يقرر البريطانيون مصير بلدهم وأوروبا، اليوم الخميس، في استفتاء تاريخي على عضوية الاتحاد الأوروبي بعد حملة مريرة، قسمت بريطانيا إلى معسكرين. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 07,00 (06,00 ت غ)، صباح الخميس، بعد حملة كثيفة تمحورت حول الهجرة وتسطير انعكاساتها السلبية إلى مؤيدي الخروج والازدهار الاقتصادي، الذي يقول الفريق الآخر إنه عنصر إيجابي لبقاء بريطانيا في الاتحاد. وينتظر إعلان معظم النتائج صباح غد الجمعة. ورسمت استطلاعات الرأي صورة لبلد منقسم بشكل حاد مع اختلافات كبيرة بين الناخبين الأكبر سنًّا والناخبين الشبان وبين لندن واسكتلندا المؤيدتين للاتحاد الأوروبي ووسط إنجلترا الذي ينظر بشكوك إلى أوروبا. وأيًّا كانت نتيجة الاستفتاء، فإن التركيز على الهجرة إلى بريطانيا التي تزايدت بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية قد يفاقم الانقسامات في بلد تتسع فيه أيضًا الفجوة بين الأغنياء والفقراء. ودعا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى الاستفتاء تحت ضغط من حزبه المحافظين الحاكم وحزب مناهض للاتحاد الأوروبي تتزايد قوته، على أمل إنهاء عقود من النقاش بشأن مكان بريطانيا في أوروبا وروابطها مع بروكسل. وأظهرت معظم استطلاعات الرأي منافسة حامية بين معسكر "البقاء" في الاتحاد الأوروبي ومعسكر "الخروج" منه، في نهاية حملة هيمنت عليها الهجرة والاقتصاد وهزتها جريمة قتل نائبة بمجلس العموم مؤيدة للاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن استطلاعين أشارا في وقت متأخر يوم الأربعاء إلى تقدم معسكر "البقاء". ويقول معسكر "الخروج" إن اقتصاد بريطانيا سيستفيد من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بينما يرجح كاميرون أنه سيحدث فوضى مالية. ويستعد المتعاملون والمستثمرون والشركات لتقلبات في الأسواق المالية أيًّا كانت نتيجة الاستفتاء. وسيتوقف الكثير على حجم الإقبال على التصويت فيما يبدو البريطانيون الأصغر سنًّا أكثر تأييدًا للاتحاد الأوروبي من أولئك الأكبر سنًّا، لكنهم من المرجح بدرجة أقل أن يدلوا بأصواتهم في الاستفتاء. وقال كاميرون لأنصار معسكر "البقاء" أمس الأربعاء: "اخرجوا وأدلوا بأصواتكم من أجل بريطانيا أكبر وأفضل داخل اتحاد أوروبي معدل". وقال منافسه الرئيسي رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يقود معسكر "الخروج" للناخبين إن هذه هي "الفرصة الأخيرة لحسم الأمر". وقفز الجنيه الاسترليني إلى أعلى مستوى له هذا العام أمام الدولار الأمريكي في أواخر التعاملات يوم أمس، بعد أن أشار استطلاع للرأي إلى تقدم واضح لمعسكر "البقاء" ومع احتساب الأسواق فرصة نسبتها 80% لعدم خروج بريطانيا من الاتحاد. وحاول أنصار المعسكرين، أمس الأربعاء، استمالة نحو 10% من الناخبين المسجلين البالغ عددهم 46.5 مليون تظهر استطلاعات الرأي أنهم لم يحسموا موقفهم. وفى حال اختيار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي لوحت الزعيمة الاسكتلندية نيكولا ستورجين بأن اسكتلندا قد تدعو إلى استفتاء على الخروج من المملكة المتحدة. وفي حال جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح البقاء، قد يجد كاميرون صعوبة في رأب الخلافات داخل حزبه والبقاء في منصبه. ودعا رؤساء أجانب، من بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ، بريطانيا إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهي رسالة أيدتها منظمات مالية عالمية وكثيرون من رؤساء الشركات ومحافظي البنوك المركزية. وحذرت بنوك دولية من أن قيمة الاسترليني قد تهبط بشكل حاد إذا صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما يتوقع متعاملون أن تشهد الأسواق أسوأ تقلبات منذ الأزمة المالية في 2008 و2009. وقال معسكر "الخروج" إن هبوطًا في قيمة الاسترليني سيعزز الصادرات البريطانية، ووجد تأييدًا بين بعض المتخصصين الماليين والمشاريع الصغيرة، وحث الناخبين على تجاهل ما يسميه "المؤسسة" التي قال إنها ستكون أكبر الخاسرين من خروج بريطانيا من الاتحاد. ويجاهد الاتحاد الاوروبي لمعالجة أزمة للهجرة وأزمة اقتصادية، وفي حالة الموافقة على خروج بريطانيا من الاتحاد فإن ذلك سيعزز المعارضة له داخل دول أعضاء أخرى. وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، يوم الاثنين الماضي، في لشبونة مخاطبًا الناخبين البريطانيين: "ابقوا معنا"، مضيفًا: "بدونكم، ليس فقط أوروبا بل المجتمع الغربي كله سيصبح أضعف، معًا سيكون بمقدورنا التغلب على التحديات الصعبة".