«اقتصادية النواب» تطالب «تنمية الصادرات» باستراتيجية متكاملة وتؤجل نظر موازنة المركز    إسرائيل: إصابة ضابط وجنديين شمال غزة واعتراض صاروخ من القطاع    كامل الوزير ينعى هشام عرفات وزير النقل السابق: فقدنا زميلا عزيزا وعالما قديرا    جاسبريني يعلن تشكيل أتالانتا لمواجهة يوفنتوس في نهائي كأس إيطاليا    مساعد كلوب يتولى تدريب سالزبورج النمساوي    ليس الفتيات فقط.. مسلسل التحرش والاعتداء الجنسي لسائقي تطبيقات التوصيل لن تنتهي بعد    رغم انفصالهما.. أحمد العوضي يهنئ ياسمين عبد العزيز على إعلانها الجديد    غدا.. إيزيس الدولي لمسرح المرأة يفتتح دورته الثانية على المسرح المكشوف    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    البداية ب "تعب في العين".. سبب وفاة هشام عرفات وزير النقل السابق    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    كوارث النقل الذكى!!    بتوجيهات الإمام الأكبر ..."رئيس المعاهد الأزهرية" يتفقد بيت شباب 15 مايو    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    طبيب مصرى محترم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    الصورة الأولى لأمير المصري في دور نسيم حميد من فيلم Giant    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    «الصحة» تقدم 5 نصائح لحماية صحتك خلال أداء مناسك الحج 2024    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



1,2 مليار جنيه خسائر سرقات السكك الحديدية سنويا

* 600 مليون جنيه ثمن المسروقات والدولة تتكبد مثلها لشراء معدات جديدة
* المسئولون: سرقة مهمات السكك الحديدية أبرز أسباب حوادث القطارات
* اللصوص يسرقون معدات بمئات الآلاف ليبيعوها بجنيهات معدودة
* نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة: شرطة السكة الحديد تتقاضى 30 مليون جنيه ولا تقوم بدورها
* رئيس نقابة العمال: عصابات مُنظمة تقوم بالسرقات لصالح شركات الحديد وتجار الخردة
* رئيس الإدارة المركزية للمسافات الطويلة: سرقة عربة قطار يستغرق 10 دقائق وإعادة صيانتها يحتاج إلى شهور
* وكيل وزارة النقل: لا يمكن القضاء على سرقات السكك الحديدية بسبب طول الخطوط
على الرغم من أن هيئة السكك الحديدية تدفع سنويا حوالى 30 مليون جنيه لشرطة السكة الحديد من أجل تأمين أصولها إلا أن السرقات لم تنته، حيث وصلت قيمة مسروقات الهيئة خلال عام 2012 حوالى 600 مليون جنيه أصول ضائعة على الهيئة، التى تتكبد مثلها أيضا من أجل شراء آلات ومعدات وإنشاء قضبان بدلا من تلك التى سُرقت.
ويؤكد المسئولون بالهيئة أن هذه السرقات هى أبرز الأسباب فى حوادث وتكرار حوادث القطارات ووقوع ضحايا بين الحين والآخر، خاصة أن اللصوص يقومون بسرقة أدوات ومعدات تؤثر مباشرة على حركة تسيير القطارات بداية من سرعة القطارات وتحكم السائق فيه، وتأمين سيره على القضبان طوال رحلته؛ وهو ما يؤثر على سلامة الركاب، وأشاروا إلى أن الهيئة تتكلف مبالغ طائلة بالعملة الصعبة وهو ما يؤثر بالسلب على إيرادات الهيئة الذى يتكبد خسائر كبيرة لهذا المرفق الحيوى.
"الحرية والعدالة" قامت بجولة داخل محطات السكك الحديدية وحصلت على تقارير رسمية صادرة عن الهيئة، تكشف أن تجار الخردة ومسابك وشركات الحديد هم المُستفيدون من تلك السرقات، أما أدوات اللصوص فهى عبارة عن منشار أو لمبة بيوجاز لقطع القضبان أو المعدات من الجرارات أو الإشارات، حتى وصل الأمر إلى حد سرقة خطوط بأكملها من خلال استخدام جرار زراعى يقوم بسحب الخط.
قطاع الهندسة
تكشف تقارير هيئة السكك الحديدية أن السرقات فى قطاع واحد من قطاعات الهيئة هو قطاع هندسة السكك بلغت قيمتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة نحو 670 مليون جنيه، حيث سجل هذا القطاع فى عام واحد -وهو 2011- سرقات تقدر قيمتها بنحو 90 مليون جنيه، هذا بخلاف الخطوط التى تُسرق بأكملها كخط قنا-سفاجا، الذى سرق منه مسافة تُقدر بنحو 110 كيلو مترات، من واقع 233 كم، إضافة إلى سرقة 75 مفتاحا تُقدر خسائرها بحوالى 235 مليون جنيه، فضلا عن تكلفة إعادة إنشائها، التى تُكبد الهيئة 235 مليون أخرى، ووقتا زمنيا يجاوز العامين لاستعادة إنشاء السكة التى تم سرقتها.
ولم يكن خط حديد قنا-أبو طرطور، أفضل حالا، حيث سُرقت قضبان منه طولها 130 كم من واقع 450 كم، وهو ما تسبب فى توقف الخط بأكمله، إلى جانب خسارة سرقته التى قُدرت بنحو 275 مليون جنيه، واستعادته تكلف الهيئة المبلغ ذاته، بل إنها تحتاج إلى 26 شهرا.
كما بلغت خسائر السرقات فى قطاع المسافات الطويلة 12 مليون جنيه خلال عام 2012، أما قطاع المسافات القصيرة فسجل خسائر سرقات قدرت بما يزيد عن 20 مليون جنيه، فى حين وصلت السرقات فى قطاع البضائع ما يزيد عن 12 مليون جنيه، بمعدل مليون جنيه شهريا، كما بلغت قيمة السرقات بالمخازن نحو مليون و200 ألف جنيه، وتبين أن حوالى 30% من الخردة يتم سرقتها، حيث يبلغ سعر الطن الواحد 30 ألف جنيه، وقد سرق منها منذ الثورة وحتى نهاية 2012 حوالى 25 طنا.
خطر يهدد الركاب
كشف أحد تقارير الهيئة أن ظاهرة سرقة مهمات السكة الحديد خطيرة بالدرجة التى تؤثر بشكل مباشر على شروط السلامة الفنية الخاصة بسير القطارات وأيضا بسلامة الركاب، حيث إن أخطرها سرقة أجهزة ال"ATC"، وهى التحكم الآلى فى مسير القطارات والمُركبة بجوار خطوط السكك الحديدية، حيث تتحكم فى سرعات القطارات وللحد من ذلك قامت الهيئة بلحام هذه الأجهزة بلحام المسامير، ومع ذلك تتعرض للسرقات.
كما تتعرض الكابلات الأرضية الخاصة بتشغيل السيمافورات أو تشغيل أجهزة الاتصالات بين البلوكات والأبراج للسرقة، وهو ما يؤثر تأثيرا مباشرا على شروط السلامة الفنية للقطارات والركاب، نتيجة تعطل السيمافورات أو أجهزة الاتصالات ويتسبب فى تأخر الوصول أو الحوادث، وقد تسببت حالات سرقة مهمات تثبيت السكة فى وقوع حوالى 8 حوادث سقوط للقطارات وخروجها عن القضبان، منها سقوط قطار ركاب بخط بنها-بورسعيد، وقطار خط عين شمس-السويس، وسقوط قطار ركاب بخط فاقوس-السماعنة، و5 حالات سقوط لقطارات نقل البضائع.
وتؤدى حالات سرقة مهمات الإشارات خاصة الكهربية إلى خلل بدلالات السيمافورات، واحتمال اصطدام القطارات بالمركبات، وسقوط القطارات، وخسائر مادية فى الأموال والأفراد، حيث بلغت حالات فقد مكونات السكة وتثبيتها حوالى 500 حالة خلال عام 2011 والنصف الأول من 2012، وبلغت حالات فقد مكونات وأجهزة الإشارات حوالى 498 حالة خلال الفترة الزمنية نفسها، وهو ما يتسبب أيضا فى تعطل وتأخير مسير القطارات وخروجها عن جدولها لحين تركيب مهمات بدلا من المسروقة.
وتفيد تلك التقارير أن كابلات الإنارة داخل القطارات تتعرض للسرقات وهى فى الأحواش فى أثناء تجهيزها، كما يتم سرقة أجهزة الإشارات المركبة على السكة وموتور التحويل.
السائقون فى ورطة!!
يوضح التقرير أن الكثير من المهمات تتعرض للسرقات وينجم عن سرقتها مخاطر كبيرة مثل فرملة القطار، حيث إنه مع سرقتها فإن السائق لن يتمكن من إيقاف القطار مما يؤدى إلى حادث جسيم، وحيث إن لقم الفرامل مُصنعة من الحديد الزهر فقد دأب بعض اللصوص على سرقتها مما يؤدى إلى عدم وجود رباط بالقطار (فرامل)، ويحاول قطاع الصيانة بالتعاون مع قطاع السلامة بالهيئة باستكمال تركيب لقم الفرامل بصفة مُستمرة، قبل خروج القطار للرحلة.
كما يصر اللصوص على سرقة بلف التقسيم لاحتوائه على قطعة من النحاس مما يؤدى إلى عدم وجود فرامل، مع العلم أن بلف التقسيم الواحد يتجاوز ثمنه ال25 ألف جنيه، أما بالنسبة لسرقات زجاج القطار فيكفى أنه بكل عربة يوجد 22 نافذة زجاجية يتجاوز ثمنهم 22 ألف جنيه، ويقوم اللصوص بسرقة الزجاج بالكامل، أى أن خسائر سرقة النوافذ فى قطار واحد فقط إذا كان مكونا من 8 عربات تبلغ 176 ألف جنيه.
أما بالنسبة لسرقة كابلات العربات؛ فهى عبارة عن كابلات نحاسية أو ألومونيوم، ويعادل ثمنها حوالى 30 ألف جنيه للعربة الواحدة، وعند سرقتها تفقد العربة إمكانية الإضاءة ليلا مما يُعرض الركاب، خاصة السيدات لأعمال التحرش والسرقة.
كما أن كابلات الجرارات تتعرض للسرقة، نظرا لأنها مصنوعة من النحاس شديد النقاء، حيث يحرص اللصوص على قطعها، مع العلم أن بدونها لا يُمكن للقطار أن يتحرك، وتحدث عملية شلل لحركة الجر وتعطيل القطارات، مع العلم أن ثمن الكابل الواحد يبلغ 100 ألف جنيه.
أما بالنسبة لملفات الحث الخاصة بأجهزة التحكم الآلى فى القطار، فتلاحظ سرقة تلك الملفات الأرضية الموجودة بالقرب من السكك الحديدية والمُتصلة بنظام الإشارات لاسلكيا بالجرارات لإيقافها مباشرة، فى حال تجاوز السرعة أو تجاوز السيمافورات، ويجاوز سعر الملف الواحد 100 ألف جنيه، وعند سرقتها فإن سائق القطار لا يشعر بأنه تجاوز السرعة مما قد يؤدى إلى وقوع حوادث.
كما أن سرقة القضبان فتسبب سرقتها فى سقوط القطارات التى تسير بسرعات حوالى 100 كم/ساعة، خاصة فى السكك ذات الإشارات الميكانيكية.
عصابات مُنظمة
يقول عبد الفتاح فكرى -رئيس النقابة العامة لسكك حديد مصر-: إن السكة الحديد تتم سرقتها منذ فترة طويلة، خاصة الأحواش والعربات ودورات المياه، مشيرا إلى أن كثيرا من اللصوص لا يعرفون قيمة الأشياء التى يقومون بسرقتها، فتجدهم يسرقون كابلا يتجاوز ثمنه 80 ألف جنيه لبيعه ب50 جنيها، وتلك السرقات تتم من خلال عصابات مُنظمة يستفيد منها شركات الحديد والمسابك وتجار الخردة وغيرهم.
وأضاف فكرى، أن معظم العربات التى توجد فى الأحواش يقوم اللصوص بقطع أسلاك الإنارة بها بهدف الحصول على النحاس وكذلك الإشارات، موضحا أنه على الرغم من أن الهيئة مُتعاقدة مع شركة أمن ونظافة إلا أن دورها غير مُفعل أو ملموس على أرض الواقع.
وأشار إلى أن آلاف الأطنان من ممتلكات السكة الحديد مُلقاة على طول شريط السكة، فضلا عن الخطوط التى تُسرق بالكامل كما حدث فى خط بنى سويف-البارود، الذى تم سرقة قضبانه، نظرا لأنه كان متوقفا منذ سنين.
أما محمد محسن -مدير عام الصيانة للمسافات القصيرة- فيكشف أن السرقات فى هذا القطاع تصل إلى 20 مليون جنيه سنويا، لافتا إلى أن الهيئة تتكبد القيمة نفسها لاستعادة المسروق، حتى لا يتعطل التشغيل وتتحمل نحو 200 مليون جنيه لشراء معدات بديلة، مشيرا إلى أن اللص لا يعرف خطورة ما يقوم به، وأن أى جزء مهما كان صغيرا سيتسبب فى تعطل حركة القطارات، فضلا عن أنه قد يعرض حياة الإنسان للخطر، إلى جانب الخسارة الكبيرة التى تتكبدها الهيئة نتيجة شرائها لمهمات السكة الحديد بالعُملة الصعبة.
ولفت إلى أنه بعد سرقة الجرارات أو العربات فإنها تصبح خُردة لحين تعويض الأجزاء التى تم سرقتها بأخرى، والتعاقد عليها بالعملة الصعبة، فضلا عن أنه يتطلب عمالة، مضيفا أن السرقات أصبحت أمرا متكررا بصفة يومية، نظرا لأن اللصوص عرفوا الطريق لمعدات السكة الحديد التى لا يراها سوى مجرد قطعة معدنية يسرقها لبيعها ببضع جنيهات.
وأوضح محسن أن اللص يسرق الكابلات من الجرارات باستخدام المنشار حين يعلم بأن الجرار محبوس فى الحوش مدة ساعتين أو ثلاثة، وتكمن الكارثة فى محاولة اللصوص سرقة الكابلات بعدما تكون عملية الصيانة تمت للجرار وهو يستعد للقيام بالرحلة، مشيرا إلى أنه فى تلك الحالة من الممكن أن تحدث كارثة، خاصة إذا تم سرقة جهاز ال"ATC"، الذى يبدو بسيطا إلا أنه باهظ الثمن لأهميته فى تحديد سرعة القطار.
خردة بالكيلو
وبدوره يقول مدحت يوسف -رئيس الإدارة المركزية للمسافات الطويلة بهيئة السكة الحديد-: إن السرقات فى قطاعه خلال العام الماضى بلغت حوالى 12 مليون جنيه، موضحا أن الانفلات الأمنى عقب ثورة 25 يناير، تسبب فى تعرض أسطول السكة الحديد بسبب السرقات الشرسة سواء بالجرارات أو العربات من خلال قطع جميع كابلات الكهرباء، سواء فى المحرك أو ال"أندر فريم".
ويضيف أنه بالنسبة للعربات، فيتم سرقة مواتير التكييف وأجزاء الكهرباء؛ لأن سرقة عربة بأكملها من الممكن أن تتم فى 10 دقائق من خلال منشار يقطع به الأجزاء التى يرغب فى سرقتها ليتركه بعدها خردة تحتاج إلى أسابيع أو شهور لبنائها من جديد، لافتا إلى أن ذلك يعد عاملا رئيسيا فى إحباط عمال الصيانة لأنهم يقومون بإعادة الأعمال التى سرقت منهم مجهودا كبيرا، الأمر الذى يجعل البعض يطلب التأمين قبل أى شىء لأنهم يشعرون وكأنهم يحرثون فى البحر، خاصة أن من يسرقها يبيعها فى السوق بالكيلو.
وأوضح أن أدوات اللصوص تتمثل فى المنشار الكهربائى أو العادى، وفى المناطق النائية يستخدمون شعلة البيوجاز لقطع الحديد خاصة القضبان، فى حين يلجأ البعض الآخر إلى أسلوب مثير للدهشة وهو ربط أطراف القضيب بجرار زراعى ويسحبه بأكمله وراءه، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك إلا أن الشرطة أحيانا كثيرة تتمكن من ضبط الجناة.
شرطة السكة الحديد
على الجانب الآخر؛ أشار يحيى إبراهيم محمود -نائب رئيس مجلس الإدارة لقطاع الشئون المالية- إلى أن خسائر الهيئة من حنفيات وكابلات نحاسية ومقابض أبواب فقط قدرت فى الفترة من 1 يوليو 2011 وحتى 30 يونيو 2012 بنحو 47 مليون جنيه، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يشمل الخطوط التى تم سرقتها، ومن بينها خط فردان-بئر العبد، وخط سفاجا، وهى خطوط تمت سرقتها على عدة مراحل.
وكشف محمود أن الهيئة تدفع لشرطة السكة سنويا مبلغ 30 مليون جنيه مقابل تأمين المنشآت، موضحا أن هناك توجها لفسخ العقد بعد دفع هذا المبلغ لجهاز الأمن إن لم تقل نسبة السرقات فى السكة الحديد.
ويضيف يحيى شمالة -رئيس الإدارة المركزية لهندسة السكة الحديد- أن السرقات تمثل بالنسبة للهيئة خسارة فادحة، خاصة أن هناك خطوطا يتم سرقتها بأكملها قد تصل تكلفة الخط الواحد إلى 235 مليون جنيه، فضلا عن الخسائر التى يتكبدها القطاع نتيجة سرقة مستلزمات السكة الحديد، التى وصلت فى عام 2012 نحو 84 مليون جنيه.
وأشار شمالة إلى أن تجار الخردة ومصانع الحديد والمسابك أول المستفيدين من سرقات مهمات لا يوجد لها مثيل فى السوق المحلية، حيث إن السرقات لا تحدث فقط على الخطوط المتطرفة ولكن فى خطوط داخل المدن؛ مثل خط عين شمس-السويس، والمنصورة-المطرية، ومنطقة القبارى بالإسكندرية، وقنا-طرطور، وخط الفردان-بئر العبد، وقنا-سفاجا التى نعيد تأهيلها.
وأكد أنه من الصعب تأمين 6 آلاف كيلو متر؛ هى طول خطوط السكة الحديد أو بناء سور حولها، وقد بلغ الأمر حد سرقة جهاز تحديد سرعة القطار، الذى يبلغ ثمنه 80 ألف جنيه، من أجل بيع قطعة ألمونيوم فيه بجنيهين فقط.
من جهته، كشف مصدر مسئول بإدارة المخازن والمشتريات أن حجم السرقات تقدر لديهم خلال عام 2012 بنحو مليون و200 ألف جنيه، أما الخردة فقد تم سرقة حوالى 25 طنا منها، ويُقدر سعر الطن الواحد بنحو 30 ألف جنيه، موضحا أن اللصوص يحرصون على سرقة الكابلات النحاس والنوافذ والحنفيات من العربات وقواعد الفلنكات من السكة، فى حين تتعرض الجرارات لسرقة بطاريتها وما بها من سولار فى أثناء توقفها وسرقة ما بها من نحاس، متمثلا فى الكابلات والمفاتيح ومواتير الجر.
أما صلاح منجود -مدير عام إدارة الفحص والتفتيش بالسكة الحديد- فيرى أن السرقات تنقسم إلى جزءين؛ الأول: يتعلق بالسرقات الداخلية إما بسبب الرشاوى أو الإهمال، وتكون مُعظمها فى أقسام المُشتريات، أما السرقات الخارجية فتتمثل فى سرقة السكك والعربات واقتحام الأسوار نتيجة غياب التأمين، وقدرت قيمة سرقات زجاج النوافذ سنويا بنحو 5 ملايين جنيه.
وأوضح منجود، أن الحل للحد من السرقات هو الاستعانة بأجهزة الأمن العام لتأمين السكة الحديد، حيث تكون منوطة بتأمين كافة منشآت الهيئة، مع إنشاء أسوار بمواصفات تسليح خرسانية وبارتفاعات معينة، حيث يصعب اقتحامها أو هدمها، مشيرا إلى أن ثمن القطار الواحد بمهماته أغلى ثمنا من الطائرة.
فى حين يرى اللواء حسن موسى -وكيل وزارة النقل للرقابة والتأمين- أن خطوط السكة الحديد طويلة جدا، وهناك صعوبة فى تأمينها، وأوضح أن اللصوص يسرقون أشياء ثمينة تتجاوز قيمتها مئات الآلاف ليبيعوها فيما بعد بعشرات الجنيهات.
وأضاف أن شرطة السكة الحديد تضبط سنويا آلاف القضايا، لكنها لا تستطيع حراسة كل الخطوط، خاصة أن عددا كبيرا من الخطوط يمتد فى أماكن نائية، وأوضح أنه يتم تسجيل 3 محاضر سرقات يوميا، لافتا إلى أن هذا ما يتم ضبطه بخلاف ما لا يتم ضبطه، موضحا أن السرقات زادت نظرا لحالة الانفلات الأمنى، وأن معظم السرقات تتم فى الخردة التى تكون مُلقاة على طول خطوط السكة الحديد وهو ما يجعلها مطمعا للصوص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.