قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، مؤسسة حقوقية مستقلة، إن الحكومة المصرية لم تتبع الإجراءات الدستورية عند الاتفاق مع البنك الدولي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار في نهاية العام الماضي، وما صاحبه من برنامج اقتصادي ملزم ينعكس على معيشة المواطنين. وأوضحت المبادرة في ورقة بحثية نشرتها أمس الأحد تحت عنوان "خمسة اعتراضات: ما هى المشكلة مع قرض البنك الدولي؟"، أن الحكومة وقعت اتفاق القرض قبل أيام من انعقاد الجلسات الأولى للبرلمان، في 29 ديسمبر الماضي، معتبرة أن الهدف من ذلك كان "تفادي أي نقاش مجتمعي حوله".
ورأت المبادرة أن طريقة الاتفاق على القرض تناقضت مع المادة 127 من الدستور الحالي التي تمنع السلطة التنفيذية من الحصول على تمويل غير مدرج في الموازنة العامة إلا بعد موافقة مجلس النواب. واعتبرت أنه في ظل عدم وجود مواد بالدستور الحالي تنظم كيفية التعامل مع الاتفاقيات الدولية في ظل غيبة البرلمان "فإنه يجب الرجوع
إلى الأصل العام، والذي يقتضي بأنه في حالة إبرام رئيس الدولة لأي اتفاقية أو معاهدة في حالة غياب البرلمان، فيجب عرضها عليه فور انعقاده، وهذا ما تؤكده جملة "ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب".
شروط ضد الشعب وأعلنت الحكومة عن توقيع اتفاقية مع البنك الدولي للحصول على شريحة أولى قيمتها مليار دولار من إجمالي قرض بثلاثة مليارات دولار، ونشر البنك على موقعه وثيقة تحتوي البرنامج الاقتصادي الذي اتفق مع الحكومة المصرية على تنفيذه لمنحها هذا القرض.
وبموجب اتفاقية القرض تتعهد الحكومة بحزمة من الإجراءات المحددة سلفا بالاتفاق مع البنك، ويرتبط الحصول على كل شريحة دفعة من قيمة القرض بتنفيذ كل مرحلة من الإجراءات.
كما سبقت الاتفاق على القرض مجموعة إجراءات لإثبات حسن النوايا، نفذتها الحكومة كلها خلال العامين 2014 – 2015، بدون أن تعلن أمام الرأي العام عن نيتها في الحصول على القرض .
واستنكرت "المبادرة" الطريقة السرية التي تتعامل بها الحكومة المصرية مع اتفاقية القرض، معتبرة أن عدم طرحها للنقاش المجتمعي ترتب عليه إلزام مصر"بسياسات تنمية لا تعكس أي أجندة تنموية حقيقية ولا أي اتجاه نحو العدالة الاجتماعية.. وكل تلك القيود مقابل مبلغ هزيل هو مليار دولار، لا يغطي سوى نصف واردات مصر من القمح في عام واحد، أو حوالي عُشر واردات مصر من البترول".
وأشارت المبادرة إلى أن وثيقة القرض اشتملت على تحليل من البنك الدولي يرى أن المخاطر الاقتصادية والسياسية في مصر مرتفعة على عكس الخطاب الحكومي السائد، مضيفة "يذكر البنك أن مصر تحتاج إلى حوالي 4 مليارات دولار في العام 2016 وحده لا تعرف من أين تدبرها". كما توقع البنك مزيدا من ضعف الجنيه في مقابل الدولار، حيث يتوقع أن يصل الدولار إلى 9.3 جنيها بنهاية العام 2019.
غياب الإحساس بالعدالة وتقول المبادرة إن تقديرات البنك لارتفاع المخاطر في مصر سببها "غياب الإحساس بالعدالة الاجتماعية، ومحدودية قدرة البلاد على خلق فرص عمل رسمية ولائقة للشباب"، إضافة إلى التضخم المرتفع في أسعار الغذاء الذي يؤثر في الشريحتين الأفقر من السكان.
ولفتت "المبادرة" إلى أن البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي كشفته وثيقة القرض يشتمل على سياسات تفرض ضغوطا اقتصادية على المواطنين مثل استمرار ارتفاع أسعار الكهرباء والتحول من نظام ضريبة المبيعات لضريبة القيمة المضافة.
لا دعم وقطع البنك الدولى شروطا على مصر لمنحها القرض الأخير بقيمة 3 مليارات دولار، أبرزها الحد من تضخم الأجور وترشيد الدعم وتحرير الطاقة وتشجيع القطاع الخاص، ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال 3 سنوات، ولفت البنك إلى أن البرنامج جرى تنسيقه من قبل 6 وزارات، بقيادة وزارة التعاون الدولى، ويركز على ضبط أوضاع المالية العامة من خلال ترشيد الأنظمة الضريبية، والحد من تضخم فاتورة الأجور (الحكومية)، وتقوية إدارة الدين، وضمان إمدادات مستدامة للطاقة عن طريق ترشيد الدعم، وتحرير سوق الطاقة، لتيسير زيادة مشاركة القطاع الخاص، وتعزيز بيئة أنشطة الأعمال من خلال حزمة من الإصلاحات تستهدف تقليص الإجراءات الروتينية، وتقليل الحواجز أمام دخول السوق، والتشجيع على المنافسة.
البنك يهين المصريين وقالت المبادرة إن "البنك الدولي خالف قواعده التنفيذية في إجراءات منح مصر القرض، حيث لم ينشر وثيقة تلخص آثار البرنامج الاقتصادي المصاحب للقرض على الفقراء".
وأشارت إلى أن "سياسات التنفيذ" الخاصة بالتمويل الذي يمنحه البنك لمصر والمنشورة على موقعه تشترط في حالة احتمال وجود آثار سلبية على الفقر وعلى المجموعات الضعيفة، أن يلخص البنك تلك الآثار في وثيقة تحليلية، وهو ما لم يتوافر حتى الآن على موقع البنك .. وأثار قرض البنك الدولي مزيدا من الجدل في الساحة المصرية، حيث أكدت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، أن حكومة مصر تنظر لقرض البنك الدولي البالغ 3 مليار دولار باعتباره شهادة ثقة من أهم الهيئات الدولية لمصر، وبرنامج الحكومة الاقتصادي، ولم تتوقف مصر في مساعيها للاقتراض عند محطة البنك الدولي بل تجاوزتها إلى أكثر من وجهة ففي الوقت الذى اقترضت فيه ثلاثة مليارات دولار، اقترضت كذلك من بنك التنمية الإفريقي 1.5 مليار دولار على 3 سنوات كما حصلت مصر على منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 370 مليون دولار تقريبا، كما أبرمت مصر اتفاقية تمويل لتنفيذ عدد من المشروعات في شبه جزيرة سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار، مع ست مؤسسات تنموية عربية هي: الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والصندوق الكويتي للتنمية العربية، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق أبوظبي للتنمية، وصندوق الأوفيد، والبنك الإسلامي للتنمية.
وأفادت وزيرة التعاون الدولي المصري ، أن الحكومة لا تنظر لقرض الثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي باعتباره دعم مادي سيتم تسديده على 35 عامًا، وفترة سماح خمسة أعوام، بفائدة 1.2% فقط، بل تنظر إليه باعتباره شهادة الثقة ، وهذه في غاية الأهمية، وستؤثر على التقييم العالمي لمصر وبرنامجها الاقتصادي الحالي، وستؤدي إلى تحسين المناخ الاستثماري بمصر، وعمل برامج قومية أكبر، وهذا هو أهم إنجاز تم تحقيقه.
خراب المجتمع فيما أكد الدكتور أحمد أبوالنور، أستاذ الاقتصاديات الحرجة والأزمات بالجامعة الأمريكية، في تصريحات صحفية، أن ما ذكره البنك الدولى بوضوح فى بيانه، وأغفلته الحكومة، فيما يتعلق باشتراطات قرضه لمصر، بمثابة الروشتة التقليدية لصندوق النقد والبنك الدوليين.. موضحا أن هذه الفاتورة التى دوماً ما يراهن عليها البنك الدولى، هى كفيلة بخراب أى مجتمع.
بينما رأى الدكتور هاني سري الدين، المستشار القانوني لمشروع تنمية محور قناة السويس سابقًا ورئيس هيئة سوق المال الأسبق، إن الاقتراض من البنك الدولي لن يكون بديلًا للدولة عن تحسين الاقتصاد، موضحًا أن لجوء الدولة للاقتراض حاليًا بسبب الحاجة لسد عجز الموازنة فقط، لحين تحقيق إصلاحات اقتصادية تسد عجز الموازنة بشكل دائم.. موضحا أن الدين الداخلي للدولة وصل لأرقام غير مسبوقة ولا يمكن زيادته مستقبلًا، مؤكدًا أن تشجيع الاستثمار هو المنفذ الوحيد لزيادة الدخل القومي.
وتبقى دولة الاسرار العسكرية التي ينتهجها السيسي سوطا على رقاب المصريين الذين ينتظرهم ارتفاعا بالاسعار وغيابا للدعم تحدث عنه وزير التموين مؤخرا بأن الدعم المادي انتى ولن يبقى للشعب سوى 15 جنيه ... تتلاشى قيمتها مع ارتفاع الجنوني للاسعار في ظل ازمات الاقتصاد المصري التي تضربه من كل جانب سواء غياب الدولار وانتهاء عصر السياحة.