بعد 6 أسابيع من المقاومة والصمود من جانب المقاومة الفلسطينية، أثبتت الأيام أن الخاسر هو إسرائيل وأمريكا وداعمو عدوان الصهاينة على غزة، وذلك بعدما رضخت إسرائيل لشروط حماس في إبرام الهدنة المؤقتة، والتي تنطلق من وضعية متفوقة للمقاومة، التي ستحرر ثلاثة فلسطينيين مقابل كل صهيوني من النساء والأطفال التي ستطلقهم حماس، والتوسع في إدخال الوقود والمساعدات الطبية والإغاثية، ووقف إطلاق النار القابل للتمديد واستمرار التفاهمات حول مصير الأسرى العسكريين لدى المقاومة، مقابل أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية. وعرضت حكومة نتنياهو التي وافقت بالإجماع على الهدنة سوى ثلاثة وزراء فقط من حزب "العظمة الصهيونية" والتي بررتها حكومة نتنياهو بأنها مهمة لإدارة مصالح وعلاقات إسرائيل الخارجية. الصفقة صادقت عليها حكومة الاحتلال بعدما عطلتها 13 مرة إلى أن وجدت نفسها في آخر المطاف مرغمة على القبول بها، بسبب فشل جيشها في الحصول ولو معلومة واحدة عن أسراه في غزة بعد سبعة وأربعين يوما من العدوان القطاع، ما دفع بذويهم إلى رفع مستوى الضغط على الحكومة. وقال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: إنه "قرار صعب لكنه صحيح، لن نتوقف عن العمل حتى نعيدهم جميعا، هناك مراحل في الحرب وهناك مراحل في عودة المحتجزين، الرئيس جو بايدن ساعد في تحسين الاتفاق حتى يشمل إطلاق سراح المزيد من المحتجزين مقابل تنازلات أقل". هزيمة إسرائيل وبعد أن كان نتنياهو وأركان حكومته يرفضون فكرة الهدنة من الأساس باعتبار أن أي وقف لإطلاق النار سيعطي حماس فرصة لإعادة استجماع قوتها، يزعم وزير الحرب يوآف غالانت بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية هي التي دفعت باتجاه الوصول إلى الاتفاق محاولا بيع انتصار للداخل الإسرائيلي، لكن الموافقة على الصفقة بحد ذاتها تعد انتصارا للمقاومة التي كانت قد حددت عدة أهداف مهمة من عملية طوفان الأقصى أحدها تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال. مصاعب على إسرائيل ووفق تقديرات سياسية، فستمثل الهدنة التي تمتد إلى 4 أيام ، قابلة للتمديد لنحو 10 أيام، ضغوطا إضافية على إسرائيل، من قبل منظمات الإغاثة الدولية التي ستدخل وفودها وأعضائها إلى القطاع لنقل المساعدات، وهو ما سينقل تفاصيل الدمار والخراب الذي تسببت فيه إسرائيل، علاوة على دخول الصحفيين من قبل معبر رفح لتغطية نقل وتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما سيتبعه بما لا شك فيه في نقل الصورة من على أرض الواقع، وستمنحح الهدنة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية، وقتا إضافيا لتعزيز قدراتها العسكرية وإعادة ترتيب الصفوف وإعادة تعزيز قدراتها القتالية، بعد 47 يوما من القتال المستمر بلا توقف، وهو ما يمثل استراحة محارب لالتقاط الأنفاس، والاستعداد للمرحلة الجديدة من القتال، إنْ تجدد. تلك الهدنة قد تمثل أيضا خصما من القدرات القتالية للجيش الإسرائيلي، حينما يتناقل الجنود تفاصيل المعارك وأسماء الجنود المقتولين على يد الحركة، بما تويد من الضغوط على العسكريين على أرض الميدان في غزة. فرص للمقاومة ولعل تبرير وزراء حزب عظمة صهيونية، لرفضهم الهدنة، يكشف حجم الخسارة الإسرائيلية، بأن حماس وحركات المقاومة ستأخذ مهلة لإعادة تنظيم صفوفها ووتمتين جبهتا الداخلية وتزويد قواتها بمزيد من مصادر القوة، فيما سيفقد الجيش الإسرائيلي اندفاعيته لقتالية التي تحققت له خلال الفترة الماضية، وعمله العسكري ضد غزة. ووفق تقديرات استراتيجية، فإن مكاسب حماس من الهدنة، هو إعادة ذخائرها وإمدادها بالذخائر وعلاج الجرحى في صفوفها، هذا إلى جانب إعادة تعبئة صفوفها، وإخراج مجموعات للتجسس على المواقع الإسرائيلية في مدن غزة ورصدها. وكانت إسرائيل طوال الفترة الماضية ترفض الحديث عن هدنة مؤقتة، وسبق أن صرحت القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية، بأن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في غزة أمر واجب على المقاومة دون الحديث عن تبادل أسرى، وإنما فقط تهدئة إطلاق النار، التي لن توقف إلا بتدمير كامل للفصائل الفلسطينية المسلخة. ويرى مراقبون أن نجاح حركة حماس في تنفيذ هجوم على بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 9 ملايين نسمة ولديه جيش قوي حطم النفسية الإسرائيلية، ودفع تجديد الكفاح الفلسطيني لإقامة دولة مستقلة إلى الواجهة العالمية. ووفق صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، فإن إيران قد تستخدمه لزيادة هجمات حزب الله اللبناني والحوثيين اليمنيين وبعض المليشيات التي تدعمها في سوريا والعراق. وأوضحت الصحيفة في تقرير بقلم سيث جي فرانتزمان، أن الجنود الإسرائيليين أحرزوا تقدما كبيرا بتدمير 10 كتائب من حركة حماس المحاصرة في مدينة غزة والتي لا تستطيع تعويض من فقدتهم بسهولة، لأن معظم الفلسطينيين فروا من المدينة إلى الجنوب. وقالت الصحيفة، إن "حماس لديها مساحة أقل بكثير للمناورة بسبب توغل الجيش الإسرائيلي من شمال قطاع غزة، ولكن توقف القتال سيمنحها الفرصة لإعادة تنظيم صفوفها، وإعادة تموضع قواتها، ونقل مخزون الأسلحة الذي لديها إلى الجبهة وإعداد الكمائن، وربما تحاول أيضا استغلال الهدوء لدخول الأنفاق ومحاولة التسلل إلى الخطوط الخلفية للجيش الإسرائيلي". ووفق صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، فإن إيران قد تستخدم الهدنة لزيادة هجمات حزب الله اللبناني والحوثيين اليمنيين وبعض المليشيات التي تدعمها في سوريا والعراق. وأيضا سيكون لدى حماس الوقت في الجنوب لإعادة تموضع قواتها، حسب الصحيفة الإسرائيلية، كما تستطيع أن تبدأ في إعادة تخزين ترسانتها الصاروخية وإقامة قواعد عسكرية، وقد تحاول تجنيد بضعة آلاف آخرين من المتطوعين وتستخدم وقف إطلاق النار الممتد لتدريب بعض المجندين، ونقل الرهائن والعمل مع جماعات أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي وبعض المدنيين في غزة، وستواصل استغلال الفرصة للدعاية وإصدار أشرطة الفيديو، وفق تعبيرها.