«تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    حقيقة تأثر الإنترنت في مصر بانقطاع كابلات البحر الأحمر    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    مسؤول أمريكي: بايدن في موقف محرج بسبب دعمه إسرائيل في حرب لن تنتصر فيها    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    وفاة والد سيد نيمار بعد صراع مع المرض    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    بشير التابعي: جمهور الزمالك سيكون كلمة السر في إياب نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    حصريا جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya الرسمي في محافظة القاهرة    عاجل - مبTHANAWYAاشر.. جدول الثانوية العامة 2024 جميع الشعب "أدبي - علمي"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    عبدالمنعم سعيد: مصر هدفها الرئيسي حماية أرواح الفلسطينيين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    شاهد لحظة استهداف حماس جنود وآليات إسرائيلية شرق رفح (فيديو)    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    ريا أبي راشد بإطلالة ساحرة في مهرجان كان السينمائي    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب: إسقاط الغطاء الشعبي.. كشف الحكم العسكري

• الانقلاب فشل في الحصول على أي شرعية لأنه قمع كل معارضيه وعسكر الدولة والمجتمع والإعلام
• كلما حوصر مؤيدو الانقلاب بالحقيقة الدموية للحكم العسكري أصبح كل من لا يتحمل وزر الدماء غير قادر على تأييده

• الحراك الثوري نموذج للتضحية والصمود في وجه الاستبداد ورغبة في الاستقلال الشامل ورفض الاستسلام

• كلما كان الحراك الثوري نموذجا حضاريا مختلفا أصبح بديلا حقيقيا للوضع القائم ونموذجا للبطولة

أعدها للنشر: الحرية والعدالة
أكد المفكر والباحث السياسي د. رفيق حبيب أنه إذا كان الانقلاب العسكري قد استند على دعم شعبي، فإن قدرة الحراك الثوري على كشف هذا الغطاء الشعبي، عامل مهم في كسر الانقلاب العسكري. فالحكم العسكري ليس مطلبا شعبيا في ذاته، ولكنه يعيد إنتاج نفسه من خلال مبررات عارضة، يقنع بها قطاع من المجتمع. وكل أنماط الحكم العسكري تحاول الاستناد أولا على دعم شعبي، حتى إذا انكشفت حقيقتها تفقد هذا الدعم الشعبي. والحراك الثوري يقوم بدور مهم في كشف الحكم العسكري، حتى لا يستقر ثم تكتشف حقيقته بعد زمن طويل.

والانقلاب العسكري يحاول أن يوظف الغطاء الشعبي، حتى يكتسب منه شرعية، رغم أنه فشل في الحصول على أي شرعية بطريقة ديمقراطية صحيحة، لأنه قمع كل القوى السياسية المعارضة وخنق المجال السياسي برمته بل وعسكر الدولة والمجتمع والإعلام.

وأضاف في دراسة حديثة له عنوانها "إسقاط الغطاء الشعبي. . كشف الحكم العسكري" أن سلطة الانقلاب العسكري تحاول أن توظف الغطاء الشعبي، وكأنه مبرر لما تقوم به من قمع وإقصاء دموي للتيار الرافض للانقلاب العسكري، مما يعني أن سلطة الانقلاب تستخدم دعم بعض القطاعات، لتبرير عملية القتل ضد القطاعات الأخرى. والحكم العسكري ينتهي عندما تتقلص القطاعات المؤيدة له وتتبرأ منه قطاعات أخرى، ولا يبقى إلا طبقة الحكم وشبكة المصالح المرتبطة بها، لذا فإن سلطة الحكم العسكري تحاول التركيز على ما تحظى به من شعبية، وإخفاء أي تقلص يحصل في شعبيتها، حتى تبدو موجودة كمطلب شعبي ولا تنكشف حقيقتها.

لذا فالمعركة الاجتماعية بين الانقلاب العسكري والحراك الثوري تمثل محورا مهما في المواجهة، لأن الثورة الشعبية تنتصر بإرادة المجتمع، كما أنها تجهض بتغييب أو تضليل وعي المجتمع. مما يجعل المعركة على الحضور الاجتماعي، كمّا ونوعا، تمثل واحدة من العوامل الحاسمة في مواجهة الانقلاب العسكري.

وكشف "حبيب" أن معارك الثورة، ليست مثل معارك التنافس السياسي، والتي تحسم بالأغلبية العددية المباشرة، فالمعركة بين الثورة والانقلاب العسكري، تحسم بنوعية وخصائص الحضور الاجتماعي للحراك الثوري، وليس بوزنه النسبي فقط. كما أن المعركة بين الانقلاب العسكري والحراك الثوري تحسم عندما يتضح ما يمثله كل طرف سواءً من الناحية الاجتماعية أو الثقافية وأيضا من الناحية التاريخية. فمن ينتصر في معركة الثورة هو من يعبر عن المجتمع، ويمثل جوهر ومحور تاريخه الممتد.

الثورة والأمل في التغيير
• الثورة الشعبية تنتصر بإرادة المجتمع، كما أنها تجهض بتغييب أو تضليل الوعي
قال "حبيب" إن الثورة الشعبية تمثل حالة إفاقة مجتمعية رافضة للاستبداد والتخلف بكل صورهما. لذا فإن تشكل النموذج الثوري يعد من أهم عوامل صعود حراك الثورة. حيث يقدم هذا النموذج مثالا للتضحية والقدرة على الصمود في وجه الاستبداد. كما يمثل الحراك الثوري الرغبة العميقة في التغيير وأيضا الرغبة في تحقيق الاستقلال الشامل، مما يجعل الحراك الثوري تحركا نحو المستقبل ورفضا للاستسلام للواقع الراهن. وبقدر ما يكون الحراك الثوري ممثلا لأمل جديد في المستقبل بقدر ما يكون نموذجا للعمل من أجل بناء مستقبل أفضل.

موضحا أنه وبعد ثورة يناير، استشعر البعض صعوبة الحياة بسبب ما حدث من فوضى نسبية، وأيضا بسبب مخططات الفوضى والإفشال. لذا تصور البعض أن العودة لما قبل الثورة أفضل، رغم أن ما كان قبل الثورة لم يكن مرضيا للأغلبية الكاسحة من المجتمع. لذا فإن معركة الثورة مع الثورة المضادة، تدور حول أمل المجتمع في التغيير، حيث تحاول قوى الثورة المضادة إحباط أمل عامة الناس في التغيير، حتى يقبلوا الواقع الراهن وربما يقبلوا ما هو أقل مما كان قبل الثورة.

• الحراك الثوري لديه رصيد احتياطي من الكتل والشرائح التي تم تضليلها إعلاميا ومستعدة لمعرفة الحقيقة
والحراك الثوري برأيه يحتاج إلى إيقاظ رغبة التغيير لدى عامة الناس وبث الأمل فيهم، حتى يدركوا أن التحرر سوف يحقق مستقبلا أفضل لهم، وأن الاستسلام للواقع ليس حلا، لأن الواقع المتردي يظل يتراجع باستمرار، حتى تنهار سبل الحياة. ولا يمكن تحقيق التغيير إلا بثمن فكل عملية تغيير يتبعها حالة تراجع نسبي مؤقت، وكل من يريد التغيير إلى الأفضل عليه أن يتقبل ما يحدث في مراحل التغيير من فوضى نسبية. كما أن كل تغيير يتبعه مقاومة شديدة من طبقة الحكم المستبد، مما يستلزم وعي عامة الناس بالمعركة واستمرارهم في التمسك بأمل التغيير.
كاشفا أن الانقلاب العسكري، اعتمد أساسا على تشويه الثورة، ودفع عامة الناس أو قطاع منهم، لقبول ما كان قبل الثورة، باعتباره أفضل من حالة الفوضى التي تتبع الثورة، والتي خططت لها قوى الثورة المضادة. مما يعني أن قبول عامة الناس للوضع القائم يؤثر سلبا على الحراك الثوري، في حين أن إدراك عامة الناس أن الوضع القائم يضر بحياتهم، وأنه قابل للتراجع أكثر يدفعهم لتقبل ثمن التغيير.

نموذج الثائر
• نزع الغطاء الشعبي يجعل الحكم العسكري أداة للقمع بلا رصيد شعبي والحراك الثوري ممثلا للجزء الحي فتنتصر الثورة
وتحت عنوان "نموذج الثائر" قال "حبيب" لا يمكن أن تكون الثورة إلا نقيضا للوضع القائم، وهي لهذا تقدم بديلا مختلفا. مما يجعل من المهم أن يرى عامة الناس أن الحراك الثوري يمثل بديلا مختلفا، ويمثل واقعا اجتماعيا مختلفا. وكلما كان الحراك الثوري نقيضا للواقع القائم، كلما كان يمثل أملا جديدا لمستقبل آخر. وفي قلب الحراك الثوري تتولد قيم وأخلاق جديدة، هي واقعيا قيم المجتمع التي يعاد إحياؤها من جديد. مما يجعل الحراك الثوري بمثابة استعادة لقيم وأخلاق المجتمع، التي تراجعت في ظل الاستبداد والتخلف. وكلما أصبح الحراك الثوري يمثل النموذج الاجتماعي المفقود، أصبح بالفعل يمثل مستقبلا جديدا.
والثورة تستدعي أفضل ما في ثقافة وحضارة المجتمع، فهي تستدعي قيم المجتمع الغائبة وأخلاقه التي تراجعت، مما يجعل الحراك الثوري يمثل النموذج المفقود للمجتمع أو النموذج الذي ظن البعض أنه لن يعود مرة أخرى.

أمل جديد ومتجدد
واصفا الحراك الثوري بأنه استعادة لكل ما هو جميل في موروث المجتمع من قيم وقواعد وتقاليد، غيّبها الاستبداد والتخلف. وصورة الحراك الثوري التي تناقض نموذج المجتمع المستسلم السلبي تجعل الحراك يمثل أملا جديدا، قد يتصور البعض أنه أمل مستحيل، ولكن استمرار الحراك يجعله أملا متجددا. كلما كان الحراك الثوري بمثابة نموذج ثقافي وحضاري مختلف، أصبح يمثل بديلا حقيقيا للوضع القائم، وأصبح يمثل نموذجا للبطولة، التي افتقدها المجتمع. فاستدعاء قيم المجتمع الأصيلة، يستتبعه استعداء قيم التضحية والبطولة، مما يجعل الحراك الثوري يتحول إلى النموذج، الذي يتصور البعض أنه غير ممكن، رغم ما له من إيجابية في وعي عامة الناس.

قاعدة الحراك الثوري
ورصد "حبيب" أنه من المؤشرات المهمة للحراك الثوري توسع قاعدة هذا الحراك وأيضا نوعية هذه القاعدة، وموقف الكتل الأخرى التي لا تشارك في الحراك الثوري. ففي مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، أصبح الحراك الثوري ليس محاولة لإسقاط السلطة العسكرية المستبدة فقط، بل هو أيضا عملية لبناء قاعدة للثورة والتغيير.

• كلما رفضت شرائح أيدت الانقلاب تأييد ممارساته أصبح الحكم العسكري مكشوفا أخلاقيا وإنسانيا
مضيفا إذا كان توسع قاعدة الحراك الثوري مهما، فإن فاعلية تلك القاعدة مقارنة بباقي كتل المجتمع، يعد مؤشرا مهما لقوة الحراك الثوري. فكلما كانت قاعدة الحراك الثوري نشطة وفاعلة، في حين أن الكتل الأخرى سلبية وغير فاعلة، تأكد أن الحراك يمثل الجزء النشط من المجتمع، الذي سوف يبني المستقبل. وإذا كان انضمام شرائح جديدة للحراك الثوري مهما، فإن توسع قاعدة المتضامنين مع الحراك الثوري، رغم عدم مشاركتهم فيه مهم أيضا. فأي حراك ثوري تشارك فيه طليعة المجتمع، والحراك الثوري بعد الانقلاب متسع بالفعل مما يجعله طليعة واسعة ومنتشرة. وكلما تشكل حول الحراك الثوري دائرة واسعة متضامنة معه، وإن كانت لا تقدر على المشاركة أصبح الحراك متجذرا في بنية المجتمع.

والشريحة المتضامنة مع الحراك بحسب "حبيب" تمثل واقعيا الكتلة الراغبة في التغيير، حتى وإن لم تتمكن في المشاركة في الحراك، مما يعني أنها كتلة تريد تغيير الواقع، ومستعدة نسبيا لتقبل ما لعملية التغيير من تأثيرات. فمن المهم أن تقتنع كل الكتل الراغبة في التغيير أن للتغيير ثمنا، حتى لا يستغل بعضها في الثورة المضادة كما حدث في الانقلاب العسكري.

الانعزال السياسي
• الثورة تحتاج لإيقاظ رغبة التغيير لدى الناس، وبث الأمل فيهم ليدركوا أن التحرر يحقق مستقبلا أفضل
وتحت عنوان "الانعزال السياسي" ناقش "حبيب" أنه قد يتصور البعض، أن توسع الكتلة السلبية بعد الانقلاب العسكري والتي تبتعد عن المشاركة السياسية يضعف من الحراك، ولكنه في الحقيقة يضعف من سلطة الانقلاب العسكري. فالكتل التي تميل لتأييد المألوف وتخاف من المخاطرة عادة ما تعود إلى السلبية بعد الانقلاب العسكري. والكتل التي تخشى التغيير لا تصبر على الثورة لذا فالكتل التي تميل للسلبية، تحسب على الحكم العسكري، وليس على الثورة. والانقلاب العسكري استغل الكتل التي لا تصبر على التغيير ولا تستطيع دفع ثمنه، وتميل للمألوف أيا كان. لذا فإن سلبية تلك الكتل تخصم من رصيد الانقلاب العسكري، وتقلل من فاعلية الرفض الاجتماعي للحراك الثوري.

وفي كل ثورة، هناك قطاع من المجتمع يثور، وشرائح أخرى تعارض الثورة وتنقلب عليها، ثم مساحة واسعة من الكتل المتفرجة، وهذه الكتل هي التي تستغل عادة لإحباط الثورة، مما يعني أن خروجها من الاهتمام السياسي، لصالح الحراك الثوري.

ونبه "حبيب" إلى أن سلطة الانقلاب العسكري حاولت التضخيم من حجم التأييد لها، لأنها اعتمدت على الكتل التي لا تميل للتغيير، وعندما تصبح تلك الكتل سلبية فإن الكتل النشطة في تأييد الانقلاب العسكري تتقلص سريعا، مما يؤدي إلى نزع الغطاء الشعبي عن الانقلاب العسكري.

ففي معارك الثورة والثورة المضادة، تقاس قوة كل طرف بحجم الكتل النشطة التي تدعم كل طرف، فالحراك الثوري يعتمد على قوة الشرائح النشطة المنتمية له والتي تقدر على دفع ثمن الحرية. وكلما فقد الحكم العسكري الكتل النشطة التي تدافع عنه، لم يبقَ له إلا أدوات القمع والبطش في وجه الحراك الثوري، فيصبح حكما عسكريا بلا قاعدة نشطة مؤيدة له.

للتضليل أنواع
ولفت "حبيب" إلى أن الانقلاب العسكري اعتمد على عملية تضليل إعلامي واسعة، وتلك العملية هي التي وفرت له غطاءً شعبيا مؤقتا استطاع من خلاله الانقلاب على الثورة. ولأن الانقلاب العسكري قام على التضليل الإعلامي، لذا فإن كشف التضليل يساعد على نزع الغطاء الشعبي للانقلاب العسكري. ولكن الشرائح المضللة ليست كلها من نوع واحد. فهناك من يتم تضليله وهو يميل إلى تصديق التضليل الإعلامي، وربما لا يريد أن يعرف الحقيقة. ومن تلك الشرائح، كل من يعادي المشروع الإسلامي،جملة وتفصيلا، ومنها أيضا كل من يعادي الثورة والحرية والديمقراطية.

وأضاف ومن يتكيف مع التضليل الإعلامي ولا يريد معرفة الحقيقة، هو واقعيا خصم للثورة، ولا يمثل رصيدا لها. وكل من تم تضليله، ولديه الاستعداد لمعرفة الحقيقة، يمثل رصيدا احتياطيا للحراك الثوري. وكل من يغير موقفه من الحكم العسكري عندما يعرف الحقيقة، يمثل أيضا رصيدا احتياطيا للحراك الثوري. فالحراك الثوري، لديه رصيد احتياطي يتمثل في العديد من الكتل والشرائح، التي تم تضليلها إعلاميا، ولكنها واقعيا ضد الحكم العسكري، ومع الثورة والتغيير. ولكن الانقلاب العسكري، ليس لديه أي رصيد احتياطي فقد حشد جمهوره وضلل شرائح أخرى منذ البداية.

التواصل والإعلام البديل
وأكد "حبيب" أن الانقلاب العسكري بدأ وهو في أعلى درجة تأييد جماهيري له، وحقق هذا التأييد في الأسابيع الأولى، وبعد ذلك بدأ التأييد له في الهبوط. أما الحراك الثوري فقد بدأ من الكتلة الصلبة المتماسكة ثم بدأ التأييد له في الصعود. وقدرة الحراك الثوري على الرد على التضليل الإعلامي عمليا، ومن خلال الممارسة والتواصل والإعلام البديل، تمكنه من جذب كل من ضلل على غير رغبته، حتى لا يبقى مع الانقلاب العسكري، إلا من تم تضليله ولا يريد معرفة الحقيقة.

• قدرة الحراك الثوري على الرد على التضليل الإعلامي بالتواصل والإعلام البديل تجذب كل من ضُلل على غير رغبته
ووجود رصيد احتياطي للحراك الثوري مهم، حتى وإن لم يكن لهذا الرصيد فاعلية في بعض المراحل. فكل ثورة تقوم بها طليعة وتلحق بها العديد من الشرائح في المراحل الأخيرة، لأن الثورات من عمل الطليعة النشطة، وليس كل الجمهور مؤهلا لها.

التبرؤ من الانقلاب
وقال "حبيب" لأن الحكم العسكري استخدم أدوات القمع الدموي منذ اليوم الأول، لذا أصبح يتحمل وزر الدم، والعديد من الشرائح التي أيدت الانقلاب تحاول إنكار ما يحدث من مذابح، بل وتحاول إنكار أن هناك الآلاف من القتلى. فمن الشرائح التي أيدت الانقلاب العسكري من لا يستطيع تحمل وزر الدماء. ومن مهام الحراك الثوري فضح الحكم العسكري وممارساته، حتى تتضح صورته الحقيقية لمن يريد أن يرى الحقيقة.
• الحراك الثوري استعادة لكل ما هو جميل في موروث المجتمع من قيم وتقاليد غيّبها الاستبداد والتخلف
وأيضا من مهام الحراك الثوري أن يجعل صورة الحكم العسكري حاضرة بقوة، حتى يراها من
يخشى من معرفة الحقيقة. وكلما حوصر من يؤيد الانقلاب العسكري بالحقيقة الدموية للحكم العسكري، أصبح كل من لا يتحمل وزر الدماء غير قادر على تأييد الحكم العسكري، مما يجعله يبتعد عن تأييد السلطة العسكرية. وتزايد عدد من لا يتحملون الدفاع عن ممارسات الحكم العسكري، يعني أن رصيده الشعبي يتضاءل، كما أن غطاءه الشعبي ينكمش.

وكلما رفضت شرائح أيدت الانقلاب العسكري تأييد ممارساته، بل وخشيت من تأييد ممارساته، أصبح الحكم العسكري مكشوفا أخلاقيا وإنسانيا، حتى لا يبقى معه إلا من يعرف حقيقته ويؤيدها، وعندئذ يصبح الحم العسكري بلا غطاء شعبي. فعندما تكون هناك شرائح مؤيدة للحكم العسكري والاستبداد ومؤيدة أيضا لممارسات السلطة الدموية، فتلك الشرائح لا تكسب الحكم العسكري غطاءً شعبيا، لأنها تقف موقفا غير أخلاقي، مما يجعلها واقعيا جزءا لا يتجزأ من الحكم العسكري المستبد، وليست إضافة له.

الحساب قادم
بين "حبيب" أن من أهم عناصر فاعلية الحراك الثوري، قدرته على إقناع المزيد من المنتمين للحكم العسكري، وأن مرحلة الحساب قادمة لا محالة، مما يجعل كل من يشارك في الحكم العسكري عرضة للمحاسبة والمساءلة. فالكثير من تجاوزات السلطة العسكرية تحدث بسبب قناعة من يقومون بتلك الممارسات بأنهم سوف يفلتون من العقاب.

• إدراك عامة الناس للمعركة وأن الوضع القائم يضر بحياتهم وأنه قابل للتراجع أكثر يدفعهم لتقبل ثمن التغيير
وكلما أدرك عدد أكبر من المنتمين لمؤسسات الحكم العسكري أن الحساب قادم لا محالة، حاول بعضهم النأي بنفسه عن الحكم العسكري وعدم المشاركة في سياسة القمع والقتل والترويع. فالحكم العسكري يعتمد على أدوات القمع، فإذا تم تفكيك تلك الأدوات وأصبحت يدها مرتعشة، قلت قدرتها على القمع، رغم أن هذا لا يحدث سريعا.
وكي يدرك البعض أن الحساب قادم لا محالة، عليه أن يدرك أن الثورة سوف تنتصر لا محالة، وأن الحراك مستمر ولا يمكن لأحد أن يجهضه. ورغم أن الكثير يقفز من سفينة الحكم العسكري في النهاية، إلا أنه من المفيد أن يقفز منها عدد ما في المراحل المختلفة، حتى تتضاءل قدرة أدوات القمع.

الخلاصة
إن معركة الانقلاب العسكري ضد الثورة، اعتمدت على توفير غطاء شعبي للانقلاب العسكري،حتى يحمي نفسه، ويبني حالة نزاع أهلي تحميه. ورغم أن تأييد الحكم العسكري المستبد لا يعطيه أي شرعية، إلا أن التأييد الشعبي يمنح الحكم العسكري القدرة على البقاء وفرض نفسه، ثم حماية استمراره. لذا فإن تقلص الغطاء الشعبي للانقلاب العسكري يعد أداة مهمة من أدوات إضعاف السند المؤقت الذي يعتمد عليه، وهو ما يسهل انكشافه شعبيا. والنزع التدريجي للغطاء الشعبي يعد من أهم أدوات الحراك الثوري.

• صورة الحراك الثوري المناقضة للمجتمع السلبي، تجعل الحراك أملا جديدا واستمراره يجعله أملا متجددا
كل شريحة تترك تأييد الانقلاب، وتؤيد الحراك الثوري تعد إضافة مهمة، كما أن كل شريحة تتوقف عن تأييد الانقلاب، رغم عدم تأييدها للحراك الثوري تعد إضافة أيضا. وكل شريحة لا تتمكن من تحمل المسئولية عما يقوم به الحكم العسكري رغم تأييدها له في البداية تعد إضافة أيضا.
فالحكم العسكري، يوظف حالة تأييد شعبي غير متماسكة، ويحاول الاحتماء بها ونزع الغطاء الشعبي، يجعل الحكم العسكري مجرد أداة للقمع، ليس لها رصيد شعبي حقيقي، وليس لها كتل نشطة تدافع عنها، مما يجعل الحراك الثوري ممثلا للجزء الحي والنشط من المجتمع، فتنتصر الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.