العائلة لا تعني دوما أفراد أسرتك ممن تربطك بهم روابط الدم والرحم فقط أو شريك الحياة فقط، فقد يكون هناك أشخاص آخرون في حياتك يستحقون أن تعتبرهم جزءا لا يتجزأ من أسرتك من فرط ارتباطهم بك وتقديرهم لك، وعليكِ أن تنتبه لهم وتشعر نحوهم بالمثل. هؤلاء الأشخاص هم من يحثونك دوما على الحفاظ على صحتك، ويشجعونك على ممارسة هواياتك المحببة، وتحقيق النجاح في الدراسة أو العمل، ويتقبلونك كما أنت، لكنهم في الوقت نفسه يحاولون لفت انتباهك لسلبياتك دون تجريح أو إهانة ويفرحون لأي تحسن يطرأ على شخصيتك أو أحوالك. هؤلاء هم أفراد أسرتكِ الحقيقيون، وهم من يجب أن توليهم كل اهتمامك. لكنكِ قد لا تنتبه أحيانا لبعض هؤلاء الأشخاص الذين يشبهون الجواهر النادرة، لأنك مشغول بصحبة آخرين هم في حقيقتهم أحجار بلا قيمة، لا فائدة ترجى منهم، وبالعكس قد يصيبك الكثير من الضرر بسببهم. وهنا لابد لك من عمل وقفة تقوم خلالها بتأمل كل المتواجدين من حولك جيدا، ثم تجلس بهدوء لإعادة تقييم علاقتك بكل منهم، وترتيب أوراقك من جديد، فتقترب ممن يستحق، وتبتعد عن آخرين انخدعت فيهم لفترة، قبل أن تكتشف حقيقتهم. إليك فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك على إجراء هذه الفلترة بسهولة: - تخلص من كل من له تأثير سلبي على حياتك، واقض أوقاتك مع أشخاص ظرفاء وأذكياء تستمتع بالقرب منهم. من المفترض أن تساعدك كل علاقة في حياتك على أن تكون شخصا أفضل وأسعد، ولا تسبب لك الضرر والجرح. الحياة قصيرة، فلا تضيع أي لحظة منها مع أشخاص يمتصون رحيق شبابك ويحولون ابتسامتك لدموع. - اختر أصدقاءك ممن تفخر بكونك صديقهم، ولا تخجل من تقديمهم لوالديك أو جيرانك أو أفراد أسرتك. أحط نفسك بأشخاص يعكسون طبيعتك ولا تشعر بالغربة وسطهم. - من ابتعد عنك واختار الرحيل، اتركه يرحل ولا تتشبث به، فالحقيقة التي نرفض الاعتراف بها أحيانا هي أن بعض الانتهازيين والمستغلين قد يتقربون منا ويتصنعون الود لتحقيق بعض أغراضهم ومصالحهم، التي ما إن تنقضي وتنتهي، يبتعدون ويتجاهلون كل معاني الصداقة والعشرة الطيبة التي كانت. اعتبر نفسك محظوظا إذا أراد الله أن يكشف لكِ حقيقة هؤلاء، ودعهم يرحلون غير مأسوف عليهم. الجميل في الأمر أن رحيلهم هذا سيترك لك مساحة كافية لتري أشخاصا آخرين يهتمون بك بصدق ودون أي غرض أو غاية، فتستبدل الراحلين بآخرين أصدق وأروع ممن يمكنك الاعتماد عليهم والثقة في أنهم لن يتخلوا عنك أو يسيئوا إليك يوما. - كن على حذر من الأشخاص الذين لا تعرفهم جيدا، لكن في الوقت نفسه، أعطهم فرصة كافية وعادلة ليفصحوا عن حقيقتهم، ويعبروا عن أنفسهم من خلال مواقف وليس مجرد كلمات. ضعيهم في أكثر من اختبار قبل أن تقرر منحهم ثقتك تدريجيا، أو طردهم بلا رجعة من حياتك. لا تتسرع في إصدار أي أحكام، لكن بعد إعطاء فرصة كافية للطرف الآخر، ثق في حكمك في النهاية، ولا تتراجع عن قرارك. - احترم الجميع كبارا وصغارا وتعامل معهم بطيبة ولطف، حتى إذا تعامل معكِ بعضهم بوقاحة، فكل إناء ينضح بما فيه، وأنتِ تتعامل بما يعكس أدبك وأخلاقك الراقية وحسن تربيتك، أما الوقح فهو يعبر عن نفسه أيضا، فلا تفكر أبدا في النزول لمستواه المتدني، وصن لسانك دوما عن أي ألفاظ غير لائقة. - تقبل الآخرين كما هم، ففي معظم الحالات يكون من المستحيل أن ينجح أي إنسان في تغيير طبائع آخر، وإذا حاولت مجرد محاولة لعمل ذلك قد تتسبب في إحراج الآخرين وجرح مشاعرهم، ووضعهم تحت ضغط نفسي وعصبي كبير. بدلا من محاولة تغيير طبائع وتصرفات الآخرين، كن دائما قدوة لهم بأخلاقك والتزامك وتصرفاتك. ومن يدري ربما يتأثرون بك من تلقاء أنفسهم ويستجيبون لتغيير مساوئهم دون التعرض لأي ضغوط.