كشفت عدد من الأحداث والوقائع مؤخرًا في مِصْر، عن تعمد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي توتير العلاقة بين "مِصْر والسودان" لتحقيق أهداف خبيثة يرجوها قائد الانقلاب العسكري، خلال الفترة الحالية. وأكدت مصادر دبلوماسية سودانية ومِصْرية توتر العلاقات بين مِصْر والسودان بعد اعتقال سودانيين بالقاهرة، وشن الإعلام المِصْري حملة ضد الخرطوم، وهو ما تسبب في تأجيل اجتماع سد النهضة الإثيوبي العاشر الذي كان مقررًّا السبت 21 نوفمبر، بالخرطوم. وحسب مراقبين فإن تصرفات الانقلاب العسكري الغاشمة نجحت بالفعل في إحداث شرخ في العلاقات بين البلدين وصلت إلى حد أن تعلن السودان عزمها تقديم شكوى ضد مِصْر لدى مجلس الأمن بسبب قضية "حلايب وشلاتين". شكوى سودانية ضد السيسي في مجلس الأمن وكشف وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، اليوم الاثنين، عن شكوى أودعها السودان أخيرًا لدى مجلس الأمن الدولي تتصل بإجراء مِصْر انتخابات بمثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين الدولتين. وقال غندور -في خطاب أمام البرلمان-: إن هناك ثلاثة خيارات لحسم نزاع حلايب، "فإما بالتراضي، أو بقرارات دولية أو عبر التحكيم الدولي"، وذكر أن مِصْر ترفض التحكيم، فيما شدد على أن "حلايب سودانية وستظل سودانية". ويتنازع السودان ومِصْر على مثلث حلايب وشلاتين منذ نحو نصف قرن؛ حيث يدعي كل طرف ملكيته للمثلث، ويتخذ منه ورقة ضغط لحسم بعض القضايا السياسية. أهداف خفية للعسكر ويؤكد مراقبون أن السيسي يسعى مؤخرًا لإحداث شرخ كبير في العلاقة بين مِصْر والسودان من خلال أجهزته الأمنية والمخابراتية لتحقيق أهداف مجهولة بالنسبة للكثيرين حتى الآن، وربما يكون منها -حسب مراقبين- أن نظام الانقلاب يرد على النظام السوداني الذي يؤيد الموقف الأثيوبي في مشروع سد النهضة، أو أن نظام الانقلاب يسعى لاتخاذ إجراءات معينة في قضية "حلايب وشلاتين"، ويسبق تلك الإجراءات بقطع العلاقات بين البلدين. وحدد مراقبون عدة شواهد تؤكد أن نظام الانقلاب يبدو وكأنه يتعمد إحداث توتر في العلاقات بين البلدين، وهي كالآتي: تعذيب سوداني في مصر التوتر جاء على خلفية حادثة اعتداء قوات الأمن بقسم شرطة عابدين، بالقاهرة، على المواطن السوداني يحيى زكريا، الذي جاء إلى القاهرة لعلاج ابنه، عقب إلقاء القبض عليه من شارع طلعت حرب (وسط القاهرة)، وهو في طريقه لمكتب صرافة لتغيير عملة للذهاب إلى المستشفى، وجرى تعذيبه في قسم الشرطة، ثم ترحيله مكبلاً، حسب الرواية المتداولة في الإعلام السوداني. العلاقات توترت بشدة في الأيام الأخيرة بين القاهرةوالخرطوم بسبب انتقادات سودانية لطريقة تعامل أجهزة الأمن المصرية لرعاياها، وهو ما ظهر في إدانة الخرطوم المعاملة القاسية للسودانيين في مِصْر. قتل 15 إفريقيّا على الحدود ولم يكن حادث تعذيب المواطن السوداني في مِصْر، هو الأول من نوعه الذي أثار التوتر بين البلدين، لكنه سبقه في وقت سابق عملية قتل 15 مهاجرًا إفريقيا لم تتضح جنسياتهم، وقيل إنهم سودانيين، وأصيب ثمانية آخرين برصاص مجهولين في جنوب مدينة رفح في شبه جزيرة سيناء على الحدود مع فلسطينالمحتلة، ولم يتم الكشف عن الجهة التي قتلتهم أو ملابسات قتلهم حتى الآن.
ودأبت شرطة الانقلاب العسكري على إطلاق النيران وقتل المهاجرين على الحدود في أثناء محاولتهم التسلل لفلسطينالمحتلة بين عامي 2009 و2011، حسب منظمات حقوقية. قتل 5 سودانين اليوم وأعلنت داخلية الانقلاب العسكري عن قتلها، اليوم الاثنين، لخمسة مهاجرين سودانيين وإصابة ستة آخرين، في تبادل لإطلاق نار مع جنود مِصْريين في شبه جزيرة سيناء على الحدود مع الكيان الصهيوني، بعد أيام على مقتل 15 مهاجرًٍا إفريقيا بالرصاص أيضا في المنطقة نفسها، حسب ما أعلن الجيش المِصْري. وتشهد سيناء عمليات تهريب أفارقة إلى فلسطينالمحتلة ينتهي قسم كبير منها بقتل أو احتجاز هؤلاء المهاجرين بشكل غير قانوني. عمليات القتل والتعذيب باتت شبه ممنهجة في مِصْر للسودانيين، الأمر الذي يفتح باب الشكوك حول كون هذا الأمر مقصودًا من سلطات الانقلاب الدموي لتحقيق أغراض معينة. الإعلام يهاجم السودان الشاهد الرابع على مساعي الانقلاب في إحداث توتر بين مِصْر والسودان، هو أن سلطات الانقلاب أطلقت العنان لأذرعها الإعلامية في شن هجوم واسع ضد السودان، وتوزيع اتهامات بأنه يتضامن مع إثيوبيا ضد مصالح مِصْر المائية مقابل اتفاقيات سرية بشراء الكهرباء الناتجة عن سد النهضة بأسعار زهيدة. ووصفت صحيفة "البوابة نيوز" -المقربة من أمن الدولة- السودان في مانشيت أمس الجمعة بأنها "ليست دولة شقيقة". كما شنت وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية السودانية هجومًا ضد مِصْر، واكبة تصعيد رسمي باستدعاء وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور للبرلمان السوداني، بطلب من رئيس لجنة الشئون الخارجية، لمناقشته حول "ما يثار بشأن ما يتعرض له السودانيون في القاهرة".