عاطف البنا: يدعم استقرار مؤسسات الدولة المنتخبة وليد شرابى: أحد مكاسب دستور الثورة أحمد الخطيب: يمنع حدوث فراغ تشريعى أكد قانونيون أن اختصاصات ومهام المحكمة الدستورية العليا هو الفصل فى مدى دستورية القوانين من عدمها، وأن التغيير الرئيسى والجوهرى الذى استحدثه الدستور الجديد هو قيام الدستورية بدورها الرقابى على قوانين مباشرة الحقوق السياسية وقوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية مسبقا قبل صدوره. وأوضحوا أن الرقابة المسبقة على قوانين الانتخابات يأتى حفاظا على الاستقرار السياسى والاقتصادى للبلاد، وكذلك الحفاظ على موارد الدولة التى يتم إنفاقها على العملية الانتخابية، والامتثال للإرادة الشعبية وبقاء مؤسسات الدولة المنتخبة دون الطعن عليها لدى المحكمة الدستورية التى أقرت مسبقا بدستورية القوانين. من جانبه، أوضح الدكتور عاطف البنا -أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة- أن وضع المحكمة الدستورية العليا فى الدستور الجديد الذى أقره الشعب بأغلبية الثلثين يجعل دورها فى الأساس هى الرقابة على جميع القوانين واللوائح قبل أن تصدر، وذلك من خلال الحكم على دستوريتها من عدمه، مشيرا إلى أن هذا الاختصاص دور أصيل للمحكمة إلى جانب اختصاصات أخرى تقوم بها فى الحياة التشريعية. وأوضح أن الدستور حدد دور المحكمة الدستورية فى الرقابة على جميع القوانين واللوائح الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية وتنظيم عملية الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية؛ حيث قرر الدستور عرض هذه القوانين على المحكمة العليا للبت فى دستوريتها من عدمه قبل إصدارها والعمل بها. وقال البنا: إن المحكمة الدستورية هى ملزمة بتفسير القوانين التى تتطلبها الجهات القضائية الراغبة فى الحصول على تفسير هذه القوانين، سواء المجلس الأعلى للقضاء أو مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وأن هذا الإجراء يتم وفقا لطلب رسمى تقدمه هذه الجهة إلى وزير العدل، ليقوم بدوره بإبلاغ المحكمة الدستورية برغبة هذه الجهة بتفسير هذه القوانين ومدى دستوريتها. وأضاف أن من بين الأدوار المنوطة بالمحكمة هى الفصل بين سلطات الدولة فى حال وجود أى منازعات أو اختصاصات متشابكة ومتضاربة، لافتا إلى أن دورها فى الفصل فى هذه المنازعات يدعم استقرار هيئات وسلطات الدولة. وأشار البنا إلى أن الدستور يقر تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وفقا لترشيحات الجمعية العمومية للمحكمة، كما أن الجمعية ذاتها هى التى ترشح رئيس المحكمة من بين الأعضاء لعرضه على رئيس الجمهورية لإصدار قرار جمهورى بتعيينه، مؤكدا أن هذا الإجراء جاء بعد أن كان الرئيس فى السابق هو الذى يعين رئيس المحكمة وأعضاءها. من جانبه، أوضح المستشار وليد شرابى -المتحدث الرسمى باسم حركة قضاة من أجل مصر- أن الدور الرئيسى الذى كانت تقوم به المحكمة الدستورية هو الرقابة على القوانين والتشريعات التى يتم إصدارها، وهذا الدور هو ما قامت به خلال الفترة الماضية بالنظر فى قانون الانتخابات البرلمانية بعد صدوره والعمل به، إلى الحد الذى وصل إلى صدور قرارها بعدم دستورية الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو ما كبد الدولة خسائر مليارات الجنيهات تم إنفاقها على هذه الانتخابات التى جاءت بمجلس شعب منتخب بإرادة شعبية نزيهة. وقال شرابى: إن الدستور الجديد تنبه لهذه المسألة جيدا، لذلك نص على أن رقابة المحكمة الدستورية على القوانين والتشريعات سابقة لإصدارها خاصة ما يتعلق بمباشرة الحقوق السياسية وأية انتخابات برلمانية أو رئاسية أو محلية، لافتا إلى أنه فى ظل الرقابة على هذه القوانين قبل إجراء الانتخابات لن نرى فى المستقبل أى قرارات ببطلان انتخابات هذه المجالس النيابية المنتخبة، مؤكدا أن هذه النقطة تعد أحد مكاسب دستور الثورة. وأوضح شرابى أن كل سلطة من سلطات الدولة تعلم اختصاصاتها ومهامها فى ظل الدستور الجديد وذلك بشكل تفصيلى، مستبعدا حدوث أى خلافات أو منازعات بين سلطات الدولة، لافتا إلى أن اختيار الجمعية العمومية للمحكمة لأعضائها ولرئيسها يعد مكسبا إضافيا من مكاسب الدستور، وتأكيدا لاستقلال السلطة القضائية عن التنفيذية، حيث تكتفى السلطة التنفيذية الممثلة فى رئيس الجمهورية بدورها فى إصدار قرار التعيين فقط. أما المستشار أحمد الخطيب -رئيس محكمة باستئناف الإسكندرية- فأوضح أن التغيير الرئيسى فى مهام ودور المحكمة الدستورية بالدستور الجديد هو الرقابة السابقة على دستورية القوانين والتشريعات الخاصة بانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية، مؤكدا أن هذا الإجراء كان غير معمول به من قبل، حيث كانت تنظر المحكمة فى القوانين لاحقة بعد صدورها والعمل بها، وهو ما أدى إلى انتهاء أعمال مجلس الشعب 2012 وخسارة الدولة لمليارات أنفقتها على هذه الانتخابات. وأضاف أن نص الدستور على جعل رقابة الدستورية على القوانين قبل إقرارها يدل على أنها جاءت وفق المصلحة العامة ولاعتبارات الاستقرار والملاءمة السياسية والقانونية، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن الرقابة اللاحقة على القوانين كانت تؤدى إلى الطعن على العملية الانتخابية وذلك بصورة قانونية، وهو ما يترتب عليه من أضرار مادية، فضلا عن حدوث فراغ تشريعى ومؤسسى فى الدولة. وحول ما يثيره البعض حول عدم جدوى النظر فى دستورية القوانين قبل إصدارها لأن عيوب القوانين تظهر بعد إقرارها وتطبيقها، قال الخطيب: "إن عيوب القوانين غير متصل بدستوريتها من عدمه، لأنه من الممكن أن يكون بالقوانين عوار منذ تاريخ صدورها، حيث إن العيوب التى تظهر هى موضوعية تتعلق بتنفيذ القوانين، لا بدستوريتها من عدمه". وأشار إلى أن المحكمة الدستورية اختصت أيضا بالرقابة على دستورية باقى القوانين واللوائح رقابة لاحقة لاختلاف خطورتها على الوضع السياسى والاجتماعى والاقتصادى، عما يحدث فى قانون الانتخابات، مشيرا إلى أن المجتمع عانى من عدم وجود برلمان تشريعى بسبب عدم أخذ رأى المحكمة قبل صدور القانون والعمل به.