فنّد الكاتب الصحفي فهمي هويدي المزاعم التي يرددها الانقلابيون -وعلى رأسهم قائد الانقلاب- الذين يدعون كذبا أن مصر قدمت أكثر من 100 ألف شهيد للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذا الرقم لا أساس له علميا أو تاريخيا. وفي مقاله له بجريدة الشروق تحت عنوان "مصر وفلسطين.. من يدافع عن من؟" قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي "تتداول الأوساط السياسية والإعلامية معلومة مفادها أن مصر قدمت مائة ألف شهيد في دفاعها عن القضية الفلسطينية، ولا يستطيع أي باحث منصف أن يتجاهل ما قدمته مصر لصالح القضية، لكن العطاء المصري الحقيقي ظل سياسيا بالدرجة الأولى، وفي المرحلة الناصرية دون غيرها، مشيرا إلى أن الحروب التي خاضتها مصر بعد عام 1948 كانت حروبا وطنية مصرية استهدفت الدفاع عن المصالح القطرية العليا بالدرجة الأولى. ولذلك يتعذر التعميم فيها والادعاء بأنها كانت من أجل فلسطين.
وقال إن إجمالي عدد الشهداء الذين سقطوا في تلك الحروب أي منذ عام 1948 وحتى اليوم، لم يزد عن 20 ألف شهيد، الأمر الذي يدحض رقم المائة ألف شهيد ويبين أنه لا أساس علميا أو تاريخيا له.
واستدرك قائلا "بالتتبع التاريخي نجد أن الذين استشهدوا على أرض فلسطين في حرب عام 1948 لم يتجاوز عددهم 1161 شخصا بينهم مائة ضابط و861 جنديا و200 متطوع من خارج القوات المسلحة (الشهداء من رجال القوات المسلحة على الأقل أسماؤهم مسجلة ومحفوظة) وهذا الرقم أورده المؤرخ العسكري المصري اللواء إبراهيم شكيب في كتابه «حرب فلسطين 1948 رؤية مصرية»، وهو رقم لم يختلف كثيرا عن تقييمات المصادر الأمريكية، وإن بالغت فيه قليلا المصادر الإسرائيلية (موقع جويش فيرتال ليبرتي ذكر أن عددهم 2000 شهيد) للعلم: اللواء شكيب ذكر أن الجيوش العربية كلها قدمت في تلك الحرب 15000 شهيد و25 ألف جريح وإسرائيل سقط منها 6 آلاف قتيل و15 ألف جريح.
وتابع هويدي "أما لماذا قلت إن عطاء مصر للقضية الفلسطينية كان سياسيا بدرجة أكبر وفي المرحلة الناصرية دون غيرها فردّي أوجزه فيما يلي: إن الأداء العسكري للجيش المصري وللجيوش العربية كلها في عام 48 كان ضعيفا بشكل عام، رغم وقوع عدة بطولات استثنائية وفردية، يكفي أن جيوش الدول العربية الستة دخلت الحرب والعرب يسيطرون على 73٪ من الأرض وحصة الإسرائيليين لا تتجاوز 27٪ وحين انتهت الحرب كان الطرفان قد تبادلا الحصص لصالح الإسرائيليين بطبيعة الحال وأطلس فلسطين الذي أصدره الدكتور سلمان أبو ستة يشرح ذلك الجانب بالتفصيل، ويرجعه إلى ضعف الجيوش العربية وقوة خبرتها في حين أن العصابات الإسرائيلية تفوقت في العدد وفي القدرة العسكرية والكفاءة القتالية (ضباط تلك العصابات كانوا من المحاربين الذين خاضوا معارك الحرب العالمية الثانية). واختتم هويدي مقاله قائلا "هذا عن الشق العسكري، أما ما قلته بخصوص تميز الدور السياسي المصري في المرحلة الناصرية فلعله ليس بحاجة إلى شرح. ذلك أن عبد الناصر وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة في عهده، في حين أن السادات انقلب عليهم وضرب القضية بمعاهدة السلام مع إسرائيل. أما مبارك فقد سار على دربه حتى وصف بأنه كنز إسرائيل الاستراتيجي. وقد ظل المؤشر ينحني حتى وصلنا إلى ما نحن فيه وما لا أستطيع أن أصفه، تاركا لك ذلك الوصف بعد أن تقرأ في صحف الصباح أخبار إغلاق معبر رفح في وجه الجرحى، وتتتبع ما جرى منذ إطلاق المبادرة وصولا إلى أطلال «الشجاعية».