تحل اليوم الذكرى العاشرة على رحيل فتى الشاشة الأسمر الفنان أحمد زكي عبقري السينما المصرية وأستاذ التشخيص الذي رحل عن دنيانا في 27 مارس 2005 عن عمر يناهز ال 55 عاما بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة. ولد أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي المعروف فنيا باسم "أحمد زكي" في 18 نوفمبر 1949 في مدينة الزقازيق محافظة الشرقية، توفي والده وهو بعمر العام وتزوجت بعدها والدته وتربي في كنف العائلة فلحق به احساس اليتم منذ الصغر. كان عالم التمثيل مهربه الوحيد من عقدته الطفولية "الطفولة اليتيمة" فكان يشعر دائما بالوحدة مما أطلق داخله طاقة الإبداع وانضم إلى فرق التمثيل المدرسي بمراحله المختلفة حتى اشترك في مهرجان المدارس الثانوية ونال جائزة أفضل ممثل على مستوي مدارس الجمهورية مما شجعه على النزوح إلى القاهرة لدراسة التمثيل والمسرح. التحق أحمد زكي بالمعهد العالي للفنون المسرحية وبدأت موهبته الفنية تزدهر تدريجيا فقام بالمشاركة أثناء الدراسة في مسرحية "هالو شلبي" مع الكوميدي الراحل سعيد صالح وعبد المنعم مدبولي، وتخرج في المعهد في عام 1973 بتقدير امتياز. وبعد تخرجه في المعهد اختاره المخرج جلال الشرقاوي ليشارك في مسرحية "مدرسة المشاغبين" مع ملوك الضحك عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي وعبد الله فرغلي وحسن مصطفي، بدور التلميذ الغلبان الذي يعطف عليه ناظر المدرسة وقد لفت دوره أنظار النقاد الذين أطلقوا عليه حينها "الدمعة في جنة الضحك" في هذه المسرحية. بعدها انطلق أحمد زكي في المسرح والتليفزيون والسينما حتى أصبح نجما متميزا في عالم الفن وذلك لتنوع أدواره التي يقدمها والأشكال الفنية ما بين كوميدي وتراجيدي وإثارة وأكشن مما جعله فنانا شاملا فريدا بشهادة الكبار متمكنا يجسد كل الأدوار بمهارة فائقة ولا ينافسه فيها أحد. حظيت السينما المصرية بنصيب الأسد من مسيرة أعمال الفنان الراحل أحمد زكي لقدرته الهائلة على تجسيد العديد من الشخصيات الهامة فقدم أكثر من 60 فيلما تعامل فيها مع أبرز مخرجي السينما المصرية وبالتحديد مخرجي الواقعية الجديدة من أمثال عاطف الطيب في فيلمي "البرئ" و" الهروب" والمخرج محمد خان في" موعد على العشاء" و"العوامة" وأيام السادات" والمخرج داود حسني في "أرض الخوف" واختاره المخرج يوسف شاهين في "إسكندرية .. ليه" وشريف عرفة في "اضحك عشان الصورة تطلع حلوة" ومع إيناس الدغيدي في "امرأة واحدة لاتكفي". نجح أحمد زكي حصان السينما المصرية الأسمر في أن يتسلل داخل كل بيت مصري وأن يجسد كافة الشخصيات بمختلف صورها فبدأ من "البيه البواب" والطبال صاحب الهدف المميز في فيلم "الراقصة والطبال" ، ومجند الأمن المركزي "في البرئ" وضابط الشرطة المتنكر في فيلم "الباطنية" ، ورجل أمن الدولة في فيلم "زوجة رجل مهم" ، والمحامي الفاسد الذي وقف "ضد الحكومة" والملاكم الشعبي في فيلم "كابوريا" ، والأب المكافح في "اضحك الصورة تطلع حلوة" وانتهى بالرئيس الزعيم في " ناصر 56" و "أيام السادات" و"معالي الوزير" بينما كانت آخر أدواره العندليب في فيلم "حليم" وقام بتمثيله أثناء مرضه الشديد. قدم فتى الشاشة الأسمر للتليفزيون نحو 12 مسلسلا من أبرزها: اللسان المر 1976 و بستان الشوك ومسلسل الغضب 1978 و "إصلاحية جبل الليمون" و"إلا دمعة حزن" وطيور بلا أجنحة" و"أيام من الماضي" و"الأيام" 1979 الذي جسد من خلاله قصة حياة الأديب الكبير طه حسين، ومسلسل "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين" 1981 و"حكايات هو وهوي" 1985 وألف ليلة وليلة "الجزء الثالث" 1989 . وفي المسرح مسرحيات "هالو شلبي 1969" ، و"اللص الشريف 1971" و "أولادنا في لندن 1973" و مدرسة المشاغبين 1973" ومسرحية العيال كبرت 1977". وتعددت مواهب الفتى الأسمر ولم يقتصر الأمر على التمثيل فقط بل كان للغناء نصيب حيث وضع به بصمته ونبرته الخاصة التي مازالت تتردد حتى الآن ومنها "أنا في اللابوريا" من فيلم "كابوريا" وإستاكوزا من فيلم "إستاكوزا" و"طبل ترقصها" و"أيوه يا دنيا يابنت الإيه" من فيلم "مستر كاراتيه" وتتر فيلم "البيضة والحجر" و"الدربندوخ" و"لو انت هايص" في فيلم "البيضة والحجر" "وصفوا لي الصبر" و"إن ماقدرتش تضحك" و"اسأل روحك" و"شد الحزام على وسطك"، في فيلم "هيستريا" وأغنية "نوبية" في فيلم سواق الهانم و"أنا بيه" في فيلم "البيه البواب". تزوج أحمد زكي في بداية حياته من حبه الأول والأخير الفنانة الراحلة هالة فؤاد وأنجب منها ابنه الوحيد هيثم في أبريل 1984 وانفصلا بعد عامين من الزواج بعد أن رفضت هالة اعتزال التمثيل، وصممت أن تكمل مسيرتها الفنية ووصل الأمر بينهما لطريق مسدود حيث كان يحلم زكي بتكوين عائلة كبيرة. حصل الفنان أحمد زكي على العديد من الجوائز عن أعماله الفنية منها جائزة عن فيلم "طائر على الطريق" في مهرجان القاهرة ، وجائزة عن فيلم "عيون لا تنام" من جمعية الفيلم ، وجائزة عن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" من مهرجان الإسكندرية عام 1989 وجائزة عن فيلم "كابوريا" من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990. وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار السينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها الفنان أحمد زكي، وذلك ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي زوجة رجل مهم، والبريء، وأحلام هند وكاميليا، والحب فوق هضبة الهرم، وإسكندرية.. ليه وأبناء الصمت.