أجمع الفقهاء علي وجوب قراءة شئ من القرآن الكريم في كل ركعة من الصلاة في الجملة إذا كان إماماً أو منفرداً. أما إذا كان المصلي مأموماً فقد اختلف الفقهاء في حكم قراءته خلف الإمام. علي مذهبين في الجملة. المذهب الأول : يري أن المأموم لا تجب عليه القراءة مطلقاً أي سواء كانت الصلاة جهرية أو كانت الصلاة سرية. وإلي هذا ذهب جمهور الفقهاء. قال به الحنفية والمالكية والحنابلة في الجملة . ولكن للمالكية والحنابلة : رأوا أنه يستحب للمأموم قراءة الفاتحة في الصلاة السرية دون الجهرية. وذهب الحنفية إلي أنه يكره للمأموم أن يقرأ خلف الإمام. فإن قرأ صحت صلاته في الأصح. وحجة أصحاب هذا المذهب : ما أخرجه ابن ماجة بإسناد ضعيف عن جابر بن عبدالله. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" وعن زيد بن ثابت قال : "لا قراءة مع الإمام في شئ" هذا مع عموم قوله تعالي : "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" [الأعراف : 204] قالوا : فهذه الآية تأمر المأموم أن يستمع إذا جهر الإمام. وأن ينصت إذا أسر. لما أخرجه ابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي عن ابن عباس. أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي فقرأ خلفه قوم. فنزلت هذه الآية. المذهب الثاني : يري وجوب قراءة الفاتحة علي المأموم في الصلاة مطلقاً. سرية كانت أو جهرية. وهو مذهب الشافعية. وبه قال ابن العربي من المالكية. والإمام أحمد في رواية فيما إذا كانت الصلاة سرية أما الصلاة الجهرية فلا قراءة للمأموم. وإذا قرأ المأموم الفاتحة فعليه أن يختار وقت سكتات الإمام إلا إذا خشي فوت بعض الفاتحة. وحجة أصحاب هذا المذهب : ما أخرجه الشيخان من حديث عبادة بن الصامت. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". وأخرجه الدارقطني عنه. وصححه بلفظ : "لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب". والأيسر من هذين المذهبين هو ما ذهب إليه الجمهور القائلون بأن القراءة لا تجب علي المأموم. لقوة أدلتهم. فمن أدرك الإمام وهو راكع. فكبر للإحرام. ثم ركع مع الإمام صحت ركعته وإن لم يقرأ الفاتحة. وصدق الله حيث يقول : "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج : 78].