساعدة الطلبة علي كيفية الاستعداد للامتحانات والتخفيف من القلق الناتج عنه وتوعيتهم بالأضرار الناتجة عن السلوكيات الخاطئة وعقد ندوات دينية لتوضيح مخاطر الغش وتعارضه مع مبادئ الدين والقيم والعادات التربوية في المجتمع والاستفادة من وسائل الإعلام في إعداد برامج هادفة تعالج هذه الظاهرة. وأشار إلي أنه حفاظاً علي الطلاب أيضاً سيتم تعريفهم بالإجراءات التي يمكن أن يتعرضوا لها في حالة تلبسهم بالغش مؤكداً أنه سيتم تعليق لافتات واضحة بهذا المعني علي حوائط اللجان ومداخلها ليكون كل طالب علي علم بها قبل أن يفكر في محاولة الغش. وأوضح أنه لن يسمح للطلاب بإدخال أي مواد أو وسائل غير التي يتطلبها الامتحان والجلوس علي مسافات بعيدة بين كل طالب وآخر لمنع التحدث بينهم والتأكد من عدم وجود كتابة علي المقعد أو بطاقة الطالب وسيتم التنبيه علي الجميع بالتزام الهدوء والصمت داخل اللجان والتجول المستمر للمراقبين والملاحظين بين الطلاب.