أزمة الكهرباء.. أحمد موسى: المواطن عمال يشيل كثير.. هيلاقيها منين ولا منين    بلينكن: حماس تقف في طريق وقف إطلاق النار بغزة    طبيب الزمالك يكشف موقف فتوح والجزيري    الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تعلن عن خطتها لموسم الحج 1445ه    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية لتدشين المرحلة الثانية من مبادرة مكافحة الأورام السرطانية    الخارجية الأمريكية: هناك من يعارض صفقة إطلاق المحتجزين داخل الحكومة الإسرائيلية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل الخميس المقبل    أحمد جمال يكشف حقيقة حادث اصطدامه برجل مسن    مهرجان جمعية الفيلم يحتفل بمئوية عبدالمنعم إبراهيم    خارجية أمريكا: هناك من يعارض داخل حكومة إسرائيل صفقة إطلاق المحتجزين    قصواء الخلالي: لم يتم النقاش مع أى شخصية لتشكيل الحكومة سوى الدكتور مصطفى مدبولى    اجتماع أيقونات عين الصيرة.. كيف روج تركي آل الشيخ ل«ولاد رزق 3»؟    تشكيل منتخب إيطاليا أمام تركيا استعدادًا لنهائيات يورو 2024    ديشامب يعلق على انتقال مبابى الى ريال مدريد ويشيد بقدرات نجولو كانتى    إحالة متغيبي مدرسة حاجر جبل هو الابتدائية بقنا للتحقيق    الخارجية الأمريكية: وقف إطلاق النار في غزة مقترح إسرائيلي وليس أمريكيا    «القاهرة الإخبارية»: سلوفينيا تستعد للاعتراف بدولة فلسطين الشهر المقبل    عاجل| كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط يزور المنطقة الأسبوع الجاري    عايدة رياض: محمود عبد العزيز ساحر وتاريخ ورمز مصرى وإنسان بمعنى الكلمة    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2024    إصابة سيدتين وطفلة في حادث تصادم بالصحراوي الغربي شمال المنيا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    الصحة توجه نصائح للحجاج لتجنب الإصابة بالأمراض    حسام حسن: لم أكن أرغب في الأهلي وأرحب بالانتقال للزمالك    إجلاء مئات المواطنين هربا من ثوران بركان جبل كانلاون في الفلبين    القائد العام للقوات المسلحة يفتتح أعمال التطوير لأحد مراكز التدريب بإدارة التعليم والتدريب المهنى للقوات المسلحة    المؤتمر الطبي الأفريقي يناقش التجربة المصرية في زراعة الكبد    شقيق المواطن السعودي المفقود هتان شطا: «رفقاً بنا وبأمه وابنته»    لاستكمال المنظومة الصحية.. جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق    خالد الغندور يرد على اعتذار سيد عبدالحفيظ    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    استعدادا للعام الدراسي الجديد.. التعليم تُعلن تدريب معلمي المرحلة الابتدائية ب3 محافظات    وزير الخارجية الإيطالي: لم نأذن باستخدام أسلحتنا خارج الأراضي الأوكرانية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة مع نهاية تعاملات اليوم الثلاثاء    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    عيد الأضحى 2024| ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يقترب من تحقيق 60 مليون جنيه بدور العرض    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    مصرع شخص في حريق ب«معلف مواشي» بالقليوبية    وزارة التعليم توجه تعليمات لطلاب الثانوية العامة استعداداً للامتحانات    إصابة 4 أشخاص في حادث سير بالمنيا    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    "تموين الإسكندرية" تعلن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية لاستقبال عيد الأضحى    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    أمير هشام: كولر يملك عرضين من السعودية وآخر من الإمارات والمدرب مستقر حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مصر وتونس.. الحل من الداخل وليس من الصندوق

يتشابه الاقتصاد المصري والتونسي بالعديد من المؤشرات، حيث يعاني كل منهما من عجز مزمن في الميزان التجاري السلعي، وعجز شبه مزمن في ميزان المعاملات الجارية، الذي يتضمن موارد ومدفوعات الموازين السلعية والخدمية وفوائد الاستثمار وتحويلات العمالة والمعونات، وكذلك من عجز مزمن في الموازنة العامة ويتوقع استمراره لسنوات عديدة قادمة، ووجود فجوة تمويل بين الاستثمار والادخار، وارتفاع معدلات الدين المحلى والخارجي، وارتفاع لنسب البطالة وانخفاض لنصيب الفرد من الدخل القومي.
كما أن هناك تشابها في المؤشرات الإيجابية لكل منهما، من حيث حدوث فائض شبه مستمر بميزان التجارة الخدمية، نتيجة إيرادات السياحة وبعض الخدمات الأخرى، كما تشكل تحويلات العمالة بالخارج نصيبا جيدا من موارد النقد الأجنبي بكل منهما.
فخلال الأعوام العشرين الماضية استمرت الواردات السلعية في كلا البلدين تزيد عن الصادرات السلعية، مما تسبب في عجز تجاري مستمر، إلا أن نسبة تغطية الصادرات للواردات في تونس كانت أعلى منها في مصر، ونظرا لكبر هذا العجز التجاري فقد استوعب الفائض في تجارة الخدمات وكذلك تحويلات العمالة والمعونات، ليحقق ميزان المعاملات الجارية غالبا عجزا، مما يدفع البلدين للمزيد من الاقتراض الخارجي نظرا لعدم كفاية الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة غالبا لتغطية العجز في الميزان الجاري.
استمرت الواردات السلعية في كلا البلدين تزيد عن الصادرات السلعية، مما تسبب في عجز تجاري مستمر، إلا أن نسبة تغطية الصادرات للواردات في تونس كانت أعلى منها في مصر، ونظرا لكبر هذا العجز التجاري فقد استوعب الفائض في تجارة الخدمات وكذلك تحويلات العمالة والمعونات، ليحقق ميزان المعاملات الجارية غالبا عجزا، مما يدفع البلدين للمزيد من الاقتراض الخارجي
وفي هذا الإطار لجأ البلدان إلى صندوق النقد الدولي ضمن لجوئهما للاقتراض من البلدان والمؤسسات متعددة الأطراف الدولية والإقليمية، حيث بدأت مصر بالاقتراض من صندوق النقد الدولي عام 1962 بقيمة 24.5 مليون دولار، وتبعه قرض في عام 1964 بقيمة 40 مليون دولار، ثم بقيمة 720 مليون دولار في اتفاق عام 1978، ثم سحب 147 مليون دولار من قرض عام 1991 البالغ 379 مليون دولار، تلاه قرض بقيمة 12 مليار دولار عام 2016، ثم قرضان بقيمة 8 مليارات دولار عام 2020 للمساعدة على مواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا، وأخيرا الاتفاق على مستوى الخبراء الشهر الماضي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهرا.
7 قروض لتونس من الصندوق
وتشابه الأمر مع تعدد مرات اقتراض تونس من صندوق النقد الدولي، والتي بدأت عام 1964 بقيمة 14.25 مليون دولار، ثم بقيمة 5.6 مليون دولار عام 1965، ثم بقيمة 9.6 مليون دولار عام 1966. وفي عام 2013 تم الاتفاق على قرض بقيمة 1.740 مليار دولار تم سحب معظمه، كما حصلت تونس في عام 2020 على قرض بقيمة 745 مليون دولار عام 2020 لمواجهة الآثار السلبية لفيروس كورونا، وأخيرا تم الاتفاق على مستوى الخبراء للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات.
وشهد كلا البلدين احتجاجات شعبية على الإجراءات التي يفرضها الصندوق كشروط للإقراض، حيث شهدت مصر انتفاضة الخبز عام 1977 في شكل مظاهرات شعبية حاشدة اعتراضا على رفع أسعار العديد من السلع الأساسية وأبرزها الخبز مرة واحدة، وتكررت انتفاضة الخبز في تونس عام 1984.
ورغم أن وصفة العلاج التي يقدمها الصندوق للدول النامية التي تسعى للاقتراض منه تكاد تكون واحدة، إلا أن هناك اختلافات قليلة في المطالب المصاحبة لقرضي العام الحالي بين البلدين. ففي مصر هناك تركيز على سعر الصرف المرن، وتوسيع نطاق الضرائب وخفض الدعم بكافة صوره سواء على السلع أو الخدمات، والخصخصة للشركات العامة وإتاحة المجال للقطاع الخاص وإزالة الحواجز الخاصة بالواردات.
رغم أن وصفة العلاج التي يقدمها الصندوق للدول النامية التي تسعى للاقتراض منه تكاد تكون واحدة، إلا أن هناك اختلافات قليلة في المطالب المصاحبة لقرضي العام الحالي بين البلدين
بينما تركزت المطالب في تونس حول سبل خفض العجز في الموازنة، من خلال توسيع القاعدة الضريبية وخفض فاتورة الأجور والإلغاء التدريجي للدعم، وإصلاح المؤسسات العمومية وترشيد الحوافز الاستثمارية، لكن يلاحظ التشابه في التركيز على الإصلاح المالي في كلا البلدين والإصلاح النقدي بشكل أكبر في الحالة المصرية، وليس علاج جذور المشكلات المزمنة في كلا البلدين.
وهكذا سيتجه القرض المرتقب بكلا البلدين لعلاج عجز الموازنة، أي أنه يتجه لمجال غير مُدرّ للعملات الأجنبية والتي يمكن من خلالها سداد أقساط وفوائد القرض الجديد، والنتيجة توقع تزايد أرصدة القروض، حيث أرفق الصندوق قرضه لمصر بإمكانية حصولها على قرض آخر بقيمة مليار دولار من صندوق فرعي تابع له، وحصولها على قروض بقيمة 5 مليارات دولار من دول ومؤسسات دولية وإقليمية خلال الشهور السبعة المقبلة.
وفي تونس تضمن بيان الإعلان عن الاتفاق على القرض الجديد، مناشدة الدول والمنظمات الإقليمية مد يد العون لتونس، وبما يعني إمدادها بمزيد من القروض، خاصة بعد بلوغ قيمة القروض الخارجية لتونس 41 مليار دولار في منتصف العام الحالي، بما فيها من أعباء لخدمة الديون.
44 مليار تكلفة الدين الخارجي العام المقبل
وهو ما يتكرر في مصر ببلوغ أرصدة قروضها الخارجية 156 مليار دولار في منتصف العام الحالي، وتبلغ قيمة أقساط وفوائد الدين الخارجي المصري متوسط وطويل الأجل في العام القادم 17.6 مليار دولار، بخلاف 26 مليار دولار لأقساط وفوائد القروض قصيرة الأجل، لتصل تكلفة خدمة الدين الخارجي في العام القادم إلى 43.6 مليار دولار.
وهذ ما سيتكرر في السنوات المقبلة، حيث تصل تكلفة الدين الخارجي في عام 2024 نحو 50.2 مليار دولار، شاملا القصير الأجل البالغ 26 مليار على الأقل، والمتوسط والطويل الأجل البالغ 24.2 مليار دولار. وهي أرقام مرشحة للزيادة في ضوء التوسع بالاقتراض، خاصة مع صعوبات عودة الأموال الساخنة للأسواق الناشئة في الأجل القصير، في ضوء استمرار الدول الكبرى في رفع معدلات الفائدة لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم والتي لم تنحسر بعد.
ونظرا لتوجه الجانب الأكبر من صادرات البلدين للاتحاد الأوروبي، حيث يرتبط كل منهما باتفاق مشاركة معه يكفل دخول منتجاتهما لبلاده بدون جمارك، فقد أشارت بيانات صندوق النقد الدولي الصادرة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لتوقع تراجع معدل النمو بدول اليورو في العام المقبل إلى نصف في المائة، مع توقع حدوث انكماش في كل من ألمانيا وإيطاليا والسويد.
وهذا ما يصعّب مهمة صادرات البلدين، والتي ستجد أيضا صعوبات في التمويل من الداخل، في ظل اعتماد الحكومتين على التمويل من الداخل مع صعوبات التمويل الخارجي، وكذلك صعوبة اعتمادهما على الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد من الدول الأوروبية، خاصة مع انحسار الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج من الدول الأوروبية في ضوء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وتدنى تصنيف كلا البلدين لدى مؤسسات التصنيف الدولية لدرجة غير استثمارية، وإن كان أكثر تدنيا بالحالة التونسية، حيث وصل إلى "CCC" حسب فيتش، وإلى "CAA1" حسب موديز بنظرة مستقبلية سلبية، وكذلك تأثير تراجع النمو الأوروبي على النصيب الكبير للدول الأوربية من السياحة الوافدة للبلدين.
لا بد من التوافق بين القوى السياسية في البلدين لتحقيق الاستقرار، وهو الأمر الكفيل بجذب قدر أكبر من التحويلات من المغتربين، وقدر من الاستثمارات العربية المتولدة من الفوائض النفطية والغازية التي تحققت مؤخرا، ويزيد من معدلات السياحة العربية والأجنبية، بما يعزز من موارد العملات الأجنبية، ويزيد من احتياطيات النقد الأجنبي
علاج العجز التجاري مفتاح الحل بالبلدين
وهكذا لن يكون قرض الصندوق هذه المرة المفتاح الذي يفتح باب اللجوء للأسواق الدولية للاقتراض كما حدث مسبقا، ولن تكفي قيمة قرض الصندوق وما سيصاحبه من قروض من الدول والمنظمات الأخرى لسد الفجوة التمويلية في كلا البلدين، والتي تتراوح في الحالة المصرية بين 40 و45 مليار دولار، لذا يصبح الملاذ الأكثر فعالية هو البحث عن حلول في الداخل لسد العجز التجاري الذي يمثل المشكلة المزمنة الأكبر في كلا البلدين.
ومن ذلك خفضُ الفجوة الغذائية وفجوة الطاقة لديهما، حيث تستورد مصر ثلث استهلاكها النفطي، بينما تستورد تونس غالب استهلاكها من النفط والغاز الطبيعي. وإذا كان اكتشاف حقل ظُهر للغاز الطبيعي في مصر قد ساهم في تحولها من استيراد الغاز إلى تصديره، فقد ساهم دخول حقل نوارة للغاز الطبيعي وحقل المنزل النفطي للإنتاج في تقليل فاتورة واردات الطاقة التونسية، مما يعني المضي في تحسين المناخ الاستثماري للقطاع الخاص المحلي في البلدين، والمزيد من الحوافز له بما يحقق المزيد من المنتجات والتشغيل، في ظل بطالة شباب مرتفعة وبطالة متعلمين مرتفعة في البلدين، بما لذلك من احتمالات لأثر سلبي على الاستقرار السياسي.
ولا بد من التوافق بين القوى السياسية في البلدين لتحقيق الاستقرار، وهو الأمر الكفيل بجذب قدر أكبر من التحويلات من المغتربين، وقدر من الاستثمارات العربية المتولدة من الفوائض النفطية والغازية التي تحققت مؤخرا، ويزيد من معدلات السياحة العربية والأجنبية، بما يعزز من موارد العملات الأجنبية، ويزيد من احتياطيات النقد الأجنبي، ويسد الفجوة الدولارية التي تأكد عمليا أن الحصول على العديد من القروض، من صندوق النقد الدولي قد فشل في علاجها، بل ساهم في تفاقمها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.