التنمية المحلية: تسليم محطة الفرز الأولى للمخلفات الصلبة بنويبع لمحافظة جنوب سيناء بتكلفة 4 ملايين جنيه    تصدير 859 حاوية مكافئة من ميناء دمياط    شكري ووزراء خارجية 4 دول عربية يجتمعون مع بلينكن لبحث مسار وقف الحرب في غزة    عاجل.. توخيل يتحدى ريال مدريد بتصريحات نارية    مفاجأة.. تغريم نجم الأهلي 100 ألف جنيه لهذا السبب    استمرار حبس عاطل لحيازته مخدر البودر في كرداسة    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    العقاد يدعو لضرورة مشاركة القطاع الخاص فى تقديم الخدمات الطبية ب«التأمين الشامل».. فيديو    عبد الرازق يرفع الجلسة العامة لمجلس الشيوخ    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير النقل يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب بالإسكندرية مع ألستوم الفرنسية    تأجيل محاكمة المتهمين في حادث قطار طوخ إلى شهر يونيو للمرافعة    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    أخبار الفن.. أول ظهور ل أحمد السعدني بعد وفاة والده.. ممثلة لبنانية شهيرة ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان    خالد جلال يعقد اجتماعا لمناقشة خطة الموسم الجديد للبيت الفني للمسرح    دينا الشربيني ضيفة كلمة أخيرة غدًا    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    حصيلة مبدئية.. مق.تل 42 شخصا داخل كينيا في انهيار سد بسبب الأمطار    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية -تفاصيل    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    باركود وتعليمات جديدة.. أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    "البحوث الإسلامية" يطلق حملة "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" بمناسبة عيد العمال    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    حكم رادع ضد المتهم بتزوير المستندات الرسمية في الشرابية    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لرئيس حي السلام ومهندس بتهمة تلقي «رشوة»    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    بث مباشر.. مؤتمر صحفي ل السيسي ورئيس مجلس رئاسة البوسنة والهِرسِك    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    «التضامن»: دعم مادي وتوفير فرص عمل لذوي الاحتياجات من ضعاف السمع    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    لهذا السبب.. ريال مدريد يتخلى عن نجم الفريق    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب : حرب الاستقلالِ الثانية أحلامٌ إسرائيليةٌ واهيةٌ

ما أشبه اليوم بالبارحة، عندما كانت العصابات الصهيونية المختلفة، شتيرن والأرجون والهاجاناه وغيرهم، يعيثون فسادا في أرض فلسطين التاريخية، ويمارسون الإرهاب بالدم والنار في كل أرجائها، ويغيرون بقوة السلاح على البلدات الفلسطينية ويجتاحون القرى، ويقتلون سكانها ويطردون أهلها، ويرتكبون فيها أفظع المجازر وأبشع المذابح، ويعملون بالتعاون مع سلطات الانتداب البريطاني على سرقة الأرض وتزوير هويتها وتغيير طبيعتها، ونهب خيراتها واستنزاف مقدراتها، وبناء المعسكرات، وتدريب المتطوعين، وتسليح المقاتلين واستدراج المهاجرين وتمكين المستوطنين وتشريع قوانين الجنسية، وتسهيل إجراءات الهجرة، تمهيدا لحرب النكبة عام 1948، التي أطلقت عليها الحركة الصهيونية اسم "حرب الاستقلال" وعلى إثرها أعلنت تأسيس كيانها واستقلال دولتها.
قديما ترأس العصابات الصهيونية دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن وإسحق شامير، الذين أصبحوا فيما بعد رؤساء للحكومات الإسرائيلية، ونفذوا على الأرض بقوة السلاح جزءا من برامجهم الاستراتيجية وأحلامهم القديمة، ونجحوا إلى حد بعيد في إرساء قواعد الدولة العبرية وتمكينها، واستطاعوا بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا في المرحلة الأولى، والولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك، في بناء دولة قوية حديثة، وتأسيس جيش مسلح مدرب، يتمتع بقدرات عالية وأسلحة حديثة متطورة، مكنته من فرض هيبته وإرهاب جيرانه والاعتداء عليهم، والاستيلاء على أجزاء واسعة من أرضهم.
اليوم يحلم الإسرائيليون بحرب جديدة، يطلقون عليها بأنفسهم اسم حرب الاستقلال الثانية، يتطلعون من خلالها إلى تحقيق كل أحلامهم القديمة وأطماعهم الدينية والقومية التي خططوا لها ومَنَّوا أجيالهم بها، باستعادة ممالكهم القديمة وأمجادهم التليدة، والعودة إلى أرض الآباء والأجداد، وبناء الهيكل الثالث، واستعادة العصا والتابوت وألواح موسى، والصلاة في كنيس الخراب، وارتداء الثياب الخاصة بطقوسهم، وذبح السخلان وتقديم القربان، والاستلقاء أرضا في سجود ملحمي يعيدهم إلى زمان الأنبياء والملوك، للعيش في الأرض التي اختصهم الرب بها وسماها باسمهم، وجعلها خاصة بهم خالصة لهم، نقية من غيرهم، لا يشاركهم فيها الأرض والمقدسات غير اليهودي المشهود له بيهوديته، وغير المطعون في هويته.
يعيش الإسرائيليون اليوم أمسهم، ويخوضون غمار الحرب الأولى التي انتصروا فيها، ويدقون طبول حرب الاستقلال الثانية، التي يظنون أنها الحرب الأخيرة والخاتم، التي فيها سيطهرون أرضهم، وسيخرجون كل العرب منها، وسيدمرون كل المقدسات الدينية غير اليهودية فيها، فلا يعود فيها مكان للمسجد الأقصى ولا لحائط البراق، ولا وجود للقبة المشرفة ولا لمسجد عمر، ولا أثر للحرم الإبراهيمي والمقامات الإسلامية، ولا بقاء لكنيسة القيامة ولا لكنيسة المهد، ولا لآثار للمسيح ولا درب للآلام، ولا شيء مما يدل على العرب أو يربط الفلسطينيين بأرضهم، التي يجب أن يخرجوا منها عنوةً أو يطردوا منها بالقوة، فالدول حولهم كثيرة والأرض عندهم واسعة فسيحة.
يتزعم هذا التيار الصهيوني الجديد ويقود الحرب الموعودة أحزاب دينية وأخرى قومية، يتقدمهم إيتمار بن غفير وبتسليئيل سموتريتش ونتنياهو، لكنهم يخفون خلفهم كل المستوطنين وجميع المتطرفين، ويحرضون الباقين من المستوطنين الصامتين، وغيرهم من الذين يصنفون باليسار أو معسكر الاعتدال، ممن يؤمنون بالحلول التوافقية والمخارج الوسطية، التي تحقق أحلامهم وتسكت الفلسطينيين وتوقف مقاومتهم، ولعلهم جميعا، قوى وأحزابا، وجمهورا ومستوطنين، يتفقون في الأهداف، ويلتقون في المشروع، ويتحدون في المعركة، ويطلقون نيران بنادقهم على الفلسطيني عموما أيا كان فكره أو انتماؤه، فهم سواء يتشابهون فكرا وممارسة، وإن اختلفوا شكلا أو تباينوا أسلوبا.
إن ما نراه اليوم على الأرض هو جزء فعلي من التحضير والإعداد لحرب الاستقلال الإسرائيلية الثانية، فالشرطة تتهيأ وتتدرب، وتزداد عددا وتتطرف فكرا، وتجهز والجيش نفسها لخوض مواجهات دامية مع الفلسطينيين في المسجد الأقصى وفي القدس وفي كل عموم فلسطين، ويقوم قادتهم بأوسع عملية تعبئة وتحريض، وتوجيه وإرشاد، لتهيئة عناصر الجيش والشرطة لهذا اليوم الذي يرونه لا محالة قادم، ولعل أوضح بيان على حملات التحريض وعمليات الاستفزاز، ما يقوم به الشقيان الأذلان، سموتريتش وبن غفير، فهما اللذان يستعجلان الحرب ويتهيئان لليوم التالي.
أما السلاح الثاني الأمضُ والأوجع، والأسرع والأفتك، والأقدر على تحقيق النصر في حرب الاستقلال الثانية، فهو الاستيطان الذي بات يستهدف فلسطين كلها ولا يستثني مكاناً منها، إذ أطلقت حكومة اليمين المتطرفة العنان لزعماء الاستيطان وفتية التلال وغلاة المستوطنين، لتنفيذ أوسع عملية سطو على أراضي الفلسطينيين وبيوتهم، ومصادرة حقوقهم وتخريب ممتلكاتهم، في ظل وعود جادة بتشريع البؤر الاستيطانية، وعدم تفكيك أي منها، وتعهدات حكومية عملية بتوسيع المستوطنات وتسمينها، ومصادرة المزيد من الأراضي لتخديمها وضمان أمنها وسلامة مستوطنيها.
أمام هذه المخططات الصهيونية الواضحة، والمساعي الإسرائيلية المحمومة، والأحلام اليهودية القديمة، التي نرى أنها ليست أكثر من أوهامٍ مريضة وأحلام بائسة مهيضة، لن يتحقق منا شيء مهما اشتد ساعد الكيان وخَشُنَ سلاحه، ومهما تطرف قادته واشتطت حكومته، فالفلسطينيون الذين أبدعوا في مقاومتهم، وأذهلوا العدو في عملياتهم، وأقلقوه بثباتهم وصمودهم، وصبرهم واحتمالهم، لن يتركوه يهنأ في أرضهم، ولن يسمحوا له بالعيش في وطنهم والاستقلال ببلادهم، وسيعملون يدا بيد لاستعادة وطنهم وتحرير أرضهم، وتطهيرها من رجس عدوهم وغلاة مستوطنيهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.