لم تمارس "دعاء" فن الحياكة مطلقا من قبل، وكل ما تذكره عنه أن والدتها كانت تحيك لها ولإخوتها الفساتين لكنها لم تمسك إبرة وخيطا ولم تتجرأ لتقص قماشا مطلقا. "دعاء عادل" زوجة وأم لطفلين، تخرجت فى كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، سكنت مع زوجها بمدينة شبين الكوم بالمنوفية، تقول دعاء: "كنت أتعجب من ارتداء السيدات والفتيات المحجبات للمعاصم والبادى المحدد لشكل الذراع والجسم ولا أراه -من وجهة نظرى- من الدين فى شىء؛ لأن خامة القماش تحدد تفاصيل الجسم بشكل واضح ومن شروط الحجاب أن يكون فضفاضا، ففكرت أن أحول تذمرى هذا لخلق بديل فقمت بعمل معصم من القماش يشبه كم القميص، حيث يكون واسعا وغير شفاف، حتى أنى خطته بإبرة وخيط وليس بماكينة الخياطة وفوجئت برد فعل زوجى وإخوتى المنبهرين بتجربتى الأولى مما دفعهم لتشجيعى للتوسع المحدود". تسويق إلكترونى قامت دعاء برفع صور منتجها المبدئى على صفحتها الشخصية على فيس بوك وأحد المنتديات النسائية كذلك، وكانت المفاجأة.. تقول دعاء: "لم أتخيل ولم أحلم أبدا أن أجد هذا الإقبال والتشجيع على منتجى فقد حكته بإبرة وخيط فقط ولم أبذل مجهود مضنى لإنجازه، ومع ذلك وجدت ترحيبا فاجئنى شخصيا، بل وجدت الكثير يسألون عن السعر وعن طريقة توصيل الطلب إليهم، مما دفعنى للتفكير بجدية للانتقال للمرحلة التالية". مهارة جديدة بدأت "دعاء" بالاطلاع على كتب الاقتصاد المنزلى، وعلمت نفسها كيف تُعد المقاسات وترسم باترون، ثم بدأت بقص القماش وبحثت عن مصنع يمكنه حياكة القطع بماكينات الخياطة، ونجحت بالفعل فى إعداد الدفعة الأولى لمنتجها بالتعاون مع مصنع صغير، لكنها وجدت أن "تشطيب أو تقفيل" المصنع كانت لديها ملاحظات عليه بخلاف أنه يتأخر فى موعد التسليم، خاصة أنها تُعد ما بين 400 إلى 600 قطعة فقط، فقررت أن تفرغ غرفة طفلها لتضع مكانها ماكينتان للخياطة واستعانت بفتاتين لإنجاز الطلبات سريعا. تقول: "وجدت أن شراء ماكينتين أوفر وأجود لى لأننى أتابع العمل بنفسى بخلاف أننى أستطيع متابعة طفلى وبيتى، خاصة أن مشروعى ناشئ ويحتاج لرعاية مكثفة"، ومع زيادة الطلب ورواج المنتج اقترح زوجها "محمد جمال" أن ينقلا مقر سكنهما لشقة أخرى على أن يؤجرا بأسفلها شقة أصغر تكون مصنعا صغيرا لزوجته. وبالفعل نجحا فى ذلك وخرج مشروع دعاء من غرفة طفلها لشقة تكفى احتياجاتها، ومع توسع المكان أتاح لها مجالا لتضع جهاز "المقص الكهربائى" الذى تدربت عليه بمفردها، وتمكنت من توسيع نشاطها فصممت معاصم، وباديهات فضفاضة، وجواكت طويلة. شرعى ومريح تختار دعاء أقمشة قطنية عالية الجودة حتى لا تشعر المحجبة بحرارة الجو، وفى الوقت نفسه لا يجسد تفاصيل جسمها، وتقول: "لهذه الأسباب وربما لأن نيتى كانت لله فقد وفقت فى مشروعى، وأصبح لى عملاء أتعامل معهم بالقطعة وبالجملة وأعرض تصاميمى على صفحتى على فيس بوك وأرسل الطلبيات مستخدمة شركات الشحن أو البريد السريع". تضيف دعاء قائلة: "أصبح مشروعى جزءا من حياتى وربما أعامله كأحد أبنائى لما يحتاجه من عناية ومتابعة، وأنا على ثقة تماما بجوائز الله لى، خاصة أن مصنعى الصغير علمنى أن أحدد هدفى وأصر للوصول إليه، والله لا يضيع أجر العاملين".