واصل قطار الانتحار حصد أرواح الشباب المصري في زمن الانقلاب العسكري، خاصة في ظل الحالة الاقتصادية المتردية والفقر المدقع والبطالة والقمع الأمني والمشكلات الاجتماعية، وتزايد الضغوط على المصريين جراء الممارسات الفاشلة لحكومة الانقلاب، فضلا عن غياب الوازع الديني وتفرغ شيوخ السلاطين لتبرير جرائم العسكر. وتتزايد معدلات الانتحار يوما بعد الآخر، حتى أن مصر دخلت موسوعة جينيس في معدلات الانتحار، وكشفت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي لمنع الانتحار في سبتمبر الماضي، أنه رغم تقلص حالات الانتحار في العالم العربي مقارنة بدول أجنبية أخرى بسبب تدين العرب، إلا أن الشباب العربي في إقليم شرق المتوسط الذي تتبعه مصر، تزايدت حالات الانتحار بينهم بسبب الأوضاع الاقتصادية والبطالة.
وفي هذا السياق انتحر محاسب بمدينة السلام أمس وألقى بنفسه من الطابق الثامن لمروره بأزمة نفسية بسبب الخلافات بينه وبين زوجته وحماته، وذلك عقب وقوع مشادات كلامية بينه وبين حماته. ووصل عدد المنتحرين بنهاية عام 2014 إلى 79 حالة، وكان النصيب الأكبر منهم في شهر أكتوبر الماضي الذي شهد انتحار 25 شخصًا، والغريب أن القائمة لم تخلُ من الأطفال، حيث انتحرت فتاة لم تتجاوز 13 عامًا بسبب خلافات مع زوجة والدها.
وتصاعدت موجة الانتحار بدءا من شهر سبتمبر الماضي، بعد استيقاظ المصريين على صور لمواطن يدعي (فرج رزق فرج) 48 عاما، ويعمل سائقا، انتحر شنقا بلوحة إعلانية بالطريق الصحراوي السريع بين القاهرة والإسماعيلية، وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن خلافات زوجية شديدة جراء مصروفات المدرسة، كانت الباعث وراء إقدامه على الانتحار ووصل عدد المنتحرين في سبتمبر الماضي إلى 15 حالة، لأسباب متعلقة بسوء الأوضاع المعيشية ومشاكل اجتماعية، كان من بينهم 3 سيدات وطفلة، وشهد الأسبوع الأخير من الشهر نفسه 6 حالات انتحار، فيما شهدت محافظة المنيا 6 حالات انتحار.
وانتحر طالب يدعى ممدوح فراج (17 عامًا) بمركز مطاي في سبتمبر الماضي، عندما أطلق الرصاص على نفسه، لتكرار رسوبه في امتحانات الثانوية العامة، بينما شهد الشهر نفسه، 11 حالة انتحار (بينهم 3 سيدات وطفلة) لأسباب متعلقة بسوء الأوضاع المعيشية ومشاكل اجتماعية أخرى، وبعد هذه الحادثة بيومين، أقدمت طفلة تدعى رحمة علاء (13 عاما)، بمركز المنيا، على الانتحار شنقًا بحبل يتدلى من شجرة أمام منزلها، بسبب شعورها بالتجاهل والرفض من زوجة أبيها، إلا أنه تم إنقاذها من الموت.
وفي السويس، انتحر شاب في 17 سبتمبر، عن طريق إلقاء نفسه من الدور الخامس لمسكنه، بسبب ظروفه المالية والبطالة وعدم قدرته على إطعام أطفاله. وفي 18 من نفس الشهر، أقدمت ربة منزل على الانتحار شنقا، لقيام زوجها بحرمانها من رؤية أولادها وخلافاتها المتكررة مع الزوج. وفي 20 من الشهر نفسه، انتحرت سيدة تدعى (أ. ر) 25 عاما، بتناولها جرعة كبيرة من مبيد زراعي لتنهي حياتها بسبب مشاجرة وقعت بينها وبين والدها، لتأخرها في العودة للمنزل أثناء زيارتها لإحدى صديقاتها، ولم تمر 4 أيام، حتى تكرر الأمر بانتحار ربة منزل تدعى (صفاء حمدي) 32 عاما، ألقت نفسها أمام القطار، بعد مشاجرة مع زوجها بسبب الفقر، وسوء الظروف المعيشية، وعدم مقدرته على توفير أبسط احتياجاتها في الحياة.
وفي الدقهلية، انتحر سامي صلاح محمد (40 عامًا)، عامل مسجد بمركز دكرنس، يوم 22 سبتمبر، دون معرفة أسباب للواقعة. وفي المنوفية قام شاب يعاني من مرض نفسي بقطع شرايين يده اليمنى بشفرة حلاقة داخل حجرة منزله. وفي 25 سبتمبر أنهى شاب يدعى علي محمد أحمد (27 عاما)، حياته بطلق ناري بالفم ليلقي مصرعه منتحرا حزنا على فراق والده الذي توفي قبل أسبوع من انتحاره. أما في الغربية فقد انتحر مدرس لغة عربية يدعى رضا السيد 42 عاما، وكان يعاني من حالة نفسية مضطربة، وفي أسيوط انتحر أمين شرطة يدعى سعيد سيد سعيد بإطلاق النار على نفسه من سلاحه الميري.
وفي كفر الشيخ أقدم شاب يدعى علي أحمد 30 سنة على الانتحار بإشعال النيران في نفسه ليلفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله للمستشفى. وكانت حالة الانتحار الصادمة للغاية هي انتحار الناشطة زينب المهدي شنقا لسوء حالتها النفسية بسبب الأوضاع السيئة التي تمر بها مصر بعد الانقلاب.
وشهد عصر السيسي أيضا انتحار شاب مسيحي شنقا، ويدعى أشرف صابر صليب (38 عاما) ويعمل بشركة آلاسكا للأجهزة المنزلية بالعاشر من رمضان وشهد يناير الماضي 4 حالات انتحار ففى 3 من الشهر ذاته إذ انتحر شاب يدعى " محمد عبد العظيم الصايم جحا "من مدينة أبشواي، حيث ألقى محمد بنفسه من فوق منزله فلقي مصرعه في الحال، واليوم زاد عدد حالات الانتحار ليصل إلى 4 حالات، بعد أن انتحرت فتاه تدعى "آية خالد حسين - 17 عاماً" من قرية تطون مركز إطسا، بعد أن تناولت مادة سامة، بينما أقدم طالب جامعي بالسويس على الانتحار، شنقا داخل شقة تحت الإنشاء بمنزل أسرته بمدينة السلام، دون أن يكشف عن الدافع وراء إقدامه على قتل نفسه. ورغم تزايد معدلات الانتحار إلا أن المتحدث الرسمي باسم الطب الشرعي الدكتور هشام عبد الحميد، خرج علينا في تصريحاته قائلا إن عدد حالات الانتحار في محافظتي القاهرة والجيزة خلال عام 2014، لم يصل ل 50 حالة، لافتًا إلى أن هذا العدد لا يمثل ظاهرة، وأن مؤشرات حالات الانتحار مطمئنة ولا تعكس أي خطورة، وارجع سبب الانتحار إلى المشاكل العاطفية، موضحا أن الشنق هو الوسيلة الأكثر استخداما في الانتحار يليها المبيدات الحشرية والقفز من أعلى المباني.