قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن السلطات المصرية لم تكتف بحملات القمع الدموية التي يتعرض لها رافضو الانقلاب خلال الاحتجاجات وحملات المداهمة والاعتقال، وإنما قررت في الوقت ذاته استخدام منابر المساجد لتوجيه الخطاب الديني بما يخدم سياسات الحكومة المؤقتة المدعومة من الجيش، متناقضة بذلك مع الشعار الذي ترفعه وهو "فصل الدين عن السياسة"، والذي طالما انتقدت بشأنه الإسلاميين بزعم الاتجار بالدين وخلطه بالسياسة. وأشارت الصحيفة في تقرير لها، اليوم الأحد، إلى أن السلطات أرسلت إماما محسوبا على الحكومة، يدعى مصطفى نوارج لكي يلقي خطبة الجمعة في مسجد الرحمن الرحيم في مدينة نصر، الذي يصلي فيه أقارب وأصدقاء الكثيرين من قتلى الاحتجاجات برصاص الأمن. وتابع التقرير: "تعود المصلون بالمسجد على سماع خطب حماسية تصف القتلى بالشهداء وتحثهم على النزول إلى الشوارع للتعبير السلمي عن آرائهم واحتجاجا على الدماء التي تسيل بأيدي مصريين، لكنهم فوجئوا بنوارج موفد الحكومة يصعد المنبر لتصحيح ما تقول الحكومة إنه "تصحيح لمغالطات الفكر المتطرف". وأوضحت "واشنطن بوست"، انه لم يمض خمس دقائق على بدء الخطبة، حتى بدأت الأحذية تتطاير صوب الرجل. وصاح أحد المصلين في وجهه قائلا "من دفع لك لكي تصعد وتردد هذا الكلام؟"، حسبما أفاد نوارج ومصلون آخرون، وسرعان ما تحول المسجد إلى ساحة للصراع السياسي، وتدافع بعض المصلين باتجاه المنبر، وأمره أحد المصلين قائلا "إنزل من على المنبر" وبالفعل تمكن الإمام من الفرار من المصلين الغاضبين. وتابع التقرير: "خطبة نوارج تأتي في إطار حملة تنتهجها حكومة الببلاوي للسيطرة على الخطاب الديني "وتوحيده"، للترويج لما تصفه السلطات "الإسلام المصري الحقيقي"، غير أن نقادا يرون أن هذه الحملة تؤجج ردود الفعل العنيفة التي تشمل تفجيرا انتحاريا في قلب القاهرة وهجمات دورية تستهدف قوات الأمن في سيناء. وقال عماد شاهين، إستاذ العلوم السياسية، بالجامعة الأمريكية في القاهرة: "النظام الجديد يحاول استحداث إسلام رسمي أو إسلام الدولة، والذي ليس له وجود في التقليد الإسلامي، حيث يقدمون مبررات دينية للتسامح مع قتل آلاف المصريين، ما يرسل إشارات تحذير إلى الكثير من قطاعات المجتمع .. إنها الفاشية بعينها". وأفادت الصحيفة الأمريكية، أنه حتى الآن، ألغت وزارة الأوقاف تراخيص الخطابة لعشرات الآلاف من الأئمة، بزعم خوضهم في السياسة وحثهم المصلين على التظاهر ضد الانقلاب العسكري، وقصرت صعود المنابر على أئمة الأوقاف المتخرجين من مؤسسة الأزهر التي تربطها علاقات وثيقة بالأباطرة المصريين، لاسيما الدكتاتور المخلوع حسني مبارك، بحسب الصحيفة الأمريكية.