كانت مهنة الإعلام وفي القلب منها الصحافة، وكان الإعلاميون وفي القلب منهم الصحفيون هم الضحية الأولى أو الشهيد الأول للانقلاب العسكري الذي وقع يوم 3 يوليو2013، ففي الوقت الذي كان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة يتلو البيان الأول للانقلاب بحضور بعض كبار القادة العسكريين وبعض الرموز الدينية والسياسية كانت قواته العسكرية تقتحم مدينة الإنتاج الإعلامي وتغلق 7 قنوات فضائية دفعة واحدة (الناس- مصر25- الرحمة – الحافظ- الفتح- الخليجية- الشباب)، وتعتقل الإعلاميين والعاملين فيها وحتى بعض الضيوف لديها، وتكرر هذا الأمر لاحقا مع قناة أمجاد ومكاتب قنوات الجزيرة الإخبارية ومباشر مصر وقناة العالم، كان هذا المظهر وحده كافيا للجماعة الإعلامية لتعلن رفضها للانقلاب؛ لكننا للأسف الشديد وجدنا تبريرا لهذه الخطوة بزعم أنها مجرد عمل احترازي مؤقت، في حين كانت هذه الأصوات ترتفع عقيرتها لمجرد التفكير في إصدار ميثاق شرف إعلامي يعيد المهنية والمصداقية إلى المهنة من قبل، ويعتبرونه نوعا من التدخل والتقييد لحرية الإعلام!!! لم يتوقف الأمر على إغلاق القنوات الفضائية، بل وصل إلى الرقابة العسكرية المباشرة وغير المباشرة على المؤسسات الإعلامية القومية صحافة وتلفازا، وتحويلها إلى بوق ناطق بصوت الانقلاب، رافض لأي وجهات نظر أخرى، وسارع رؤساء تحرير الصحف القومية إلى منع نشر بضع مقالات لكتاب ينتمون للتيار الإسلامي كانت تمثل قدرا بسيطا من التوازن في تلك الصحف، كما منعت قنوات التليفزيون الرسمي استضافة أي منتمٍ للإخوان أو لأي من الفصائل الرافضة للانقلاب، وتبعتها على الدرب القنوات الخاصة. سكت الصحفيون والإعلاميون على هذا القمع، فكانت النتيجة مزيدا من القمع الذي وصل إلى حد القتل العمد، فهذا هو الشهيد أحمد عاصم (الحرية والعدالة) يلقى رصاصات غادرة متعمدة في مذبحة الحرس الجمهوري بعد أن صور قاتله في واقعة ربما تكون الأولى في التاريخ الصحفي (أن يصور القتيل قاتله)، وهذا هو الشهيد أحمد عبد الجواد (أخبار اليوم) والشهيد مصعب الشامي (شبكة رصد) والشهيدة حبيبة عبد العزيز (جلف نيوز)، ومعهم مراسل قناة سكاي نيوز الأمريكية، يتلقون رصاصات الغدر في مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية بسبب وجودهم في الصفوف الأمامية حاملين كاميراتهم التي استفزت بنادق الضباط والجنود!!!. صمت الصحفيون – في غالبيتهم – على قتل زملائهم في خطوط المواجهة أثناء تأدية عملهم، وراح البعض يبحث عن مبررات لهذا القتل، ويتهم زملاءه الشهداء أنهم وضعوا أنفسهم موضع القتل، فكانت النتيجة مزيدا من القتل للصحفيين المسالمين في كمين عسكري، حيث فقدت الجماعة الصحفية الزميل تامر عبد الرؤوف مدير مكتب الأهرام في البحيرة، وكادت تفقد الزميل حامد البربري مدير مكتب الجمهورية أيضا، والذي استكثر عليه القتلة نجاته من القتل بعد أن أصابوه إصابات بالغة، فلفقوا له تهمة حيازة سلاح مع زميله الشهيد بعد أن رفض "الطلسمة" على الموضوع، وكذَّب رواية المتحدث العسكري، مؤكدًا أنه وزميله الشهيد التزما تماما بتعليمات ضباط الكمين، ولكنهما مع ذلك تلقيا تلك الرصاصات دون مبرر!!! أمام تواصل عمليات القتل يصبح الحديث عن اعتقال الصحفيين والصحفيات ترفا لامحل له، بل ربما يعتبر الصحفي نفسه محظوظا باعتقاله لا قتله أو حرقه، ومع ذلك لا يمكننا أن نتجاهل قضية زميلنا إبراهيم الدراوي الذي تعرض للحبس بتهمة التخابر مع حماس، وهو خبير مختص بالشأن الفلسطيني، ومدير مركز دراسات معني بالقضية الفلسطينية في القاهرة، وعلى علاقة جيدة بقادة فلسطينيين منهم قادة حماس، كما تم اعتقال زميلنا الإعلامي شريف منصور، والصحفي التركي متين توران، ومن قبلهما مراسلا قناة الجزيرة محمد بدر وعبد الله الشامي، ناهيك عن عدد من الزملاء الذين احتجزوا لبعض الوقت، وتم الاستيلاء على كاميراتهم وأوراقهم، ولا أدري إن كنت شخصيا سأكون بينكم لحظة نشر هذا المقال أم سألحق بهؤلاء الزملاء بأي تهمة والسلام.