كارثة اقتصادية جديدة، تكشف هشاشة الاحتياطي النقدي الأجنبي، بعدما أعلن طارق عامر محافظ البنك المركزي في تصريحات صحفية إن سلطات الانقلاب ستسدد 5.2 مليار دولار لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي قبل نهاية ديسمبر. في الوقت الذي تفاوض فيه سلطات الانقلاب، دولا خليجية على تأجيل سداد 5 مليار دولار لإنقاذ الاحتياطي في ظل زيادة الديون الخارجية، بسبب استمرار سياسة الاقتراض التي يتبعها نظام السيسي، خاصة بعدما تحدثت تقارير عن أن مصر مطالبة بسداد 11 مليار دولار خلال العام الحالي.
فضيحة اقتصادية
وأضاف عامر في تصريحات صحفية، اليوم الاثنينن أن ”رد مستحقات البنك الأفريقي تساهم في خفض كبير جدا في الالتزامات الخارجية“.
وارتفع الدين الخارجي لمصر لأكثر من 73 مليار دولار بنسبة 38.4 % بنهاية مارس 2017 من 53.4 مليار دولار في مارس 2016.
وتتوزع المديونية بواقع 3.2 مليار في شكل قرض قصير الآجل وملياري دولار سيولة حصل عليها المركزي عبر عملية إعادة شراء لأوراق مالية حكومية مع المصرف الأفريقي... عقب تحرير سعر الصرف، والذي نتج عنه فقدان الجنيه لنصف قيمته، في إنعاش التدفقات الأجنبية إلى السندات وأذون الخزانة الحكومية.
ومع زعم سلطات الانقلاب بزيادة احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى 36.143 مليار دولار في نهاية أغسطس من 36.036 مليار في نهاية يوليو، في الوقت الذي تطالب مصر بتسديد ديون خارجية قصيرة الأجل خلال الربع الأخير من هذا العام بنحو 8.134 مليار دولار.
وعلق الصحفي في الشأن الاقتصادي، مصطفى عبد السلام على ما كشفه طارق عامر، قائلا: "مطلوب من مصر سداد 5.2 مليار دولار لبنك التصدير والاستيراد الأفريقي خلال شهرين.. خبر بجد جديد نوفي ولا خطر على بال أحد".
وأضاف عبد السلام خلال تدوينة له على "فيس بوك" اليوم الاثنين، أن "الذين يرصدون حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر، وأنا منهم، يعرفون لأول مرة أن بنك التصدير الأفريقي منح قروضا لمصر في شهر نوفمبر الماضي تفوق قيمتها الخمسة مليار دولار.. خلي بالك البنك ده يختلف عن بنك التنمية الأفريقي الذي أقترضت منه مصر 3 مليار دولار.. يعني اقترضنا من بنكين أفريقيين أكثر من 8 مليار دولار في عام واحد".
وتساءل عبد السلام: "متى اقترض البنك المركزي هذا المبلغ الضخم؟ ولماذا لم يتم الاعلان عنه من قبل؟ وهل تمت اضافته للاحتياطي الأجنبي؟ أم ذهب لوزارة المالية لتغطية عجز الموازنة العامة؟".
وتابع: "يا عالم كل دول العالم تعلن عن حجم قروضها الخارجية والأعباء المستحقة عليها. دي مش رفاهية، بل حاجة ضرورية جدا للداخل والخارج. فالمواطن لازم يعرف القروض المستحقة على بلده لأنه هو الذي يدفعها في النهاية والبرلمان لازم يوافق على هذه الديون طبقا للدستور حتى يناقشها ويرفض منها ما يتعارض مع مصلحة البلد ويؤدي لخنقها ماليا في المستقبل والبنوك العالمية والمستثمرين لازم يعرفوا عشان يحددوا موقفهم من اقتراض الدولة وهل سيقرضون هذه الدولة؟ أم يرفضون في حال ضخامة رقم القروض؟".
واستدرك عبد السلام قائلا: "المؤسسات المقرضة كصندوق النقد والبنك الدوليين لابد أن تعرف حتى تأخذ من الاجرات الكفيلة بضمان استرداد القروض الممنوحة بالفعل لكن كل ده تم ضرب عرض الحائط به. وأكتشفنا اليوم أن الحكومة اقترضت في خلسة ومن وراء الجميع 5.2 مليار دولار.. يعني بنتكلم عن 52000000 مليون دولار".
وتساءل عبد السلام عن القفزات التي تمت في ايرادات الدولة من النقد الأجنبي عقب قرار التعويم المشؤوم والتي تم من خلالها تغذيه الاحتياطي ليصل لمستويات قياسية؟ وأين القفزات في إيرادات السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية والتحويلات الخارجية؟، مختتما تدوينته قائلا: "يا رب ما ييجي يوم ونصحي فيه على خبر يقول إنه تم بيع جزيرنتي تيران وصنافير ب16 مليار دولار".
ديون خليجية
وكان قد كشف مسؤول بارز في حكومة الانقلاب، عن مفاوضات تجري سرا لإقناع دول خليجية دائنة لمصر، بتأجيل الحصول على مستحقاتها، خاصة بعدما تحدثت تقارير عن أن مصر مطالبة بسداد 11 مليار دولار خلال العام الحالي.
وذكر المسئول أنه سيتم رد الوديعتين الليبية التي تبلغ قيمتها ملياري دولار، والتركية ومقدارها مليار دولار على عدة دفعات، في الوقت الذي يرشح فيه الاحتياطي النقدي الأجنبي للانخفاض، الأمر الذي سيربك المشهد الاقتصادي.
وأضاف، أن هناك مساعي حكومية لتأجيل سداد ودائع دول الخليج المستحقة في يوليو 2018 والبالغ قيمتها 5 مليارات دولار وهي مستحقة لكل من السعودية بواقع ملياري دولار، والإمارات ملياري دولار، والكويت مليار دولار، وهو ما أشار إليه محافظ البنك المركزي طارق عامر، الذي كشف منذ أيام، عن مفاوضات بشأن تجديد بعض القروض المستحقة ومد آجال استحقاق بعضها لفترة جديدة.
وتلتزم مصر بسداد الوديعة السعودية التي سيحل موعدها بداية يوليو المقبل بقيمة ملياري دولار من المتوقع تجديدها بسعر فائدة سيجرى الاتفاق عليه، كما أن مصر تستحق عليها سندات بقيمة 1.36 مليار دولار في شهر ديسمبر المقبل، بخلاف ملياري دولار باعها البنك المركزي المصري العام الماضي في بورصة أيرلندا، بالإضافة إلى سندات أخرى وفوائدها.
وأكد وزير المالية في حكومة الانقلاب عمرو الجارحي، في تصريحات صحفية الأحد الماضي، أن هناك مخطط لاقتراض عشرة مليارات دولار من خلال سندات دولية جديدة، بينما من المقرر أن تسدد مصر ديوناً خارجية تزيد على 11 مليار دولار خلال العام المالي الحالي الذي ينقضي بنهاية يونيو 2018.
ومن المتوقع أن يخسر الاحتياطي النقدي المصري 18 مليار دولار قيمة ودائع يتوجب ردها حتى عام 2020، كما يتوقع أن ترتفع ديون مصر الخارجية إلى 102.4 مليار دولار، مع انتهاء برنامج الاصلاح الاقتصادي في 2021/2020، مقارنة ب55.7 مليار دولار خلال العام المالي الماضي، فيما تظهر الخطة الكاملة لسداد الديون التي وضعتها حكومة الانقلاب، أن البنك المركزى المصري مطالب بسداد 5.22 مليار دولار خلال العام الحالى، و6 مليارات دولار فى 2019، و6.1 مليار دولار خلال عام 2020، ثم 3 مليارات دولار عام 2021، وستنخفض قيمة الديون المستحق سدادها عام 2022 إلى 2.2 مليار دولار، ثم إلى 2.1 مليار دولار فى عام 2023، وفى عام 2024 سيسدد المركزى نحو 1.7 مليار دولار، على أن يسدد نحو 2.7 مليار دولار كديون مستحقة خلال عام 2025، وفى عام 2026 ستنخفض قيمة الديون المستحق سدادها إلى 1.3 مليار دولار.