"إذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة *** فإنَّ فساد الرأى أن تترددا".. بهذه الكلمات يؤكد الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور مدى أهمية أن يكون الإنسان قادرا على اتخاذ القرار فى الأوقات الصعبة وأن يكون لديه القدرة على ذلك دون تردد أو خوف لأن التردد قد يؤدى إلى نتائج سلبية. ورغم أنه يمكن اكتساب الكثير من المهارات عن طريق التعلم إلا أنه ليس من السهل تعلم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، خاصة حينما يكون فى قلب المشكلة ويصبح القرار مسئولية وطريق الحل، وحين يصل الإنسان لدرجة عدم اتخاذ القرار فى التعامل مع المشكلة فإن ذلك يعنى إعلان الفشل. تقول سهام محمد –23 سنة-: "أعانى من مشكلة كبيرة فى حياتى ألا وهى التردد فى اتخاذ القرار بدءا من أقل الأمور حتى الأمور الكبيرة فى حياتى، فأنا كثيرة الندم على ما فاتنى بالماضى، وبسبب سوء فهمى وعدم نضجى ضاعت منى فرص زواج تتمناها كل فتاة وأنا نادمة جدا وأشعر بإحباط وتعاسة لأننى لم أحقق ما أريد". أما إسلام مصطفى –26 سنة- فيقول: "أخاف جدا من اتخاذ القرارات وأتمنى ألا أتخذ أى قرار فى حياتى فمثلا حينما كنت أذهب لشراء ملابسى كان لا بد أن أستشير أحد أصدقائى فإذا قال لى: إن هذا القميص غير مناسب فلا أشتريه على الفور، وأيضا منذ شهور قدمت على خطبة إحدى زميلاتى ولكنى بعد الخطبة بيوم بدأ وسواس التردد بأننى لو صبرت لوجدت أفضل منها وتم فسخ الخطوبة بالفعل". أما خلود محمود –19 سنة- فهى على العكس تماما فتقول: "أتسرع دائما فى اتخاذ قراراتى والحكم على الناس، ومن عواقب التسرع أننى تسرعت فى اختيار تخصص كليتى فوجدت تخصصى عقيما، ولم أستطع تكملته فاضطررت إلى أن أعيد السنة مرة أخرى لكى أختار تخصصا آخر". خطوات اتخاذ القرار وفى هذا الصدد، يوضح لنا محمد السقا -خبير التنمية البشرية- قائلاً: "يعتبر اتخاذ القرار أهم خطوة فى العملية الإدارية فى المؤسسات سواء لتطوير المكان أو حل مشكلة، وهناك من يتخذ القرار وهناك من يصنعه؛ فالأول هو المسئول عن القرار مثل رئيس الجمهورية ولكنه ليس من يصنعه فالذى يصنع القرار مجموعة من الناس لهم علاقات متشابكة ما بين مستشارين وفنيين وإداريين، وحتى يكون القرار سليما لابد أن يُتخذ بآليات واضحة متفق عليها؛ منها أن يكون فى التوقيت المناسبن، فلو أخذت قرارا مثاليا ومناسبا جدا ولكن فى وقت غير مناسب فلا قيمة له". أما عن خطوات اتخاذ القرار فيقول السقا: "القرار هو أن تعرف الخيارات والبدائل المتاحة أمامك، ثم تصل إلى الخيار الأمثل، وذلك من خلال التأمل وجمع معلومات فى حدود الزمن المتاح"، ويتابع: "هناك 4 خطوات لاتخاذ القرار تبدأ بجمع البيانات وتحليلها، ثم طرح البدائل التى يمكن الاختيار من خلالها ثم اختيار الأمثل منها، لننتهى بعملية إصدار القرار". ويكمل السقا: "للحالة النفسية دور كبير فى اتخاذ القرار، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: "لا يقضى أحدكم بين اثنين وهو غضبان"، وقس عليها ألا يقضى قاضٍ وهو جوعان؛ لكى لا تؤثر حالته النفسية على الحكم". ويلفت الانتباه إلى عدة محاذير مهمة عند اتخاذ القرار : * لا للعواطف: لأن العواطف عواصف، وهذا نراه كثيرا بين الآباء والأبناء، كم تغلب العاطفة على الآباء والأمهات فيتخذون لأبنائهم قرارات أو يساعدونهم على مسارات فى عين الضرر عليهم، لذا لابد من التجرد من العواطف فى اتخاذ القرار فلا للدخول فى مجاملات شخصية مثلاً. * لا للتردد أو التراجع: فكثيرا ما يتردد الناس ولا يتخذون قراراً فتضيع الأوقات، وأحيانا يبدأ ثم يتقاعس هذا أيضا مبدد للجهد ومضيع للوقت ومؤثر فى النفس. * الفرص لا تتكرر، لذا يجب أن تغتنمها، واتخاذ القرار يكسبك جرأة ويعطيك الشجاعة، ويتيح لك الفرصة للتقويم بعد الخطأ فلا تكن أبدا مترددا فى اتخاذ القرارات، اعزم وأعقلها وتوكل. فن حل المشكلات المشكلة هى عقبة أمام تحقيق الأهداف، وهى وضع غير مرغوب فيه، وهى الصعوبات التى تواجهنا عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى؛ ويوضح ذلك لنا د. محمد سمير عبد الفتاح -أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة المنيا- قائلاً: "عليك أن تبدأ بتفحص وتحديد مشكلتك الرئيسية وحصر المعلومات المتعلقة بها، ثم قم بعزلها عن المشكلات الأخرى الفرعية، وحاول أن تفهم جيداً كيف نشأت وما دورك الحقيقى فيها، ثم ابدأ فى وضع الحلول التى تطرأ على ذهنك، والتفكير السليم يأتى فى الخلوة التى تمنح صاحب المشكلة ذهنا صافيا فيرى ويحلل أسبابها بدقة بحيث يستطيع أن يتعامل مع المشكلة دون اندفاعات حمقاء، وهى من العوامل التى تؤدى إلى الوصول لحلول جيدة ومبتكرة". وهناك بعض الخطوات التى تيسر الوصول إلى حلول إيجابية للمشكلات؛ يذكرها لنا دكتور عبد الفتاح تبدأ بإدراك المشكلة، والحرص فى جميع الحالات على توازنك النفسى فلا تأخذ قرارات فورية بل احصل على مهلة للتشاور والتفكير، ولا تعطى لأحد فرصة أن يدغدغ أعصابك تحت أية مغريات.