شن أهالي دمياط، هجوما حادا على سلطات الانقلاب وعبدالفتاح السيسي، بعد التهديدات البيئية التي يتعرض لها أهل المحافظة بسبب تواطئ حكومة الانقلاب على قتلهم بالبطيء، وتعريضهم لمخاطر كبير بسبب مصنع موبكو التي اتخذت الحكومة إجراءات توسعته رغم اعتراض الأهالي بعد تدمير صحتهم، ومطالبتهم بنقل المصنع لمنطقة أخرى دون استجابة. ونقلت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية عن الأهالي في تقرير اليوم الخميس، قولهم: "حالنا بقى زي حال كل البلد، عايشين داخل الحيط، خايفين حد يشوفنا أصلا"، معربين عن خوفهم ورعبهم من الاعتراض على الإجراءات القمعية التي يتخذها السيسي تجاه أي مواطن يرفض قتله، وإجبارهم على أن يقبلون بتوسعات مصنع موبكو بمجمع البتروكيماويات للأسمدة، التي افتتحها عبدالفتاح السيسي منذ أيام، رغم أنهم خاضوا معركة طويلة قبل ثورة يناير 2011 وبعدها، لمنع إنشاء مصنع مماثل على بعد كيلو مترات قليلة عن تلك التوسعات. وتساءل التقرير: "فهل اختفت المخاطر البيئية الناجمة عن المصنع مثلاً؟ أم أن الدولة اتخذت إجراءات جادة لحماية الحياة في تلك المنطقة؟" موضحا أن الحكاية بدأت تقريبا في 2008 مع تشكيل اللجنة الشعبية للدفاع عن البيئة بدمياط، والتي استهدفت مواجهة التلوث بشكل عام، وبشكل خاص منع إنشاء مصنع للبتروكيماويات لشركة أجريوم الكندية في جنوب جزيرة رأس البر التي تأخذ شكل مثلث عند مصب نهر النيل في البحر المتوسط، حيث دفع موقع هذه المنطقة المميزة سياحياً، عدد من رجال الأعمال، للوقوف مع أهالي المناطق القريبة ضد إنشاء المصنع، غير أن الدوافع كانت مختلفة، فرجال الأعمال يرفضون إنشاء المصنع لأنه سيؤثر على الاستثمارات السياحية والعقارية في المنطقة، بينما كان الأهالي يخافون من التأثيرات البيئية والصحية للمصنع على أسرهم. وأصدرت حكومة أحمد نظيف قراراً في 2008 بوقف إنشاء المصنع، لكنها تحايلت وأبرمت في أغسطس 2008 اتفاقاً يقضي باستحواذ شركة "موبكو" التابعة للحكومة على مشروع شركة "أجريوم" المصرية الكندية في جزيرة رأس البر، على أن تصل حصة "أجريوم" إلى 26% من المشروع، وأصبحت حصة المال العام (الحكومة) 71%، وقررت الحكومة وقتها الاستفادة باستثمارات أجريوم الكندية في توسعة مصنع موبكو للبتروكيماويات، والموجود أصلاً منذ 1998، لكن ضعف الاستثمارات كان عائقاً أمام توسعه، وبالتالي بدلاً من إنشاء المصنع الجديد المثير للجدل، أدخلت الحكومة الشريك الكندي في مصنع حكومي قديم يمارس نفس النشاط مع توسيعه. وأوضح التقرير أنه بعد هدوء الأوضاع بالفعل قليلًا في دمياط، حتى عام 2009، حتى تم الإعلان عن موافقة الحكومة على توسعات يطالب بها مصنع موبكو غرب الموقع الأصلي لمصنع أجريوم، غير أن المعارضة كانت ضعيفة هذه المرة رغم أن المشروع تقريباً هو المشروع نفسه الذي اعترض عليه الأهالي من قبل، وبعد ثورة يناير 2011 نشطت الحملات الرافضة للمشروع مرة أخرى، واتخذت هذه المرة شكلاً عنيفاً نوعاً ما، إذ قطع المحتجون الطريق أكثر من مرة، وهو الطريق المؤدي إلى ميناء دمياط الاستراتيجي، وتعاملت الحكومة التي نصبها المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي مع الموقف بحذر وقتها، وفي يونيو 2011، قرر وزير البيئة تشكيل لجنة علمية لمعرفة الأثر البيئي للمشروع، يكون من بين أعضائها أعضاء من المجتمع المدني المحلي بالمحافظة. وأوصت اللجنة بعدد من التدابير لتقليل الأثر البيئي الضار للمصنع، ووافق عليها رئيس الوزراء وقتها المهندس عصام شرف. غير أن حالة من عدم الثقة بين الحكومة والمواطنين، جعلت الأهالي يواصلون احتجاجاتهم، وحدثت اشتباكات بين قوات الأمن والأهالي في نوفمبر 2011، نجم عنها مقتل أحد المحتجين، وهو ما أدى إلى تصاعد الأحداث، وزيادة الغضب بين الأهالي، ما اضطر رئيس الحكومة آنذاك لإصدار قرار بإغلاق مصنع "موبكو"، ووقف أعمال التوسعات، وقررت محكمة القضاء الإداري بمدينة المنصورة، تشكيل لجنة من أساتذة جامعة المنصورة لوضع تقرير عن الأثر البيئي للمصنع، وانتهت اللجنة في تقريرها، إلى أن المصنع ليست له آثار جانبية ضارة، فأمرت المحكمة بإعادة فتحه، وأشارت إلى ضرورة الالتزام بالتوصيات السابقة التي وردت بتقرير وزير البيئة، والتأكيد على تلك التدابير حفاظاً على حياة المواطنين. ونبه التقرير على أن قائد الانقلاب السيسي في افتتاحه لتوسعات مصنع موبكو الأخيرة، شدد على أن جميع الاشتراطات البيئية بالمصنع قد تم تنفيذها، بل ولمزيد من التأكيد على ذلك اقترح تشكيل لجنة من أهالي دمياط لزيارة المصنع كل 15 يوماً ليطمئنوا على آثاره البيئية. وكشف التقرير أن هناك أسباب تقف وراء اختفاء معارضة التوسعات التي افتتحها السيسي مؤخراً، منها ما ذكره عضو سابق باللجنة الشعبية للدفاع عن البيئة، الذي رفض ذكر اسمه، بأن الأهالي أصبحوا منقسمين بعدما كانوا متفقين من قبل، والقبضة الأمنية التي زادت في الفترة الأخيرة وترفض أي تحرك احتجاجي، وهو ما لم يكن يحدث بهذا الشكل في الماضي.