رصدت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية 554 انتهاكا ضد 224 امرأة داخل مقار الاحتجاز والسجون بمصر خلال عام 2020 فقط. وقالت المنظمة إن الانتهاكات شملت صورا عدة؛ كالإخفاء القسري الذي تم بحق 92 امرأة، وتعذيب 43 امرأة، أما عن سوء أوضاع الاحتجاز بحق نساء فقد تم رصد 191 حالة، كما حرمت 228 امرأة من حريتهن خلال الفترة ذاتها. وقالت مسؤولة الفريق الإعلامي ب”كوميتي فور جستس” شيماء البنا: “الواقع المرصود من قبل آليات المنظمة يؤكد أن القمع في مصر لم يفرق بين رجل وامرأة، وأن الظلم الواقع على المرأة من قبل النظام المصري، تعدى كل الخطوط الحمراء سواء داخل المجتمع المصري، أو مبادئ القانون الدولي والإنساني، ورصدنا العديد من الحالات التي تم فيها التحرش بالمحتجزات وتهديدهن بالاغتصاب”. وقالت "كوميتي فور جستس": إنه "بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق ال 8 من مارس كل عام، تتعرض المرأة المصرية لموجة غير مسبوقة من القمع والاعتداء على حقوقها، والانتقاص منها، ومحاولة إضفاء طابع قانوني على تلك الانتهاكات". وأضافت في التقرير الذي جاء بعنوان "بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة.. النساء في مصر (واقع ظالم.. ومستقبل مظلم!)" أن القمع غير مسبوق، موضحة أن المرأة المصرية باعتبارها من مكونات المجتمع المصري الأساسي، طالتها يد القمع من قبل الأجهزة الأمنية في مصر، وهو ما رصدته آليات العمل المختلفة بداخل المنظمة. ومن ضمن الحالات التي تم رصدها وتوثيقها من قبل مراقبي المنظمة، حالة آية أشرف محمد السيد، وهي محاسبة تعمل في شركة ملابس أطفال، تبلغ من العمر 23 عاما، وتقيم بالخانكة في محافظة القليوبية، واعتقلت على يد قوات أمن الانقلاب في 3 أكتوبر 2018، واقتيدت لمقر الأمن الوطني بشبرا الخيمة، حيث تعرضت للإخفاء القسري لمدة 119 يوما، من 5 أكتوبر 2018، وحتى 27 يناير 2019. تهديد بالاغتصاب تعرضت “آية” للعديد من الانتهاكات، حيث تم التحرش بها جسديا وتهديدها بالاغتصاب وتصويرها عارية أكثر من مرة أثناء التحقيق معها، وصعقها بالكهرباء لإجبارها على الاعتراف بالتهم الموجهة لها، وتهديدها باعتقال شقيقها ووالدتها، كذلك منعت عنها الزيارة لمدة شهرين، كما تم منع الأدوية عنها ما زاد من تدهور حالتها الصحية؛ فهي تعاني من سرعة الترسيب في الدم، ولم تحصل على حقن “البنسلين”، كذلك تم في 5 فبراير 2021 تجريدها من متعلقاتها بسجن القناطر، وتشريدها إلى عنبر الجنائي. كذلك حالة المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبد المنعم التي تبلغ من العمر 61 عاما وتم اعتقالها في 1 نوفمبر 2018، وتعرضت داخل أحد مقار الأمن الوطني للتعذيب النفسي والبدني، وظلت مختفية قسريا لما يقارب 20 يوم. تدهور صحي واستعرض تقرير المنظمة حالة المحامية والحقوقية هدى عبدالمنعم بالتفصيل؛ فهي معتقلة بسجن القناطر، حيث احتجزت في عنبر الدواعي العسكري؛ وهو عنبر معزول عن باقي السجن تماما، رغم أنها تعاني من جلطة مزمنة بالوريد العميق بالقلب، مع وجود جلطات ممتدة للرئة، وكذلك هي مريضة ارتفاع بضغط الدم، وتعاني من التهابات حادة بالمفاصل والعمود الفقري، وجلطة بقدمها اليمنى. وفي 22 نوفمبر 2020، تدهورت حالة المحامية المعروفة وشعرت بآلام شديدة، ما استدعى نقلها إلى مستشفى المنيل الجامعي، مع الاشتباه في إصابتها بالتهاب في الزائدة الدودية، وبعد إجراء التحاليل لها تم إبلاغها بأنها تعاني من توقف بالكلى اليسرى وتراجع بالكلى اليمنى، ومع ذلك رفضت إدارة السجن أو مستشفى المنيل السماح لها أو لأسرتها بالاطلاع على التقارير الطبية أو نتائج التحاليل. ورغم مرور أكثر من عامين على احتجازها على ذمة القضية 1552/2018 حصر أمن دولة عليا، في مخالفة لنص المادة 143 لقانون الاجراءات الجنائية رقم 145 لسنة 2006، فحتى الآن رغم محاولات محاميها وزوجها المحامي خالد بدوي لم يتم إخلاء سبيلها، حيث قدم مذكرة لمحامي عام أول نيابات أمن الدولة العليا للمطالبة بإخلاء سبيلها، كما أنه بتاريخ 25/11/2020 تم تقديم بلاغ للنائب العام لإخلاء سبيلها، لمرور عامين على احتجازها، وحصل على رقم 5861 لسنة 2020 عرائض النائب العام، ولكنها لا تزال رهينة الاحتجاز حتى الآن.
تقنين للتمييز وأضافت شيماء البنا أن: "النظام في مصر يسعى الآن لتقنين التمييز ضد المرأة؛ من خلال التعديلات المطروحة على البرلمان المصري (الانقلابي) بشأن قانون الأحوال الشخصية، والتي تحمل في طياتها الكثير من التمييز الموجه ضد المرأة المصرية، التي عانت ولا تزال تعاني من واقع قانوني مؤلم يتسم بالتمييز الصارخ". وتسحب تلك التعديلات أهلية المرأة القانونية في إبرام عقد الزواج، فتمنح الولي الحق في فسخ العقد قضائيا دون موافقتها، بالإضافة إلى عدم إقرار مشروع القانون بشهادة المرأة على عقود الزواج، وعدم الاعتراف بولاية الأم على أموال أطفالها القصر واقتصارها على الأب والجد دون غيرهما، حتى وإن كانت الزوجة هي المعيلة للأسرة بأكملها. ورأت المنظمة أن المشروع استمر في التمييز ضد المرأة المسيحية، بحرمها من حضانة أبنائها لو تحول زوجها إلى الإسلام. ودعت “كوميتي فور جستس” سلطات الانقلاب لاحترام الدستور المصري الذي ينص في مادته ال 40، على أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”، ووقف التمييز ضد المرأة في المجتمع المصري بكل أشكاله وأنواعه، والعمل على وقف ومراجعة التشريعات التي يوجد بها تمييز ضد المرأة. كذلك طالبت المنظمة بوقف الحملات الأمنية المسعورة ضد كل من يدافع عن حقوق المرأة في مصر، والتي بسببها يقبع الآن خلف قضبان السجون العشرات من المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة، في ظل واقع ظالم، ومستقبل مظلم للمرأة المصرية.