بعد إعلان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد محمد سمير عن مقتل 12 مجندا وإصابة 6 آخرين في هجوم شنه مسلحون على كمين "زقدان" في مدخل منطقة مغرة، التي تبعد 40 كم جنوب بئر العبد وسط سيناء، أثيرت عدة تساؤلات حول الاستراتيجية التي تتبعها سلطات الانقلاب في سيناء، بعد التأكد من فشلها على مدار 3 سنوات، منذ انقلاب 3 يوليو 2013م. وبحسب مصادر أمنية، فإن الهجوم وقع على الجنود وقت صلاة الجمعة، وألمح إلى أن منفذي الهجوم ربما كانوا تابعين لولاية سيناء، وأن مروحيات عسكرية قامت على الفور بتمشيط المنطقة بحثا عمن وصفهم بالإرهابيين. وأثار نشطاء عدة تساؤلات حول أسباب استهداف الجنود فقط، فيما يظل الضباط في مأمن من هذه الهجمات، الأمر الذي يثير شكوكا حول الجهات التي تقف وراء هذه العمليات واستغلال السيسي لها وتوظيفها، والمتاجرة بدماء الضحايا الأبرياء من أبناء الشعب المسكين. من إرهاب محتمل إلى حقيقي ومنذ خطاب السيسي الشهير، مساء الأربعاء 24 يوليو 2016، والذي طالب فيه بتفويض شعبي لمواجهة ما أسماه بالعنف والإرهاب المحتمل، تصاعدت حدة المواجهات المسلحة، خصوصا في محافظة شمال سيناء، وأسفرت عن مقتل المئات من ضباط وجنود الجيش والشرطة والقضاة، إضافة إلى مقتل الآلاف من أهالي سيناء، معظمهم من الأهالي، كما تم إجلاء الآلاف من أهالي رفح قسريا؛ لعمل منطقة عازلة مع الحدود مع قطاع غزة، وهو الإجراء الذي جاء تلبية لمطالب "إسرائيلية" بالأساس، بتشديد الحصار على قطاع غزة، والضغط على حركة حماس للتنازل والاستسلام والتخلي عن منهجها المقاوم. تطور كبير في الهجمات المسلحة وقال الناشط السيناوي منظور رمضان: إن الهجوم الأخير يمثل تطورا في طبيعة العمليات في شمال سيناء، إذ تعد بئر العبد من المدن البعيدة عن المثلث الساخن في العريش ورفح والشيخ زويد. كما اعتبر العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، أن الهجوم يعد تطورا جديدا بلا شك، معتبرا أن وصول العمليات إلى بئر العبد يعني أن من وصفها بالجماعات الإرهابية ترغب في إثبات حضورها على الساحة. ويأتي الهجوم بعد أقل من أسبوعين على مقتل خمسة من قوات الشرطة، في هجوم بالرصاص على عربة يستقلونها بمدينة العريش في شمال سيناء. وفي 28 سبتمبر الفائت، قتل ثلاثة من الشرطة وسائقهم في العريش، في هجوم أعلن تنظيم "ولاية سيناء"- الفرع المصري لتنظيم داعش- مسؤوليته عنه. وفي الرابع من أغسطس الفائت، أعلن الجيش المصري عن مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء في هجوم جوي. تواصل انتكاسة السياحة وبحسب مراقبين، فقد أثار الهجوم تساؤلات حول العملية العسكرية الجارية في سيناء، كما أثار المخاوف من استمرار انتكاسة قطاع السياحة، والذي كان قد بدأ ينتعش قليلا في الفترة الأخيرة. ويقول محللون، إن العملية التي جرت تحمل عدة أهداف، في مقدمتها ضرب قطاع السياحة الذي شهد انتعاشة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد عودة الرحلات الألمانية والسويدية والبريطانية وحتى التركية. فشل استخباراتي ويرى بعض المراقبين أن الهجوم يعكس فشلا استخباراتيا ذريعا، ويؤكد أن العناصر المسلحة لا تزال تنشط على الرغم من مضي ثلاث سنوات على الحرب التي يقودها الجيش والأجهزة الأمنية. ويعزز هذا الحادث التحذيرات التي أطلقتها سفارات البعض من الدول (الولاياتالمتحدة وكندا وبريطانيا) مؤخرا بشأن وجود خروقات أمنية في مناطق مصرية، ويؤكد أنهم كانوا على حق، ما يشي بأن المعلومات الأمنية الخارجية ربما تكون أصدق من المصرية، وأنه كان يجري التخطيط فعليا لهذه الخروقات، لإحراج الأمن المصري. ردا على المناورات مع روسيا ولا يستبعد محللون أن يكون الهجوم أيضا يأتي في سياق الرد على المناورات الروسية المصرية المشتركة في شبه الجزيرة، والتي يفترض أنها بدأت بالفعل، اليوم السبت 15 أكتوبر. واعتبر اللواء مجدي البسيوني، الخبير الأمني في تصريحات صحفية، أن العملية الأخيرة هي رسالة موجهة للتعاون العسكري المصري الروسي في سيناء. وأشار البسيوني إلى أن فترة الهدوء السابقة في شبه الجزيرة كانت مقلقة للغاية؛ لأن الكثيرين توقعوا بأن شيئا ما قد يقع، وطالب أجهزة الأمن بأن لا تطمئن لفترات الهدوء في منطقة كسيناء وتأخذ حذرها دائما. البزنس سبب انتشار الحركات المسلحة ويحذر موالون للسيسي من توسع العمليات المسلحة لتشمل عددا من المحافظات الأخرى التي تتفق طبيعتها مع شبه جزيرة سيناء، وعدم اقتصارهم على حرب العصابات في سيناء وحدها، بل ربما تمتد إلى مطروح والشرقية ومحافظات الصعيد؛ تمهيدا للوصول إلى منطقة الدلتا لاحقا. كما أشار مراقبون إلى أن العمليات المسلحة ليست مجرد حرب عصابات عشوائية، إنما تستهدف إنهاك اقتصاد الدولة ومنع انتعاش السياحة. وبحسب محللين، فإن المسلحين في سيناء يمارسون أنشطة متعددة، ولهم استثمارات في السلاح والمخدرات وتجارة العملة وعمليات التهريب، ما يعني أنها تتجاوز دائرة الأيديولوجيا إلى دائرة المصالح والبزنس؛ أملا في إضعاف سيطرة الدولة، وهو ما ينعكس على ممارسة أنشطتهم بحرية أكبر، وضمان استمرار أنشطتهم بلا معوقات. شاهد.. السيسي يعلن أمام الجلسة الافتتاحية للبرلمان في 23 فبراير 2016 كسر شوكة الإرهاب والتطرف في سيناء والوادي.. وهو الوعد الذي ثبت فشله..