الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية نشر تقارير الفساد على الرأى العام يحقق النزاهة والشفافية الجهاز المركزى للمحاسبات يراقب جميع مؤسسات الدولة البنك المركزى يضع السياسة النقدية ويراقب أداء الجهاز المصرفى د. خيرى عبد الدايم: تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن الفساد صافيناز صابر 70 مليار جنيه سنويّا هى التقديرات التى تشير إليها الدراسات الاقتصادية والسياسية عن حجم الفساد فى مصر، قبل الثورة وخلال حكم النظام البائد، بما فى ذلك الرشى والعمولات والأموال المهدرة التى كان من المفترض أن تدخل الخزانة العامة، ولأن الفساد بهذا الحجم الذى لم يكن يتوقعه أحد خصص الدستور الجديد بابا كاملا عن الهيئات القضائية والأجهزة الرقابية وذلك لمحاربة الفساد الذى طال مؤسسات الدولة من جراء فساد النظام السابق الذى سعى لتحقيق أهدافه ومصالحه على حساب مصالح الوطن. ويرى الخبراء أن حجم الفساد الهائل الذى ينخر فى مؤسسات الدولة نتيجة للسياسات التى اتبعها النظام البائد على مدار 30 سنة للسيطرة على مفاصل الدولة، هو ما دفع أعضاء الجمعية التأسيسية الذين قاموا على صياغة مواد الدستور إلى وضع العديد من المواد التى من شأنها أن تكافح وتحارب هذا الفساد، ولم تكتف بذلك فحسب، بل وضعت مادة تنص على إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد، وعزلت فلول النظام البائد سياسيا. محاربة الفساد تنص المادة 200 على: تتمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، المنصوص عليها فى الدستور، بالشخصية الاعتبارية العامة، والحياد، والاستقلال الفنى والإدارى والمالى، ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية الأخرى، ويتعين أخذ رأى كل هيئة أو جهاز منها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها. والمادة 201 تنص على: تقدم تقارير الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الشورى، خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدورها، وعلى مجلس النواب أن ينظرها، ويتخذ الإجراء المناسب حيالها فى مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ ورودها إليه. وتنشر هذه التقارير على الرأى العام، وتبلغ الأجهزة الرقابية سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات أو جرائم، وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون. أما المادة 202 تنص على: يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزراء. وتنص المادة 203 على: يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابى، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها فى الدستور، ونظام عملها؛ ويمنح أعضاءها الضمانات اللازمة لأداء عملهم.. ويبين القانون طريقة تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. أما المادة 204 فقد تم استحداثها وتنص على: تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الإستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التى يحددها القانون. وتنص المادة 205 على: يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة، والجهات الأخرى التى يحددها القانون. والمادة 206 تنص على: يضع البنك المركزى السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية، ويشرف على تنفيذها، ويراقب أداء الجهاز المصرفى، ويعمل على تحقيق استقرار الأسعار، وله وحده حق إصدار النقد، وذلك كله فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة. هيئة تنسيق ومراقبة يقول الدكتور خيرى عبد الدايم -نقيب الأطباء ورئيس لجنة الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة بالجمعية التأسيسية- إن المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد هيئة تم استحداثها فى مشروع الدستور الجديد لتقوم بالتنسيق بين الأجهزة الرقابية المختلفة، ومنوط بها التأكد من فاعلية تلك الأجهزة وقيامها بواجباتها وتنمية مكافحة الفساد فى المجتمع، بالإضافة إلى نشر قيمة النزاهة والشفافية، فضلا على تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أى وقائع فساد، وأيضا تتولى تنقية قوانين مكافحة الفساد الحالية وتقترح قوانين جديدة، مشيرا إلى أنه ينطبق على المفوضية كل الشروط اللازمة لإنشاء هيئة مستقلة. ويضيف عبد الدايم أن استشراء الفساد فى كافة مؤسسات الدولة لدرجة أن واضعى الدستور وضعوا نصب أعينهم صياغة مجموعة من المواد لمكافحة الفساد. وأوضح أن هناك العديد من الأجهزة الرقابية فى مصر، لكن لا يوجد بينها تنسيق منها (الجهاز المركزى، جهاز حماية المستهلك، جهاز حماية الاحتكار، البنك المركزى، جهاز الكسب غير المشروع، مباحث الأموال العامة وغيرها)، فهناك تناقض وتضارب فى أعمالها وتكرار للمعلومات التى تقدمها كل منها، لافتا إلى أنه فى الوقت ذاته لا يوجد جهاز يتولى الرقابة عليها والتأكد من قيامها بمهمتها لذا لزم إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد لتعمل جميعها جنبا إلى جنب. من جانبه، يرى المستشار حسام مازن -وكيل مجلس الدولة- أن المفوضية الوطنية فكرة جيدة، فلأول مرة ينص الدستور على إنشاء جهاز خاص لمكافحة الفساد بخلاف الهيئات القضائية المختصة بمحاربة الفساد، مشيرا إلى أنه يرى أنها أنشئت خصيصا لمراقبة أجهزة الدولة وبخاصة السلطة التنفيذية؛ حيث ينحصر دورها فى تجميع الأدلة والكشف عن وقائع الفساد بما تجريه من رقابة وإشراف على الأجهزة الرقابية. ويضيف مازن: "هناك قانون سيصدر عن مجلس النواب ليحدد الأجهزة التى تراقبها المفوضية والوسائل القانونية والسلطات المخصصة لهذا الجهاز بما يكفل له مكافحة الفساد"، مؤكدا أنه حينما تُفَعّل هذه المادة جيدا فى القانون سيترتب عليها آثار ممتازة من شأنها كشف وقائع الفساد وتقديمها للقضاء مع الأدلة، مؤكدا أن هناك الجهاز المركزى للمحاسبات والهيئات القضائية والنيابة العامة ستعمل إلى جانب المفوضية الوطنية. وأشار إلى أن المادة 232 التى تمنع قيادات الحزب الوطنى من ممارسة العمل السياسى والترشح فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كانت سببا فى قيام الكثيرين من رموز النظام السابق بمحاولات لمحاربة الدستور بكل الوسائل لأنهم سيضارون منه، وتابع قائلا: "هناك بعض قيادات الحزب الوطنى المنحل لم تقدم ضدهم أية أدلة وأبسط شىء هو استبعادهم من الحياة السياسية من خلال هذه المواد المهمة التى تدعم الثورة". أما المستشار طلعت كمال فيقول: "أعتقد أن الهدف من استحداث هيئة المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد هو مكافحة الفساد فى كافة مؤسسات الدولة والذى وصل إلى حد لا يطاق بخاصة المحليات؛ حيث وصل للهواء الذى نتنفسه، وذلك بسبب السياسات السيئة التى وضعها النظام السابق من أجل أن يسيطر على تلك المؤسسات". ويضيف: "أنا مع هذه المادة لأنه كان لا بد من وجود مؤسسة قائمة بذاتها ولا تخضع لأى من أجهزة الدولة، لكن يتوقف ذلك على تفعيل هذه المادة فى القانون؛ حيث إن دستور 71 كان يحوى نصوصا جيدة، لكن للأسف التطبيق كان سيئا". وناشد كمال السلطة التشريعية بتفعيل هذا المادة بشكل جيد، وأن تصدر القوانين حتى يكون اسم المادة متماشيا مع تطبيقها، مشيرا إلى أن الدستور نص على بعض الاستقلالية لهذه الهيئة؛ حيث ضمن لها الاستقلال من الناحيتين المالية والإدارية وعدم عزل رئيسها، وعليه يجب أن يصدر القانون فى أقرب وقت، لافتا إلى أنه لو تم تفعيل هذا القانون سيظهر الكثير من وقائع الفساد.