نحن بحاجة جميعا إلى إعادة قراءة للدستور من جديد، ومراجعة مواده، ومصافحة بنوده، والتعرف على ما التبس فيها على أحدنا حتى نتمكن من الوصول إلى موقف محدد بشأنها. لا أقول هذا لمن جاء عليه الدور فى التصويت يوم السبت القادم فقط، ولكن حتى لمن أدلى بصوته وظهرت نتائج دائرته؛ فالعبرة بالقراءة تتخطى حاجز الزمن ووقت الإدلاء بالصوت. أقول لمن صوت ضد الدستور دون أن يكون قد قرأه أو قصر فى معرفته: إن الوقت لم يفُت بعد، والمجال ما زال أمامك متاحا لمزيد من التعرف على بنود الدستور، والوصول إلى رأى واضح نحوه بعيد عن حالة الالتباس التى فرضتها وسائل الإعلام. ولكن هل فعلا هناك فائدة لهذه القراءة، بعد أن سبق السيف العذل، وبعد أن أدلى المرء بصوته، وخرجت كلمته من عقالها، وتحولت إلى موقف سياسى ينبنى على أثره فعل، ويترتب عليه مستقبل شعب؟!. وما أتصوره أن العكس صحيح تماما، إذ هناك فوائد كثيرة وإيجابيات عديدة من مراجعة المواقف، وإعادة النظر فيها، والتثبت من صحتها، بعد انقضائها وخروجها إلى أرض الواقع. أولى هذه الفوائد التعرف على الحالة النفسية التى صدر فيها القرار، وهل كان متأثرا بحقائق على الأرض وجاء من خلال دراسة متأنية وموضوعية بعيدة عن الهوى أم جاء انعكاسا لحدث أو رد فعل تجاه موقف، أو تأثرا بدعاية مضللة من بعض وسائل الإعلام. ثانى هذه الفوائد أن يصفو الذهن بعد القرار؛ ليقف المرء على حقيقة دوافعه فى اتخاذ القرار، وهل جاء بناء على حب لقوم أو بغض لآخرين أم جاء فى إطار دراسة حقيقية توخت الوصول إلى المصلحة العامة للوطن بعيدا عن دائرة من أحبّ ومن أكره. ثالث هذه الفوائد أن القرار الجديد سيكون بعيدا عن الضغوط النفسية والمؤثرات العصبية التى تدفع الإنسان لاتخاذ قرار انفعالى قد يحرمه توخى الصالح العام. رابع هذه الفوائد أن الموقف من الدستور الجديد لن يتوقف عند حدود يوم الاستفتاء فى دائرة بعينها، فقد تتم الموافقة عليه فيكون على الجميع أن يتعامل معه، ويتعرف على ما يتوجب تعديله فى المستقبل مع ضمان الالتزام الكامل به.