* حكومات الانقلاب تقف بجوار الفقراء بالمساجد.. وتساند الأغنياء بالضرائب والخدمات كتب- أنور خيري يبدو أن دنو أجل رئيس وزراء الانقلاب إبراهيم محلب في سدة وزارة الانقلاب، تدفعه نحو مزيد من الحركات البهلوانية بتعليمات من أجهزة مخابراته لإضفاء شعبية حوله، تعيد المصريين لعهد التمثيليات القديمة التي اعتمدتها أجهزة مخابرات الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. ففي ضوء الفشل في كبح جماح أسعار السلع والخدمات لتي لم يشهد المصريون مثيلا لها سابقا، حتى بات سعر الليمون مؤرقا لنحو 80% من المصريين، بعدما تجاوز سعره ال20 جنيها، فيما تعلن أجهزة النظام الانقلابي عن عجزها في توفير الدعم للخبز والوقود، وإقدام حكومة الانقلاب عل تخفيض موازنة رغيف الخبز بنحو 7 مليار جنيه، ودخول مصر بقوة نحو كارثة اقتصادية بسبب عجز العملات الأجنبية، وفشل البنك المركزي عن توفير العملات اللازمة للتصدير، مما أدى لتراجع الصادرات المصرية بنسبة كبيرة.
تراجع الصادرات وكانت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية أكدت الأحد الماضي أن صادرات البلاد غير البترولية تراجعت خلال الربع الأول من العام 2015 بنسبة 21.72% إلى 4.631 مليار دولار (34.522 مليار جنيه) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2014، والتي بلغت خلالها قيمة الصادرات نحو 5.915 مليار دولار (41.177 مليار جنيه). وأضافت الهيئة في تقريرها أن صادرات شهر مارس تراجعت بنسبة 22.14% لتصل إلى 1.716 مليار دولار (12.941 مليار جنيه) مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. والمستوى الذي وصلت إليه الصادرات المصرية خلال الربع الأول من العام الجاري أقل بنسبة 33% مما تستهدفه البلاد خلال تلك الفترة والبالغ 6.921 مليار دولار، رغم تخفيض سعر الجنيه المصري أمام الدولار في خطوة اعتبرها الخبراء تحفيزا لصادرات البلاد. وخفضت حكومة الانقلاب الجنيه أمام الدولار منذ مطلع العام الجاري، ليتراجع من 7.14 جنيه إلى 7.53 جنيه.
شعبية مصطنعة وإزاء هذا الفشل، لجأ محلب بتوصيات مخابراتية لحركات بهلوانية، لجلب شعبية لحكومته الفاشلة، فقام بزيارتين في أقل من 10 أيام لمعهد القلب بامبابة، في زيارة بدا عليها الاعتذار لقطاع الأطباء والعاملين بالصحة بعد قرارات بهلوانية وعقوبات بالجملة على أطباء معهد القلب ومعهد تيودور بلهارس، بعد زيارته الأولى حينما رأى الانهيار والإهمال في المركزين الصحيين، وبعد غضب واستياء بالغين دشن الأطباء العديد من الحملات الغاضبة، مهددين بالإضراب العام، ردا على تحميل محلب لهم مسئولية انهيار الخدمات الطبية، بالرغم من تدني الميزانيات والموارد المخصصة لتطوير القطاع الطبي. سعى محلب خلال زيارته الثانية أمس، بالظهور بشكل ودود، رادا على حملة "علشان لو جه ميتفاجأش، التي فضحت منظومة الصحة بالمستشفيات الحكومية والمراكز الطبية، بقوله :"أنا مبتفاجأش". واليوم الجمعة، واصل محلب بهلوانية المخابرات، وجلس في الصفوف الأخيرة وسط المواطنين العاديين أثناء الاستماع إلى خطبة الجمعة، التي كان يلقيها وزير أوقاف الانقلاب مختار جمعة بمسجد الأزرق بالدرب الأحمر بالقاهرة. وترك "محلب" الصفوف الأولى التي كان يجلس فيها عدد من الوزراء والمسئولين بحكومة الانقلاب. وكان محلب، قد ظهر قبل ذلك في الصفوف الأخيرة وسط البسطاء أثناء أداء صلاة الجمعة في مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة.
وعلى الفور ركزت الأذرع الإعلامية على حركات البهلوان الكبير، لتصويره كعابد زاهد. فيما رد بعض المواطنين بأن الأولى أن يوقف الفساد في حكومته ويقف بجانب البسطاء والمواطنين العاديين، في قراراته وسياساته، قائلين :"بدلا من الصلاة بجانب البسطاء خفض أسعار السلع ومترفعش الدعم عنا ومترفعش أسعار الخدمات الطبية ومصاريف المدارس". ولكن على ما يبدو أن أجهزة المخابرات التي ترعي قائد الانقلاب ووزرائه ما زالت تعمل وفق كتاب الخمسينيات، وقتما كانت تخرج التظاهرات المطالبة بعدم تنحي ناصر، أو تزف سقوط طائرات العدو في سيناء بينما جنود مصر تائهون في الفيافي والصحراء.
عدالة الأغنياء ورغم أحاديث محلب عن العدالة الاجتماعية والوقوف بجانب البسطاء والمواطنين، منذ توليه رئاسة وزارة الانقلاب، وأحاديثه الكثيرة عن التقشف إلَّا أنه تفوق في عدد المستشارين الذين اختارهم ليتولوا بعض الأمور، منها الواضح ومنها الغامض حتى الآن، فقد خصص له ما يقرب من 11 مستشارًا مع تنصيبه كرئيس للوزراء في فبراير العام الماضي، وقسم المستشارين على النحو التالي: للأمن المعلومات والإشراف على مكتب رئيس الوزراء وتكنولوجيا المعلومات والمتحدث الرسمي، والمستشار الإعلامي والتخطيط والتنمية والمستشار القانوني، على الرغم من وجود رئيس هيئة مستشارين لرئاسة الوزراء و4 آخرين يحضرون لبعض الوقت غير واضح تخصصاتهم الاستشارية، ويحصل هؤلاء المستشارون على ملايين الجنيهات وسيارة وسائق من مجلس الوزراء.
وفيما يركز محلب على أن الحكومة تعمل على قدم وساق لتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، على غرار حلم العمال والطبقة البسيطة وأهداف يناير، إلَّا أنه حتى الآن على أرض الواقع أصبح تنفيذ ما تداول كتصريحات صحفية في مهب الريح. وفي أواخر عام 2014 أكد مجدي بدوي، عضو المجلس القومي للأجور، عن تأجيل تطبيق الحد الأدنى للأجور على عمال القطاع الحكومي إلى العام المقبل، بعد إعداد الموازنة الجديدة لإدراجه ضمن بنودها، مشيرًا إلى أن محلب، أصدر قرارًا غير معلن بإرجاء تطبيق الحد الأدنى للأجور إلى العام المالي المقبل؛ لأن بنود الموازنة العامة للدولة لا تسمح بذلك.
وفي الوقت الذي أصدر فيه محلب قرارًا بتطبيق قانون الحد الأقصى للأجور على العاملين بالبنوك، إلَّا أن العاملين وجهوا قبلتهم للقضاء من أجل تجميد القرار، حتى استجاب القضاء الإداري وألغى قرار رئيس مجلس الوزراء بتطبيق قانون الحد الأقصى للأجور على العاملين بالبنوك. واستبق قرار المحكمة الخاص بالبنوك قرار آخر في شهر مارس الماضي، حيث انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، إلى عدم خضوع أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة لتطبيق القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة. ورغم وقوف محلب بجوار المواطن العادي بمساجد الأزرق والشافعي، بدأ تطبيق رفع الدعم عن الكهرباء والوقود خلال 3 سنوات ثم عادت قالت إنه سيتم في 5 سنوات إلغاء الدعم نهائيا، فارتفعت أسعار مواد الوقود والكهرباء وصلت لأن تقدر شركة الكهرباء لأحد المواطنين 58 ألف جنيه فاتورة كهرباء.
بزنس المصالح وفي خطوة بدا محلب وحكومته الانقلابية واقفة بحق بجوار الأغنياء في القرارات، بينما المساجد للفقراء للتمثيل عليهم. ففي جميع الدول تتصاعد الشرائح الضريبية كلما زاد دخل المواطن، لكن في مصر عبر العقود الماضية كان النظام الضريبي يقوم على الضريبة التصاعدية على الدخل بالنسبة للأفراد تصل إلى 42% والشركات 38% حتى عام 2005، لكن تم إلغاؤها وفقًا لرجال السياسات والسلطة والمال في حكومة نظيف، وأصبح الحد الأقصى للضريبة في ذلك الوقت 20% فقط، وعقب ثورة يناير زادت تلك النسبة على استحياء إلى 25% فقط لتساوى بين المشروعات الصغيرة
والمشروعات الاحتكارية الكبيرة. وقبل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، أكدت الحكومة برئاسة محلب، أن قيمة الضريبة ستصبح 22.5% ويتم تثبيتها على هذه النسبة لمدة عشر سنوات. ومؤخرا أصدر وزير مالية الانقلاب قرارًا بفرض ضرائب على البورصة، مما أثار حفيظة رجال الأعمال وسماسرة التلاعب بالأسهم، فيما رأى عدد من المختصين أن هذا القرار يعتبر أولى خطوات تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع العبء عن المواطن البسيط، ووصفوه بأنه تأخر كثيرًا، إلَّا أن الحكومة عقب صدور القرار بأيام قليلة، أعلنت إلغاء قرار ضرائب البورصة التي كانت من المتوقع أن توفر للدولة ما يقرب من 5 مليارات جنيه، وفقًا للتصريحات الوزارية.
ثم توالت قرارات محلب التي لم تكن في صالح المواطنين البسطاء، بل لم تطبق حتى مواد دستور الانقلاب بزيادة موازنة التعليم والصحي في محاولة منها للتنمية، وتوفير سبل عيش كريمة للمواطنين الفقراء والأشد فقرًا، بل بات الأغنياء رغم قلة عددهم يستحوذون على ما يقرب من 70% أو أكثر من الدخل، فيما يحصل 80% من المصريين على أقل من 30% من الدخل وفق تقديرات التحالف الشعبي، مؤخرا. فيما ترى كريمة الحفناوي، القيادية بحركة كفاية، أن حكومة محلب انحازت للأغنياء المحتكرين على حساب الفقراء المعدومين؛ وذلك لأنها تستند إلى نفس سياسات مبارك التي ثار الشعب ضدها في 25 يناير. ويبقى للفقراء والبسطاء حركات البهلوانات بالمساجد بينما يرتع الأغنياء في كتف الانقلابيين!!!!