أمر يجب الوقوف عنده وبدقة مهنية وعلمية بعيدا عن السجال السياسى القائم والقاتم، باختصار شديد: هل تملك وزارة الدكتور إبراهيم غنيم رؤية واضحة ومحددة ومعلنة لإصلاح منظومة التعليم، هل تعرف وزارة الدكتور غنيم أين هى؟ وماذا تريد؟ وما ضمانات التحقق؟ الأهداف ذات الأولوية يأتى فى مقدمتها الأولويات الخمس وهى: الإتاحة الكاملة بمعنى توفير مكان إنسانى وحضارى لكل طالب مصرى يلتحق بقطار التعليم، لتنخفض الكثافة تدريجيا وتصل لمعدلاتها المقبولة خلال الجزء الأول للخطة الإستراتيجية "40 طالبا"، وهو ما يمنع التسرب من التعليم الذى وصل لمعدلات مفزعة بمتوسط 6%، ويحاصر غول الأمية الذى تجاوز 30%، فضلا عن إعادة توزيع العمالة على مستوى الإدارة والمعلمين والفنيين والأخصائيين بما يحقق العدالة الوظيفية وتكافؤ الفرص اللامركزية الفاعلة لتقوم المديريات التعليمية والإدارات المدرسية بواجبها الوظيفى والمهنى والتربوى من خلال كم الصلاحيات الكبيرة المخولة لها فى اتخاذ القرارات وتقديم الخدمات وتوفير الاحتياجات وممارسة الرقابة والمتابعات بالتنسيق مع الإدارة المحلية لكل محافظة، وقد بدا هذا واضحا حين صرح الدكتور وزير التعليم "أحلم باليوم الذى يمارس فيه مدير المديرية صلاحيات الوزير، هنا سنكون بحق خدام هذا الشعب العظيم". الجودة الشاملة بعيدا عن ترتيب الأوراق، نسعى لجودة تعليمية شاملة، على مستوى الطالب وبمواصفات تليق بمكان ومكانة هذا الوطن العريق، ولإشباع مكوناته الأساسية على مستوى المعارف والمعلومات والقيم والاتجاهات والسلوك والممارسات، وعلى مستوى المعلم ليكون فعلا نعم الوالد بالرابطة القلبية والأستاذ بالإفادة العلمية والقائد بالتربية السياسية والمربى بالمنظومة الخلقية، وعلى مستوى الإدارة المدرسية لننتقل بها من التنفيذ المحدود للتخطيط الممدود والرقابة العلمية المستدامة الشراكة الضامنة التكامل والشمول بين المؤسسات التربوية المدرسية واللامدرسية بداية من البيت مرورا بالمدرسة فالمسجد والكنيسة فوسائل الإعلام؛ حتى نتمكن من توفير مناخ تربوى وتعليمى داعم متكامل لا متضارب، ثم التكامل بين مؤسسات الدولة على مستوى الإمكانات المادية والبشرية ليكون لدينا وفرة من الموارد يكمل بعضها البعض، ولنتحمل جميعا المسئوليات، وبالطبع بنسب وزنية وصلاحيات تكافئ المسئولية الوطنية والوظيفية والسياسية والموارد الكافية. من المعلوم أن الموارد الرسمية للوزارة بل لكل وزارات الدولة لا تفى بما هو مطلوب ومأمول، لذا يأتى الدور الوطنى والواجب الشرعى لمؤسسات المجتمع المدنى ورجال الأعمال، ثم القطاع الخاص ليكون الدعم المالى والمعنوى بمظلة قانونية عادلة. ضمانات التنفيذ: قد يقول قائل -وهو محق- ما ضمانات تنفيذ ما سبق، وهو كلام ليس بالجديد، فقد قاله من جاء قبلكم وكانت نسب التحقق لم تتجاوز الربع "نسبة تنفيذ الخطة السابقة 26%"، لذا كانت حزمة الضمانات ومنها: تبنى الرأى العام لهذه الأولويات ليكون نعم الرقيب على خطط الوزارة التى تمثل أكبر خط إنتاج بشرى لأبناء المصريين. استكمال مشروع المجلس الوطنى للتعليم بهدف استقرار السياسات والاستراتيجيات وتجنب تغيرها بتغير الوزراء المعنيين. الشراكة المجتمعية فى وضع المناهج الدراسية لتعبر بصدق ومنهجية علمية عن كل المصريين دون استثناء للتعامل الإيجابى مع تخوفات البعض من اختراق فصيل سياسى دون غيره هذه المناهج التى لها قدسية ومكانة الدساتير . الإعداد الشامل للمعلم المصرى عماد تربية وتعليم الأجيال، على المستوى المهنى والعلمى والتربوى ليعبر بصدق عن أملنا المنشود فى تربية وتعليم جيل ينهض بهذا الوطن فى أقل مدة ممكنه لأن حركة التاريخ والتطور لا تنتظر الكسالى. الخلاصة.. هذه رؤية الوزارة التى قد لا يعلمها الكثيرون، خاصة من المهتمين بالعملية التعليمية ويبدءون دائما من نقطة الصفر وكأنه لا توجد هناك رؤية ولا خطة، هم بذلك مقصرون لعدم الاطلاع والبداية الدائمة من الفراغ، ونحن أيضا مسئولون عن توصيل هذه الرؤية لهم وللرأى العام المصرى رغم الصخب والغبار الإعلامى الكثيف الغالب على الساحة فحجب الرؤية وخلط الأوراق. حفظك الله يا مصر.