اقتحام مليشيات أمنية تابعة لسلطات الانقلاب مساء أمس الأحد لمقر نقابة الصحفيين بوسط القاهرة يتسق تماما مع ممارسات السيسي الإجرامية التي بدأها قبل 30 يونيو بالتآمر على الرئيس المنتخب والتجهيز لانقلابه العسكري الذي أجهض المسار الديمقراطي وأعاد القبضة الحديدية لحكم البلاد من جديد. المدهش أن السيسي مارس جرائمه غير المسبوقة من انقلاب على رئيس منتخب وقتل المتظاهرين في الحرس والمنصة ورابعة والنهضة والقائد إبراهيم وغيرها، وسن قوانين سيئة السمعة تمنع حق التظاهر وتسمح للفساد أن يمرح في المال العام بلا حساب جرى كل ذلك وسط تصفيق حار ومباركة كثير من الصحفيين والإعلاميين الذين يلطمون خدودهم الآن.. ولا يملكون أمام ممارسات السيسي القمعية سوى الصراخ والعويل. ليس هدفنا هنا التشفي ولا الشماتة، فليس هذا من أخلاقنا، ولكنه فقط سرد للوقائع التي حدثت وعشناها جميعا فمن صفقوا لسحق الإسلاميين جاء عليهم الدور .. فالحكم العسكري لا يرحم أحدًا ولا يريد سوى مطبلين ومصفقين.. فمن تجاوز الحدود أو ظن أن له حرية في التعبير والكلام والنقد فلا يلومن إلا نفسه والسحل والسجن مثواه والحكمة تقول "أكلت يوم أكل الثور الأسود". استخفاف السيسي بنقابة الصحفيين إلى هذا الحد غير المسبوق والذي يحدث لأول مرة في التاريخ، حسب تصريحات النقيب يحيى قلاش وتدنيس مليشياته لمحراب النقابة التي تمثل رمز الحرية في البلاد، أصاب مجلس النقابة بصدمة وخرجت تصريحات النقيب وبعض أعضاء المجلس تستنكر هذا السلوك المشين، وتدعو إلى اتخاذ موقف حازم يكافئ حجم الجريمة. تصريحات قلاش تصريحات النقيب «قلاش» في مداخلة هاتفية لبرنامج «هنا العاصمة» المذاع عبر فضائية «سي بي سي»، الأحد، أوضح خلالها أن وزارة الداخلية لم تخطر نقابة الصحفيين بأي شكل من الأشكال قبل اقتحام قوة الأمن لمقر النقابة، والقبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، مطالبًا عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب للتدخل بنفسه لوقف ما وصفه ب«انتهاك» الأمن ووزارة الداخلية لحقوق الصحفيين، والانتهاكات التي تحدث مؤخرا مع نقابة الصحفيين وأعضائها. ويبدو أن السيد النقيب تناسى أن عصابة الداخلية لم تفعل ذلك إلا بضوء أخضر من السيسي نفسه. حسنا الأمر إذا متسق العصابة اقتحمت النقابة فلا يستطيع أن يوقفها إلا زعيم العصابة. «قلاش» وصف اعتقال بدر والسقا بأنه تم بطريقة «مهينة»، بعد أن لجأ كل منهما لنقابته والاحتماء بها، في وضع قانوني. وأعرب النقيب عن انفعاله ورفضه لما جرى، وقال إن مصر دولة «قانون» وإن هذا القانون يمنع اقتحام النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني دون إخطار أو وجود إذن من النائب العام. وأضاف قلاش أن «اللجوء لحل الأمور السياسية بالوسائل الأمنية ثبت فشله، ولا يجوز التعامل مع الصحفيين بهذه الطريقة»!. البلشي: لا بد من موقف موحد بعيدا عن استجداء النقيب لزعيم العصابة عبدالفتاح السيسي للتدخل لحل الأزمة وردع الداخلية التي انتهكت القانون واقتحمت النقابة دون إخطار أو إذن من النيابة دعا خالد البلشي وكيل النقابة إلى ضرورة اتخاذ موقف موحد من مجلس النقابة وكافة الصحف احتجاجا على هذا الأسلوب والتعامل الأمني مع الصحفيين، لافتا إلى أن اقتحام النقابة والقبض على عضوين أثناء اعتصامها بداخليها سابقة وموقف غير مسبوق لم يحدث في تاريخ النقابة. ميري: ندرس الرد المناسب خالد ميري، وكيل نقابة الصحفيين من جانبه، قال إن اقتحام الأمن للنقابة سابقة لم تحدث من 75 عامًا. وأشار «ميري»، إلى أن الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، كانا صدر لهما قرار ضبط وإحضار من النيابة، عقب اعتصامهما، موضحا أن النقيب اتفق معهما على التوجه للنيابة عقب أيام الإجازات. وأضاف وكيل نقابة الصحفيين، أن اقتحام النقابة إساءة إلى كافة مؤسسات الدولة وليس للنقابة فحسب، لافتا إلى التواصل مع أعضاء للنقابة لدراسة الرد المناسب. حنان فكري: "بنرجع لورا" وتساءلت حنان فكري، عضو مجلس نقابة الصحفيين، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "90 دقيقة" المذاع على فضائية "المحور" مساء اليوم الأحد،: "إحنا بنطلع لقدام ولا بنرجع لورا، مفيش دولة بتطلع لقدام من غير حريات"، لافتة إلى أن الحريات لم تكن يوماً تتعارض مع الانضباط والاستقرار ولم تكن يوماً ترادف الإرهاب والفوضى. وناشدت "فكري" عبدالفتاح السيسي بعقد اجتماع طارئ مع مجلس نقابة الصحفيين لمناقشة الخلاف بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية ووصفت الوضع بالخطير. كيف تتعامل النقابة؟ إزاء المشهد الراهن دعا عدد من الصحفيين إلى اتخاذ مواقف حاسمة لمنع تكرار هذه الجريمة ومن الوسائل التي اقترحها البعض أن يتقدم مجلس النقابة باستقالة جماعية احتجاجا على هذه الفضيحة والسابقة الخطيرة. فيما رأى آخرون ضرورة الدعوة إلى إضراب شامل في جميع الصحف، وأعلن بعضهم اعتصامه داخل النقابة رفضا لهذه التجاوزات من جانب وزارة الداخلية. ومن هؤلاء الصحفي محمد الجارحي رئيس تحرير برنامج مانشيت الذي يقدمه الإعلامي جابر القرموطي. وقال الجارحي، عبر حسابه الرسمي بموقع "فيس بوك": "أدعوا زملائي الصحفيين ومجلس النقابة إلى التحرك الفوري ضد الهجمة الشرسة والبلطجة التي مارستها الداخلية اليوم، واقتحام النقابة في سابقة تاريخية". هل يتدخل السيسي؟ بحسب مراقبين للمشهد فإن ما جرى من تجاوز من جانب الشرطة وأمام الرفض والاستنكار والإدانة فإن الساعات القادمة تحمل الكثير من المفاجآت فإما أن يتجاهل السيسي الموقف وهذا مستبعد والأرجح أنه سيتدخل لتهدئة الأمور في مقابل حملة دعائية تلبي حاجته الدائمة للشعور بالزهو والانتفاخ.