سيطرت حالة من التخبط على متابعات توقيع قائد الانقلاب العسكرى وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، في ظل حالة الغموض التى أحاطت بالمفاوضات والسرية التى فرضها العسكر على بنود الوثيقة، على رغم من إعلان أديس أبابا أول بأول عن موقفه الثابت في المباحثات والذي انتهى إلى عدم التفريط في متر مكعب واحد فقط من المياه خلف السد. واللافت إلى أن الجانب الإثيوبي فضح حجم التواطئ الذي انتهجه قائد الانقلاب في التفاوض على حق مصر التاريخي في مياه النيل وحصتها الراسخة رسميا منذ بدايات القرن ال19، عندما كشف وزير خارجية إثيوبيا -عقب توقيع الوثيقة بين أطرافها الثلاثة "مصر وإثيوبيا والسودان"- عن أن القاهرة لم تعترض أو تبدي تحفظًا حول المياه المقرر تخزينها خلف سد النهضة. غموض وثيقة "الخراب" وسرية بنودها انعكس على أداء إعلام الانقلاب وأذرع العسكر، حيث بدأ الارتباك واضحًا على مراسل التليفزيون المصري في الخرطوم شريف رضوان، عندما لم يجد إجابة على سؤال المذيعة حول تفاصيل الوثيقة، ليردد فقط ما يعلمه بأن الرئيس السوداني البشير أقام مأدبة غداء على شرف ضيفيه، فيما كان رد الخبراء على تساؤلاته بالتحفظ لعدم الاطلاع على أي من بنود الوثيقة. وبالتحفظ نفسه، جاءت مداخلة السفير علي الحفني -نائب وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية- معللا ذلك بعدم اطلاعه على الوثيقة، مشيرا إلى أنها ليست اتفاقية -حسب علمه- وإنما فقط هي بنود تضمن إعلان مبادئ. وفي محاولة لتبيض وجه النظام الفاشل، دخل الانقلابي عمرو أديب فى "خناقة" على الهواء مع زميلته فى برنامج "القاهرة اليوم" رانيا بدوى حول السد والوثيقة الغامضة، حيث رأت الآخيرة أن اللاورقة أفضل من الورقة، وأن التفاوض كان على سعة 14 مليار متر مكعب وليس 74 مليارًا. ليرد أديب بأن مصر من الأساس لا تملك حق التفاوض في هذا الشأن، وكيف يلام الرجل -يقصد قائد الانقلاب- على الاعتراف بالسد، زاعمًا أنه حقيقة واقعة ولا مفر منها، ضاربًا المثل بالكيان الصهيوني -حليف العسكر- الذي لا ينفي عدم الاعتراف به حقيقة وجوده. وعقبت "أم ياسين" أن عدم الاعتراف كان يتيح الفرصة للقاهرة للجوء إلى المحاكم الدولية بعدم أحقية أثيوبيا في السد والمطالبة بحق مصر، إلا أن التوقيع أعلن التنازل عن هذا الحق بالموافقة على الوثيقة، ليرد أديب منفعلا أن اللجوء الى المجتمع الدولى يتطلب 15 عاما وأن السد فى النهاية "هيخلص غصب عن عينا". وأكدت بدوي أن من حق الجانب الإثيوبي الآن المطالبة بتمويل السد من الجانب الصيني الذي توقف احترامًا لمصر، كما أن البنك الدولي لن يتردد في التمويل بعدما توقف بسبب الخلاف بين الأطراف الثلاثة، مشددا على أن إثيوبيا من الآن ستتحكم في النيل وستبيع الكهرباء لمصر في المستقبل، ولن تكون تتحقق أحلام التنمية المزعومة في الأفق المنظورر بعد أن أملت أديس أبابا كافة شروطها. وساق أديب التبريرات بأنه "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي" وأن المياه بإثيوبيا وبدونها كانت غير كافية، وأن التنمية في المستقبل ستعتمد على المياه الجوفية!، لأننا دولة فقر مائي، وأن الحديث عن أوراق ضغط "بكاء على اللبن المسكوب".