بدأ حياته السياسية سنة 71 كنائب عن دائرة شبرا الخيمة وكان عمره لا يتعدي الثلاثين عاما أي كان أصغر عضو في مجلس الشعب واستمر نائبا عن دائرته حتي عام 2010 ودخل السجن عام 2011 متهما بالتحريض علي قتل المتظاهرين في "موقعة الجمل" وأفرج عنه منذ أيام قليلة بعد ان برأته المحكمة.. محمد محمد عودة عمدة شبرا الخيمة كما لقبه الأهالي. التقت "الجمهورية" به ليسرد تفاصيل حياة السجن منذ ليلة القبض عليه إلي ان حصل علي البراءة. * في البداية سألناه ما هو تاريخك البرلماني؟ ** تاريخي البرلماني يتمثل في كوني أقدم عضو مجلس شعب في مصر حيث كنت نائبا عن دائرة شبرا الخيمة منذ عام 71 وكان لي الشرف في تكريم أبطال حرب أكتوبر في جلسة مشهودة من جلسات مجلس الشعب وزاملت الدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق وظللت نائبا حتي عام 2010 ولن أنسي أبدا مطالبتي للدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق بتقديم استقالته من الحكومة نتيجة حادث قطار الصعيد.. عندما قال "أحمد الله انه لم يكن بالقطار سائح أجنبي واحد" وهذا كان يمثل إساءة بالغة للمواطن المصري الذي راح ضحية هذا القطار مائة مواطن فتقدمت بطلب إلقاء بيان عاجل في مواجهة الدكتور عاطف عبيد وطالبته بأن أقل شيء يعتذر به أمام الشعب المصري ان يتقدم باستقالته فورا. * وصفوك بأنك عمدة شبرا الخيمة؟ ** لا أقول قولا ولكنني أعمل بكل جد ونشاط لأقدم لتلك الجماهير كل ما في استطاعتي وقدرتي وبمالي وكل ما أملك فلها علي الحق ولها في عنقي الكثير والكثير. رعب * لماذا ذهبت إلي التحرير يوم 2 فبراير ومعكم موكب؟ ** أنا لم أذهب إلي التحرير وأشهد الله علي ذلك ولكن ما تم حقيقة أني نائب عن تلك الجماهير ومقري الانتخابي بلا باب وكان من الطبيعي ان أكون متواجدا وسط الجماهير التي أتت إلي مقري الانتخابي بعد ان ملأها الرعب نتيجة انسحاب قوات الشرطة مما تسبب في انفلات أمني وحرق وتدمير خاصة بعد حرق مجلس مدينة شبرا الخيمة وكذا الأحياء وأيضا أقسام الشرطة فكان لهذه الجماهير تساؤلات وإصرار علي ان أخرج معهم مطالبين ومؤكدين ان من يحب مصر لن يخرب مصر وكانت الشرعية مازالت قائمة للرئيس السابق.. فخرجت مع تلك الجماهير بناء علي رغبتهم للتأكد ان مصر هي الباقية ولا يجب ان تمس بسوء واستمرت تلك المسيرة سيرا علي الأقدام حتي كوبري أحمد عرابي بشبرا الخيمة عند ذلك تقدم أحد أبناء المنطقة بسيارة نصف نقل وطالبني بأن استقل السيارة معه لأنه لاحظ علي الإرهاق.. وركبت السيارة معه ومعي أبناء منطقتي وأغلبهم كان من المحامين والأطباء والمثقفين وليس بينهم أو معنا ما يسمي بالبلطجية.. حيث أني قاض عرفي وأعي تماما حرمة دماء الإنسان مسلما كان أو مسيحيا.. واستمر الموكب بتلك السيارة "وهي سيارة واحدة" وخرجنا وتجاوزنا نقطة كوبري أحمد عرابي مستهدفين الوصول إلي ميدان مصطفي محمود حيث إنه كما شاهدنا بالتليفزيون أكثر أمنا من التحرير.. وعند وصولنا إلي كوبري 15 مايو لكي نصل من خلاله إلي ميدان مصطفي محمود وجدناه مغلقا بالدبابات فما كان أمامنا غير الرجوع من أمام وزارة الخارجية هذا هو ما تم ومرة أخري أشهد الله وأشهد بخلقه اننا لم نتجاوز وزارة الخارجية ورجعنا من حيث أتينا. * ومن الذي أرشد عنك ووجه لك هذا الاتهام؟ ** أقول بأني شخصية عامة ليس في شبرا الخيمة فقط ولكن علي مستوي محافظة القليوبية كلها وأكيد هناك تيارات سياسية أخري من مصلحتها ان تطيح بمحمد عودة حتي يتسني لها الانفراد بهذه المنطقة.. وهذا ما ذكرته أمام رئيس محكمة الجنايات التي قضت ببراءتي عندما قلت له إنني لا أحاكم علي جريمة اقترفتها فليس هناك جريمة ولكني أحاكم علي شعبية اكتسبتها ولا يمكن لأي عاقل ان يصدق ان محمد عودة يقوم بالمساس بأي مواطن كان. * كيف قضيت الأيام الأولي في سجن طره؟ ** يعلم الله انني عانيت الكثير من الألم والحسرة عندما يشعر الإنسان بالظلم والتربص من الآخرين.. ولولا إيماني بالله وانه لن يتركي أبدا لانتهيت خلف القضبان.. فأنا بريء والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور بأني مظلوم.. وحسبي الله ونعم والوكيل في كل من ظلمني وأعلم تماما انه ابتلاء من الله يقول النبي صلي الله عليه وسلم "أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه" أناجي الله * ومن هم المقربون منك وأنت في الزنزانة؟ ** كان التحامي ووقتي كله أقضيه في عبادة الله ومناجاته ليلا ونهارا.. وليس من طبعي الجلوس أو التحدث في أي من أمور الدنيا. * هل تقابلت مع علاء وجمال والشريف؟ ** بإعتبارهم كانوا معي في نفس المكان فكان من الطبيعي ان نتبادل السلام صباحا ومساء حتي تغلق علينا الزنازين. * وهل دار بينكم أحاديث جانبية؟ ** لم أشارك في أي حديث معهم ولم يكن بيننا غير السلام وتحية الاسلام. * وماذا عن معاملتكم داخل السجن؟ ** يكفي أنك مقيد الحرية وأنت تستشعر الظلم.. لك أن تتخيل وتتصور هذا القيد علي حريتك ومن تقابل او تتحدث أو تلتقي بأي من أقاربك في الزيارة الأسبوعية "في ساعة واحدة فقط" ثم يأتي أحد الضباط ليأمرك وأنت جالس مع أسرتك بأن موعد الزيارة قد انتهي وان علي الزائرين مغادرة المكان.. كيف يكون ذلك وكيف تشعر بهذا الاحساس وبهذا الظلم الواقع عليك عندما يأمر أحد الضباط أخاك أو ابنك أو زوجتك بالانصراف فكان هذا شئ صعب جدا بالنسبة لي. ثقة كاملة في القضاء * هل كنت تتوقع البراءة أم الادانة؟ ** أبداً أبداً لم أقنت من رحمة الله فأنا برئ ويعلم الله ذلك وثقتي كانت كاملة في عدالة قضاء مصر.. فكنت علي يقين بأنه مهما طالت المدة فبراءتي محققة وكانت تطل علي دائما مشيئة الله سبحانه وتعالي. * ما هو دليل براءتك؟ ** دليل براءتي كان متمثلا في نقاط عدة أولها: أن قضاة التحقيق لم يكونوا محايدين. وتبين لنا من خلال قراءة الأوراق وصحيفة الاتهام المنسوبة لي أننا كنا علي اتفاق. وهذا لم يحدث ولم يكن له دليل أو بينة.. أيضا كان هناك قتلي في قضايا سابقة علينا وقدموها مرة أخري باعتبارنا المتسببين في ذلك.. لك ان تتخيل ذلك هل هذا يستقيم مع العقل والمنطق كلها كانت دلائل الي جانب ثقتنا بالله.. كل ذلك دلائل براءتنا.. إننا كنا نحاكم كما قلت مسبقا من أجل شعبية اكتسبناها ولم نحاسب علي جريمة أقترفناها.. فتلك الأحداث المسماه إعلاميا "موقعة الجمل" تم القبض علي مرتكبيها بواسطة الشرطة العسكرية وقدموا إلي المحاكمة بالفعل وكان عدد المتهمين أكثر من 70 متهما.. قضت المحكمة العسكرية في هذا الشأن بالافراج عن 63 متهما.. وقضت بإدانة 7 متهمين وعاقبتهم بالسجن ثلاث سنوات.. وتم نقض الحكم.. وبعد ذلك كانوا ضمن قرارات الإفراج.. فبأي حق وبأي قانون نحاكم علي الجريمة بذاتها أمام أكثر من محكمة. بكاء شديد * ماذا شعرت بعد صدور حكم البراءة؟ ** أجهشت في بكاء شديد من شدة الفرح لأنني مظلوم.. وبهذه المناسبة أوجه الشكر لقضاء مصر العادل الذي يمثل بحق الحصن الحصين للحريات وإعلاء الحق دون محاباه ودون خشية من النظام ولن يتعرض لأي تأثيرات خارجية. * سيتم الطعن بالنقض علي براءتكم؟ ** لايقلقني ذلك لأنني لم أرتكب الجريمة كما قلت مسبقا وحتي لو تم قبول النقض فثقتي كبيرة لابعد الحدود لأن الله يعلم بأنني مظلوم وبرئ ولن يتخلي عني. * هل ستواصل العمل السياسي أم ستعتزله؟ ** الذي استطيع أن أقوله.. لايمكن بأي حال من الأحوال أن أعتزل الحياة العامة.. فأنا أحد افراد هذا الشعب ولايمكن ان أكون "أمعة" أو مواطنا كسولا لايفيد مجتمعه وبلده ووطنه فأنا وبحق في خدمة المجتمع الذي أعيش فيه وما استطيع أن أقدمه أو اتأخر فيه. مصالحة وطنية * ماذا تقول للشباب الثائر في شبرا الخيمة؟ ** أقول للشباب والرجال والسيدات والاطفال ان مصر في حاجة الي جهودكم جميعا وفي حاجة الي العمل والتلاحم لكل القوي وأن تكون هناك مصالحة وطنية.. هذا هو ما يجب ان يكون في تلك المرحلة الحساسة والحاسمة حتي تؤتي هذه الثورة ثمارها ويتذوقها كل مصري وكل مصرية جميعا بروح الاسرة الواحدة والتلاحم الحق بين كل طوائفها مسلمين ومسيحيين.. ويجب ان نعي وان يعي الشباب ان هناك من يتربصون بمصر وأن هناك من يريد أخذ مكانها في صدارة الوطن العربي كله.. مصر أمانة في رقابنا أيها الشباب.. وعليكم ان تعوا ذلك. * هل ستنضم لأحد الأحزاب الجديدة؟ ** أنا جزء من تركيبة مجتمع شبرا الخيمة فهذا هو الهدف والغاية فالوطن هو الهدف والغاية.. ولن أنضم لأي حزب. * هل تلقيت عروضا؟ ** لم يطلب مني أحد الانضمام الي أي من تلك الاحزاب. * كلمة أخيرة تريد أن تقولها؟ ** ما أود أن أقوله دعوة مخلصة ومن كل قلبي إلي كافة الطوائف في مصر كلها ان تتوحد وتتكاتف في تجاوز تلك المرحلة فمصر بنا وليست بغيرنا فمصر هي الأمل وهي الغاية ومن أرادها بسوء أهلكه الله.