أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي، أن حالة التشكيك والتخوين التي يمارسها نظام الانقلاب مع كل حالة نقد يعد نوعا من التخويف والإرهاب الفكرى يدعو كل صاحب رأى آخر إلى كتمان وجهة نظره تجنبا لمظنة الاتهام، ورسالة خلاصتها أن التصفيق وحده الموقف المقبول والتعبير الوحيد الذى يجسد «النقد البناء». وقال هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الاثنين، إن الأجواء الراهنة فى مصر استصحبت حساسية خاصة إزاء الرأى الآخر، وأن ضيق الصدر أصبح أحد معالم الصورة التى نلمحها فى الخطاب الإعلامى فضلا عن السياسى، موضحا أن نحو 90٪ من وسائل الإعلام المقروءة، فى مصر تلتزم بصورة أو أخرى بموالاة سياسة النظام، فى حين أن الإعلام المرئى والمسموع كله تحت سيطرة السلطة، فذلك يصور مدى الحساسية والضيق لدى الجهات المسئولة إزاء الرأى الآخر. وأضاف أن الخطاب السياسى يحذر من أثر ذلك القدر المتواضع من الرأي الأخر لسلطة الانقلاب، على إرادة المجتمع المصرى، الذى يوصف بوفرة وعيه وذكائه وقدرته على التمييز، وهو ما يوضح أن الرأى الآخر ليس محل استنكار من جانب الشعب الواعى، ولكن أجهزة السلطة ومؤسساتها هى التى تستنكره وتضيق به، لكنها لا تريد أن تجهر بذلك، ومن ثم نسبت الضيق إلى المجتمع وليس إليها. وأشار إلى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان يحث الآخرين على نقده ويقول: «رحم الله امرأ أهدى إلى عيوبى». وألح ذات مرة على سلمان الفارسى أن يدله على ما سمعه عنه مما يكرهه، وحين طلب الصحابى الجليل أن يعفيه من الإجابة عن السؤال، فإنه ألح عليه فيه. فقال سلمان بلغنى أنك جمعت بين إدامين (وعاءان مليئان بالطعام) على مائدتك، وأن لك حلتين إحداهما للنهار وأخرى لليل، لم يجد الصحابى فى سياسة ابن الخطاب ما يعيبه، فنقل إليه ملاحظته على ما سمعه عن سلوكه الشخصى. وقارن هويدي بين موقف عمر بن الخطاب وبين موقف شيخ العسكر أحمد الطيب ووزير أوقافه، قائلا: "لا أتوقع من وزير الأوقاف أو حتى شيخ الأزهر دعوتهما خطباء المساجد لكى ينقلوا إلى السلطة ما يكرهه الناس منها، فذلك يعد تدخلا محظورا فى السياسة، أما شق تفريعة قناة السويس وذكرهما تأسيسها فهو مباح ويعد فى نظرهما من «صحيح الدين».